لا يميز الحر الشديد بين الطبقات الاجتماعية في العراق، لاسيما مع انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة في اليوم، حيث تلجأ الكثير من الأسر إلى المولدات الكهربائية فيما يصبح التكييف في المنازل ترفا في بلد غني بالنفط لكنه يعاني من تهالك البنى التحتية لعقود.
ومع اختلاف سبل مواجهة ارتفاع درجات الحرارة في العراق، بين الأنهر وصالات المسابح الترفيهية التي فيها مياه وتكييف، دعت منظمة العمل الدولية، اليوم السبت، الحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات فعّالة لتحديد ساعات العمل لمواجهة الحر الشديد في البلاد.
إذ ذكرت المنسقة القطرية للمنظمة في العراق مها قطاع، في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، أن “العراق يُعد واحداً من البلدان الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية في المنطقة العربية”، فيما شددت المنظمة على أهمية تحديث الإطار القانوني المتعلق بالسلامة والصحة المهنية، وتطوير الإجراءات اللازمة لحماية العمال من ارتفاع درجات الحرارة الشديد خلال فصل الصيف”.
وأكدت أن “الحكومة العراقية يجب أن تقوم بنشر معلومات دقيقة حول المخاطر المرتبطة بالإجهاد الحراري، وتعزيز أهمية التدابير الوقائية، وتشجيع أصحاب العمل على توفير التدريبات للعمال حول إدارة الإجهاد الحراري وسبل التعامل معه”.
وأضافت المنظمة أن “العمال في القطاعات المكشوفة مثل البناء والزراعة يُعدون من أكثر الفئات عرضة للخطر، حيث يمكن أن ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات تفوق الخمسين درجة مئوية، مما يتسبب في آثار صحية خطيرة”.
وفي سياق متصل، أشارت المنظمة إلى أن “قانون العمل العراقي والتعليمات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية يوفران الإطار القانوني الضروري لحماية العمال من المخاطر المهنية، وتحدد مسؤوليات الحكومة والشركات في هذا المجال”.
واختتمت منظمة العمل الدولية دعوتها إلى “الحكومة العراقية وكافة الشركاء المعنيين بالعمل سوياً لتنفيذ الإجراءات اللازمة، من أجل حماية صحة وسلامة العمال في ظل التحديات المتزايدة المتعلقة بالإجهاد الحراري في بيئات العمل”.
ويعني “الإجهاد الحراري” بحسب منظمة العمل الدولية، وصول درجة الحرارة إلى مستوى يتجاوز ما يمكن أن يتحمله الجسم، وهو ما يحدث عادة عند درجات حرارة تتخطى 35 درجة مئوية، في مناخ عالي الرطوبة.
وتشكل الحرارة الزائدة أثناء العمل خطراً على الصحة المهنية، إذ تحد من الوظائف والقدرات الجسدية للعمال ومن قدرتهم على العمل وبالتالي تضر الإنتاجية، وفي الحالات الشديدة، يمكنها أن تسبب ضربة شمس قد تكون مميتة.
يشار إلى أن عدد من المسابح في العراق شهدت خلال أيام عيد الأضحى المبارك، اكتظاظا غير مسبوق للتخفيف من حدة الحر بعد انقطاع الكهرباء والارتفاع الكبير بدرجات الحرارة في البلاد.
وأصدرت وزارة الصحة، في 20 حزيران يونيو الجاري، 7 إرشادات للوقاية من ارتفاع درجات الحرارة وهي عدم الخروج من البيت والتعرض للشمس أو للجو الحار وخاصة خلال الساعات الأكثر حرارة وهي المحصورة بين الساعة (10) صباحاً وحتى (4) عصراً إلا للضرورة القصوى، وان استدعى الخروج إلى خارج البيت أو المؤسسة خلال الساعات الأكثر حرارة فيجب إرتداء ملابس خفيفة وفاتحة الألوان مع قبعة واسعة الحواف أو حمل مظلة شمسية ولبس نظارات شمسية وتجنب المشي تحت أشعة الشمس المباشرة والمشي في مناطق الظل.
وأضافت “عدم السباحة في الأنهر أو ممارسة الرياضة تحت أشعة الشمس المباشرة وشرب الماء والسوائل بكميات كبيرة وبشكل متكرر بما لا يقل عن (3) لتر يوميا مع تناول الفاكهة والخضروات للحفاظ على الجسم وترطيبه، إذا كنت مصابا بأحد الأمراض المزمنة فعليك مراجعة أدويتك مع طبيبك المختص واسترح في أماكن باردة عند شعورك بأعراض الإجهاد الحراري كالدوخة والغثيان والصداع الشديد ولا تتردد في طلب المشورة الصحية.
وشهد هذا البلد في السنوات الأربع الأخيرة موجات جفاف متتالية اتسمت بنقص في المياه وانخفاض ملحوظ في مستوى الأنهار. لكن هذا الشتاء كان أكثر اعتدالا ورحب المسؤولون بالأمطار الغزيرة التي يأملون أن تحسن الوضع خلال الصيف.
لكن في بلد يتميز “بمناخ شبه صحراوي”، يتوقع أن تكون “السنوات القادمة أكثر حرارة” ويشهد “موجات حارة غير مسبوقة” نتيجة التغيرات المناخية بحسب المتحدث باسم الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي عامر الجابري.
ويتوقع أن تتخطى درجات الحرارة 50 مئوية هذا الأسبوع في أكثر من نصف محافظات البلاد، بينها بغداد وأخرى جنوبية، وفقا لتقرير لهيئة الأنواء الجوية العراقية.