بعد تعطيل لسنوات.. هل انتفت الحاجة لتشريع «قانون النفط والغاز»؟

تتصاعد حدة الصراعات السياسية في العراق لتلقي بظلالها على قانون النفط والغاز المنتظر منذ عقدين، مما يعطل الجهود الرامية لتنظيم استغلال الثروة النفطية وتوزيعها بين الأقليم والحكومة المركزية.

وفي هذا الإطار، اوضح عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، اليوم الأربعاء، أسباب عدم تشريع قانون النفط والغاز، لافتا الى ان الحاجة انتفت لتشريع هكذا قانون خصوصا بعد صدور قرارات قضائية حول ملف النفط والصادرات.

ومنذ الدورة الأولى لمجلس النواب العراقي، في عام 2005، ما زال مشروع قانون النفط والغاز حبيس الأدراج، إذ تحول الخلافات دون إقراره بصيغته النهائية، رغم مرور أكثر من عقدين على سقوط النظام العراقي السابق في عام 2003 الا ان أهم قانون يخص هيكلة الاقتصاد العراقي لم ير النور بشكل فعلي، ولم تتوصل الاطراف المعنية، سواء الحكومة الاتحادية او حكومة اقليم كردستان او المحافظات المنتجة للنفط، الى اتفاق نهائي.

وقال السورجي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “الاقليم كان ينتظر تشريع قانون النفط والغاز لحل جميع الاشكاليات المتعلقة بهذه الثروة بين بغداد واربيل، الا ان اليوم الوضع مختلف بعد صدور قرار قضائي من محكمة باريس لإيقاف تصدير النفط من كردستان باتجاه تركيا”.

واضاف ان “القرار القضائي الدولي اضافة الى قرار المحكمة الاتحادية نص على ان يكون النفط ملك الجميع، اي ان السلطة على هذه الثروة ستكون بيد الحكومة الاتحادية في بغداد”.

وبين ان “القرار القضائي منذ سنتين الزم الاقليم بعدم تصدير النفط باتجاه تركيا وجعل السلطة عليه تحت اشراف بغداد، لذلك فأن مسألة النفط والغاز وتشريع القانون الخاص به لن يكون لها داعي، خصوصا ان القرار القضائي جعل الايرادات النفطية تحت سلطة وإشراف بغداد”.

ويثير هذا التعطيل مخاوف من استمرار الخلافات التي تهدد استقرار الاقتصاد العراقي وتبقي ملف الثروة النفطية في دائرة التجاذبات السياسية.

وحدد وزير الثروات الطبيعية بالوكالة في حكومة كردستان العراق، كمال محمد، في 18 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، بداية العام المقبل موعدا لاستئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي.

وعزا عضو لجنة النفط والغاز النيابية النائب علي المشكور،في 15 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، سبب تأخر إقرار قانون النفط والغاز إلى نقاط خلافية يقف خلفها اقليم كردستان.

وأقر مجلس الوزراء العراقي، في 5 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، مقترح تعديل المادة (12/ ثانياً/ ج)، من قانون الموازنة الثلاثية رقم (13 لسنة 2023)، القاضي بتسليم النفط من إقليم كردستان العراق إلى شركة تسويق النفط (سومو) الحكومية.

يشار إلى أن قانون النفط والغاز قد أجري عليه ١١ تعديلاً ولم يصل إلى البرلمان مطلقاً.

وينص قانون النفط والغاز في العراق، الذي ينتظر التشريع منذ عام 2005، على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون منوطة بشركة وطنية للنفط، ويشرف عليها مجلس اتحادي متخصص بهذا الموضوع.

فيما ينص قانون النفط الكردستاني على أن وزارة النفط في الإقليم أو من تخوله تتولى مسؤولية التنظيم والإشراف على العمليات النفطية وكذلك كل النشاطات التي تتعلق بها من ضمنها تسويق النفط، وأيضا التفاوض وإبرام الاتفاقات وتنفيذ جميع الإجازات ومن ضمنها العقود النفطية التي أبرمتها حكومة الإقليم، كما ان للحكومة العراقية حق المشاركة في إدارة الحقول المكتشفة قبل عام 2005، لكن الحقول التي اكتشفت بعدها تابعة لحكومة الإقليم.

وقررت المحكمة الاتحادية العليا في 21 شباط فبراير الماضي، أن الحكومة الاتحادية ستكون المسؤولة عن دفع رواتب الموظفين العموميين في حكومة أربيل، مع خصم المبلغ المدفوع من المنبع في بغداد من حصة حكومة الإقليم، كما يجب على حكومة إقليم كردستان تقديم حسابات شهرية تفصل كل راتب مدفوع. وتعدّ هذه من الناحية الفعلية إعادة ضبط أكثر صرامة لصفقة “مدفوعات الميزانية لعائدات النفط” الأصلية المتفق عليها بين حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية في نوفمبر 2014.

ولا توجد إحصائيات حكومية عن النفط المصدر من إقليم كردستان، لكن وزارة النفط العراقية نشرت تحليلا في ايار مايو 2023، قالت إن حكومة الإقليم ارتكبت “مخالفات قانونية وإجرائية” في بيع النفط تسببت بخسائر كبيرة.

وتشكل العوائد المالية لحكومة الإقليم نسبة لا تزيد عن 80 في المئة كمعدل بعد استقطاع كلف الإنتاج (كلفة إنتاج برميل النفط)، بينما تشكل العوائد المالية لجولة التراخيص الأولى والثانية (أقامتها بغداد)  من 94.5 في المئة إلى 96.5 في المئة، وإن كلفة الإنتاج تعادل (4) أضعاف كلف الإنتاج في جولات التراخيص لوزارة النفط الاتحادية. بحسب وزارة النفط

ويصدِّر العراق ما معدله 3.3 ملايين برميل من النفط الخام يوميا، ويشكل الذهب الأسود أكثر من 90 في المئة من موارد الخزينة العراقية.

وشكلت الحكومة في آب أغسطس 2023 لجنة لوضع مسودة لقانون النفط والغاز وعرضها على الحكومة، لغرض التصويت عليها ومن ثم تمريرها لمجلس النواب، حيث ضمت اللجنة كلا من وزير النفط ووزير الموارد الطبيعية في إقليم كردستان ومدير عام شركة “سومو”، والكادر المتقدم في وزارة النفط الاتحادية، فضلا عن المحافظات المنتجة كالبصرة وذي قار وميسان وكركوك.

ومنذ سنوات، لم تحسم النقاط الخلافية بين بغداد وأربيل، لكن السوداني كشف مؤخرا، عن التوصل إلى اتفاق مع أربيل حول هذه النقاط، إلى جانب تضمين منهاجه الوزاري حسم هذه البنود، وأبرزها تشريع قانون النفط والغاز وتنفيذ المادة 140 بشأن المناطق المتنازع عليها.

وأصدرت المحكمة الاتحادية، في منتصف شباط فبراير 2022، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، على أن يكون التصدير عن طريق بغداد حصرا، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.

إقرأ أيضا