سلط قرار وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، القاضي بمعاقبة الضباط الذين يرتادون النوادي الليلية، الضوء على ما يجري داخل تلك النوادي، انسجاما مع قانون قوى الأمن الداخلي الذي يضع الكثير من المحددات أمام تلك الشريحة، وفيما كشف مصدر عن نوعية الضباط الذين يرتادون تلك الأماكن وطبيعة الخدمات التي يقدمونها أو يحصلون عليها، أكد مختصون أهمية القرار في منع المخاطر الأمنية بسبب وقوع العديد من هؤلاء الضباط في حبائل الفساد وتعرضهم للابتزاز.
ويقول الخبير القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الضباط لا يملكون حرية شخصية في ارتياد بعض الأماكن، خصوصا النوادي الليلية، فالضابط يمثل مرسوما جمهوريا، وهذا المرسوم رتبة عليا وتمثيلها يحتاج إلى الانضباط والالتزام أثناء الواجب أو حتى خارجه”.
ويوضح التميمي “لا يجوز للضابط ارتياد النوادي الليلية، بل حتى المقاهي، ولا يجوز له الوقوف في الطوابير بالأماكن العامة أو التنقل من خلال وسائل النقل العامة، وهذا الأمر ضمن قانون الأمن الداخلي، لذا كان توجيه وزير الداخلية في محله وهو قانوني وصحيح ولا غبار عليه”.
ويضيف أن “أي ضابط يخالف توجيهات وزير الداخلية بشأن التواجد في هذه الأماكن، مهما كانت رتبته، يعرض نفسه إلى المحاسبة، بل سيُشكل بحقه مجلس تحقيقي فإذا ثبت تواجده في النوادي الليلية أو غيرها من الأماكن التي يمنع تواجد الضابط فيها، حتى وإن حصل ذلك خلال إجازته”.
يشار إلى أن الشمري، وخلال اجتماعه يوم أمس الأربعاء، مع مديرية أمن الأفراد، أكد أن العقوبة ستكون شديدة على الضباط الذين يرتادون النوادي الليلية.
يذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي، تعج بفيديوهات من داخل النوادي الليلية لضباط من مختلف الصنوف الأمنية، وهم يقدمون التحايا لبعضهم أو لبعض القادة أحيانا، كما تنشتر أيضا مقاطع لنساء مشهورات يستقوين بعلاقاتهن مع الضباط في وزارة الداخلية وغيرها، خلال أي مشكلة تواجههن في الشارع.
ومن أشهر الفيديوهات هو اتصال إحدى الشخصيات النسائية المشهورة، بضابط رفيع في الداخلية لغرض فتح نقطة تفتيش وتمرير عجلتها من بين الزحام المروري، وقد أثار هذا المقطع في العام الماضي، لغطا كبيرا استدعى من المسؤول الذي ظهر اسمه في الفيديو، إصدار بيان نفي علاقته بهذه الحادثة.
من جانبه، يفيد العميد المتقاعد والخبير في الشأن الأمني عدنان الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هناك خطورة كبيرة جدا بتواجد الضباط في النوادي الليلية، فهذا الأمر سيتسبب بإنفاقه أموالا كبيرة، قد تدفعه إلى المساومة على أي شيء مقابل حصوله على الأموال أو تلك الملذات، أو توقعه ضحية للابتزاز من خلال صور وفيديوهات معينة”.
ويبين الكناني إلى أن “راتب الضابط لا يكفي لأن يكون من مرتادي هذه الأماكن، وهذا الأمر قد يدفع بعض الضباط إلى التورط في أعمال فساد ورشاوى وغيرها من أجل الحصول على الأموال حتى يذهبوا إلى النوادي الليلية، ولذا فإن قرار تشديد العقوبات بحقهم قرار حكيم ويمنع الكثير من المخاطر الأمنية”.
ويبين “وفق قانون قوى الأمن الداخلي، لا يحق لأي ضابط حتى في إجازته التردد على المقاهي أو التحدث بصوت عال في الأماكن العامة والتنقل من خلال وسائل النقل العامة، وغيرها من الإجراءات، لكن بعد الاحتلال عملت القوات الأمريكية على جعل الضابط فوضويا، بحيث يترك هذه الفقرات، ولذا فإن توجيه وزير الداخلية حكيم ويحفظ هيبة الضابط العراقي”.
وقد نشرت “العالم الجديد” الشهر الماضي، تقريرا موسعا حول علاقة ضباط في جهاز المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى، بالمشاهير من النساء، تحت عنوان: قصة المخابرات والفاشينستات بالعراق.. علاقات “مشبوهة” ومنافع متبادلة وتوظيف على طريقة صفوت الشريف.
إلى ذلك، يفيد مصدر أمني مطلع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الكثير من الضباط يرتادون النوادي الليلية، وبعضها محمي من قبل هؤلاء الضباط، وكل هذه الأفعال مؤشرة منذ فترة طويلة لدى وزارة الداخلية، وكافة تفاصيل روادها من الضباط معروفة”.
ويتابع المصدر أن “الضباط الذين يرتادون هذه النوادي، هم من رتبة ملازم أول إلى رتبة عميد، وهي إما في أربيل عندما يذهبون في أوقات الإجازة أو في بغداد بمناطق الكرادة وشارع السعدون”، مبينا أن “وجود الضباط في هذه النوادي، في الأغلب لا يكون لأجل المتعة أو السهر فقط، بل لإبرام اتفاقات وأعمال مع تجار وشخصيات أخرى، وقبض عمولات وتسهيل مهام لبعض الشخصيات”.
ويؤكد أن “هذه الأماكن تعتبر موقعا مفضلا للضباط لمزاولة أعمالهم الأخرى، لما توفره من أمان لهم، فضلا عن عدم معرفتهم من قبل الزبائن الآخرين، ولكونها تمنحهم مساحة للتحدث بحرية، نظرا لعدم سماع الأصوات بين الجالسين بسبب صوت الموسيقى المرتفع جدا”.
وأعلنت وزارة الداخلية، مطلع العام الحالي، عن فتح تحقيق مع ضابط ظهر وهو “ينثر الأموال” في نادٍ ليلي ببغداد، وهو أحد ضباط مديرية شرطة محافظة بغداد/ أفواج الطوارئ، وكان، بحسب الفيديو الذي انتشر في وسائل التواصل، يقدم التحايا إلى مجموعة من الضباط الآخرين، وفي حينها أكدت الوزارة أن هذا التصرف ينافي التعليمات والضوابط العسكرية.