صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بعد «تصريحات المشهداني».. إجتماع طارئ لهيئة رئاسة البرلمان ورؤساء الكتل واللجان

تستمر تداعيات تصريحات رئيس البرلمان محمود المشهداني حول تعطيل جلسات وأحقية رواتب أعضاء مجلس النواب بالتوالي، إذ وصف النائب لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، اليوم الثلاثاء، تصريحات المشهداني بـ”المجحفة والمسيئة” لأعضاء المجلس، داعيا هيئة الرئاسة إلى اجتماع عاجل لتدارس المرحلة الراهنة.

ويشهد مجلس النواب، تعطيلا مستمرا لجلساته، عبر عدم تحقق النصاب القانوني لعقدها، رغم إعلان جدول الأعمال وتحديد موعد الجلسة، فمنذ 16 شباط فبراير الماضي لم يتمكن البرلمان من عقد جلسة له بسبب الخلافات السياسية بين الكتل حول بعض القوانين.

وقال المندلاوي في بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “مجلس النواب شهد قبيل نهاية العام الماضي أوج نشاطه وإنجازاته، حيث قطع شوطاً كبيراً من الناحية التشريعية ونجح في تمرير الكثير من القوانين المهمة التي انتظرها الشعب، منها الموازنة الثلاثية، والملاك الوظيفي، ورعاية ذوي الإعاقة، وجهاز الأمن الوطني، ومفوضية الانتخابات، ومكافحة البغاء وغيرها، فضلاً عن الدور الرقابي الذي مارسته اللجان النيابية باستضافتها للوزراء وكبار المسؤولين”.

ودعا النائب الأول، هيئة الرئاسة ورؤساء الكتل السياسية واللجان النيابية إلى “اجتماع عاجل لتدارس أولويات المرحلة الراهنة، وإعادة ضبط أداء المجلس وتنشيط لجانه، وأن يكون بمستوى التحديات والتهديدات التي تتربص بالعراق ودول المنطقة فهو مؤتمن على المصالح العليا و تمثيل الإرادة الشعبية”.

وأثارت تصريحات المشهداني، الجدل على مواقع التواصل الإجتماعي، إذ انتقد سياسيون وناشطون تلك التصريحات مؤكدين أنها تعزز الخطاب الطائفي في البلاد.

وقالت رئيس حركة إدارة حنان الفتلاوي عبر منصة “إكس”: “محمود المشهداني مهدداً: من يطرح فكرة إنشاء إقليم شيعي يجب أن يكون على دراية بمسار نهري دجلة والفرات!!!”، وأضافت: “مؤسف أن يصدر هذا التصريح من رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلد”.

وذكرت الفتلاوي في منشورها: “وصدق من قال (ليت لي رقبة كرقبة البعير كي أزن الكلام)، ما أحوجنا اليوم لشيوخ يلملمون الصف بدل التهديد بقطع الماء أو النفط”، مشيرة إلى أنه “لن نستغرب إذا خرج علينا من يهدد بقطع الچمة أو الباقلاء !!!”.

وكان رئيس البرلمان محمود المشهداني، قال، ليلة أمس، في حديث متلفز مع الزميل سامر جواد، إن “زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى العراق لم تشهد معارضة من الإطار أو تحالف إدارة الدولة”، فيما لفت إلى أن “جبهة الوسط والجنوب لا تستطيع استجواب وزير الخارجية فؤاد حسين، لأني لن أوقع ولا نوابي على الاستجواب”.

وأضاف أن “من يطرح فكرة إنشاء إقليم شيعي يجب أن يكون على دراية بمسار نهري دجلة والفرات، حيث استفرد الشيعة في النفط فسنقطع نحن المياه”.

وتابع أنه “يعتزم اللجوء إلى المرجعيتين السنية والشيعية لاستفتائهما بشأن أحقية النواب برواتبهم في ظل تعطيل واجباتهم”، مشيراً إلى أن “الأمر سيُناقش أيضاً مع قادة الكتل ورؤساء اللجان النيابية”.

وأضاف أن “شهراً كاملاً مرّ دون أي نشاط يُذكر، فكيف تُصرف رواتب لمن لا يعمل؟”.

 وردّاً على الانتقادات التي وُجهت له، خاصة خلال شهر رمضان، تساءل المشهداني: “هل أنشر لكم الفشل والخلافات التي عطّلت البرلمان؟، أم الجدل حول بعض القوانين؟، أم توقف المجلس النواب لمدة شهر ونصف؟”.

وكان النائب المستقل حسين السعبري، في 9 آذار مارس الجاري، عن وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.

ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالغالبية.

ويواجه تعطيل جلسات البرلمان جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا ان هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج الى عقد جلسات المجلس من اجل تشريعها وأبرزها قانون الحشد والموازنة و قانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب وقانون النقابات وقرار نظام المحاولات.

وفقًا للقانون الانتخابي رقم 12 لسنة 2018 المعدل، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يومًا من انتهاء الدورة البرلمانية.

وبناءً على ذلك، من المتوقع أن تُجرى الانتخابات المقبلة في أواخر نوفمبر تشرين الثاني 2025.

وخلال الفترة الماضية، شهدت جلسات البرلمان الكثير من التلكؤ، وخاصة بعد تمرير القوانين الجدلية في سلة واحدة، وحتى قبلها كانت الجلسات تشهد كسر النصاب احتجاجا على تمرير القوانين.

ووفقا للنظام الداخلي، فأن السنة التشريعية للبرلمان من المفترض ان تعقد فيها 64 جلسة، مقسمة بواقع 32 جلسة في كل فصل تشريعي، إلا أن البرلمان لم يحققها.

وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بـ”الضحلة”، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.

وتأخذ محاولة تمرير أي قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.

ويعد تعطل إقرار العديد من القوانين المهمة من شأنه إضعاف الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وفق ما يراه مراقبون للشأن السياسي، الذين ينتقدون لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية التي أدت لتأجيل قوانين مهمة يرتقبها الشارع العراقي.

ويواجه البرلمان العراقي، عقبات كثيرة تمنعه من ممارسة دوره الرقابي في إستجواب المسؤولين ممن أشرت عليهم ملفات إخفاق في العمل والأداء وشبهات فساد وغيرها، إذ أنه لم يجر إلا استجوابات بنطاق محدود جدا، على الرغم من التصريحات المتكررة من قبل نواب عن تقصير وفساد في مفاصل الحكومة.

إقرأ أيضا