بات تخلي “القوى الشيعية” عن مسؤولية استهداف المنطقة الخضراء بصواريخ الكاتيوشا، السمة الابرز التي ترافق أي قصف للمنطقة، وفي ذات الوقت لم يوجه اتهام لأي جهة أخرى، وهذا ما دعا نائبا في ائتلاف النصر الى اعتبار عمليات الاستهداف بمحاولة لوضع المكون الشيعي بموضع اتهام امام الرأي العام الدولي، لكن محللا سياسيا كان له رأي مغاير، أكد فيه ان “الفصائل المسلحة” هي المستفيدة من الاستهداف ووصف بيانات الاستنكار بـ”المسرحية”.
ويقول النائب عن ائتلاف النصر علي الغانمي، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “كل القوى السياسية الشيعية، منصهرة مع الدور الحكومي وتعمل على بناء الدولة وتعزيز العلاقات الخارجية، وهذا الحديث عن القوى الشيعية الرسمية، فضلا عن وجود هيئة الحشد الشعبي التي تضم كافة الفصائل، لذا فقضية الاستهداف تتعلق بدور الدولة ومهامها في كشف من يتلاعب بأمنها”.
وحول الاتهام الموجه الى الفصائل المسلحة الشيعية، يوضح “اذا كانت هناك تهم لجهات، او الاشارة لاسماء معينة، فهذه الاسماء جميعها مرتبطة بالحشد وهي ضمن اطار الدولة، ومن يعمل بخلاف ذلك، فهو مخالف للقوانين والتعليمات والدستور وخارج اطار الدولة”، مبينا “بالتالي فالحكومة مسؤولة عن تشخيص هذه الجهات، من اجل ان يكف اللغط عن الجهات الاخرى”.
وبشأن علاقة ايران بهذه الاستهدافات، يؤكد النائب، وهو عضو في لجنة الامن والدفاع النيابية، ان “ايران دولة تحترم العلاقات الخارجية ولديها سفارات دول كثيرة، بالتالي هي تحقق الامن لذلك، وفي العراق، فان من مسؤولية الحكومة توفير الامن للسفارات ومنع اي استهداف لها”، مستدركا ان “السفارة الامريكية تعمل وسط بغداد، والاستهدافات مستمرة نحوها، لكن لم تقع أي قذيفة مقرها والمتضرر الاول هو المواطن البسيط والابرياء، ما يحول هذه الاعمال، الى اعمال تخريبية”.
ويشير الى ان “هذه العمليات لا علاقة لها باطراف الحشد، وهي تعمل على تضليل الرأي العام الدولي والمحلي، خاصة وان هناك بيانات تصدر ما انزل الله بها من سلطان في مواقع مفبركة ومجهولة ووهمية، وكل هذا من اجل وضع المكون الشيعي في موضع اتهام امام المجتمع الدولي”.
ويبدي الغانمي استغرابه من “الصمت الحكومي”، مبينا “نحن نؤمن نؤمن بالعلاقات الخارجية وتبادل المنفعة مع الدول، وهناك دول يجب ان تكون لها علاقة معنا، ونحن حكومة منطلقة من نظام ديمقراطي، وخلاف هذا يجب ان يواجه ويحاسب ويكشف للرأي العام من يخل بالامن ويقدم للمحاكم”.
وحول دور لجنة الامن والدفاع يبين “نحن في اللجنة متواصلين مع المسؤولين الامنيين، وهناك لجان تحقيقية في المؤسسات الاستخبارية، ولغاية الان لم تحدد اي جهة تنفذ الاستهداف، واذا حددت فيجب عليها ان تعلن عنها، كما ليس من حق الحكومة ان تتفاوض معهم، فهم يشكلون خطرا على البلد”.
ويوم امس (22 شباط فبراير الحالي)، تعرضت المنطقة الخضراء الى سقوط 3 صواريخ كاتيوشا حسب بيان خلية الاعلام الامني، اثنان منها سقطا داخل المنطقة الخضراء والثالث في منطقة الحارثية، وان انطلاقها كان من حي السلام (الطوبجي) غربي بغداد، نتج عنها أضرار في ٤ عجلات مدنية.
وبحسب الصور المتداولة، فأن الصواريخ سقطت في مرآب تابع لجهاز الامن الوطني والاخر سقط في مرآب ايضا للسيارات في منطقة الحارثية، دون تسجيل أي إصابات بشرية.
وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، علق اليوم الثلاثاء، على الاستهداف بـ”أن الصواريخ العبثية هي محاولة لإعاقة تقدّم الحكومة وإحراجها، وان الاجهزة الامنية ستصل الى الجناة وسيتم عرضهم أمام الرأي العام”.
ومن جانب القوى السياسية، فقد أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يوم امس الاثنين أن “استعمال السلاح والقصف واستهداف الدبلوماسية في العراق يزداد ويتعاظم.. فيزداد ويتعاظم الخطر على أرواح المدنيين من الشعب العراقي وتهون هيبة الدولة أكثر وأكثر، وما من رادع لهم أو حتى كاشف لهم ولأفعالهم”.
وتساءل الصدر في تغريدته التي نشرها على حسابه بموقع تويتر “يا ترى هل ترويع المدنيين والمواطنين وتعريض حياتهم للخطر يتلاءم مع المقاومة!؟ أم هو يشوه سمعتها ويضعف من شعبيتها في قلوب الشعب؟!. اتقوا الله وكفاكم (طفكة)”، داعياً الحكومة إلى أن “لا تقف مكتوفة الايدي”.
وبجانب الصدر، أكد زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي في تغريدة على تويتر أن “استمرار استهداف المنطقة الخضراء رغم القرار الواضح من الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية وبهذه الكيفية التي يحدث فيها في كل مرة سقوط صواريخ على المناطق السكنية دون حدوث أي إصابات حقيقية أو خسائر في السفارة تضع الكثير من علامات الاستفهام حول الجهة المستفيدة من ذلك”، مبينا “بالنسبة لنا فنحن نمتلك معلومات قد نفصح عنها في الوقت المناسب”.
الى ذلك، يؤكد المحلل الامني، العميد المتقاعد اعياد الطوفان في حديث لـ”العالم الجديد” أن “جميع القوى الشيعية راضية عن عمليات الاستهداف، والجميع يعلم من هي الجهة التي تنفذ، وكان بالامكان منعها او ردعها، لكنهم متفقون، ويظهرون للعلن بين مؤيد ورافض، حتى لا يكون هناك تأييد شامل لهذه العمليات”.
ويوضح أن “هذه العمليات لا تزعج الولايات المتحدة فقط، بل تزعج جميع دول العالم وحتى الشعب العراقي، خاصة وان المعلومات تشير الى استشهاد ضابط في الامن الوطني نتيجة استهداف يوم امس”، مضيفا ان “المستفيد من هذه العمليات هي الفصائل المسلحة المنفلتة، وما يصدر من بيانات استنكار هي تمثيلية وتبادل ادوار في مسرحية نهايتها تدمير العراق”.
وكان عام 2020، قد انتهى بتسجيل 38 استهدافا للمنطقة الخضراء، فضلا عن 38 استهدافا آخر لارتال الدعم اللوجستي التابعة للتحالف الدولي في العراق، وذلك بحسب احصائية خاصة أعدتها “العالم الجديد” حول نشأة الفصائل المسلحة الجديدة وعملياتها، التي أشتدت بعد اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني.