على وقع خطر الجفاف الذي يعصف بالأهوار العراقية، ويهدد بتبديد ثرواتها السمكية والحيوانية ولا سيما من الجواميس، التي يعتمد كثيرون من سكانها على رعيها وتربيتها، مازالت دول المنبع تركيا وإيران يتعمدان قطع المياه عن العراق.
ومع تحول غالبية مناطق الأهوار إلى أراض قاحلة وجفاف 40 بالمئة منها، كشفت وزارة الموارد المائية، اليوم الخميس، عن “أمل ” يعيد الحياة لها من جديد.
ويضم العراق ثلاثة أهوار رئيسية، هي هور “الحويزة” الواقع على الحدود الإيرانية، وهور “الحمّار”، وأهوار الفرات التي تمتد من مناطق شمال وغرب محافظة البصرة وجنوب منطقة العمارة إلى قرب مصب دجلة والفرات في الخليج العربي.
اذ قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال في مقابلة متلفزة تابعتها “العالم الجديد”، إن “الأهوار ليست مسطحاً أو خزاناً مائياً بل منظومة بيئية أركيولوجية وإرث حضاري وجزء من هيبة العراق القديم والحديث وهي لا تأخذ حصة واضحة من المياه مثل متر مكعب في الثانية، وإنما نسبة من الإيرادات المائية وعندما تنخفض الإيرادات في العراق فإنها بدورها تنخفض في الأهوار ونسبتها 8 – 10 من عموم الإيرادات”.
وأضاف أن “مساحة هور الحمار مثلاُ تقترب من 3 آلاف متر مربع في موسم الفيضان، وفي نهاية الصيف تتقلص إلى 700 متر مربع”، مبيناً “اننا فقدنا 40 بالمئة من الأهوار في الفترة القريبة وهي قابلة للاسترداد حيث أنه في أي سنة فيضانية تمتلئ الخزانات وتذهب المياه الاضافية إلى الأهوار”.
وتابع أن “كل المياه الموجودة في السدود التركية حالياً وتترواح نسبتها بين 30 – 40 مليار متر مكعب كانت في السابق إيرادا متحققاً للعراق وتذهب إلى الأهوار وشط العرب وبحيرة الثرثار”.
يشار إلى أن غالبية مناطق الأهوار حالياً شبه خالية من السكان، بينما كانت الحياة فيها قبل سنوات قليلة مزدهرة، سواء القطاع السياحي، أو صيد الأسماك والطيور، أو تربية المواشي، حيث تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى أراض قاحلة.
وشهدت الاهوار العراقية العام الماضي، اقسى موسم جفاف منذ إعادة اغمارها بالمياه من جديد بعد عام 2003، بحسب الخبير البيئي جاسم الاسدي.
وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.
واصبحت تربية الجاموس “عبّ” على عاتق المربين فغياب المراعي الخضراء أدى إلى ارتفاع “العلف النباتي” من 300 الف دينار للطن الواحد إلى 800 الف.
ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.
وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.
وأعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في 17 كانون الثاني يناير الماضي، موافقة العراق على الانضمام إلى تحالف سيشكل لضمان حماية مصادر المياه.
يذكر أنه في ديسمبر كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، أن العراق يواجه أزمة مياه خطيرة بسبب تغير المناخ، وجفاف الأراضي الرطبة المدرجة على قائمة اليونسكو ضمن لائحة التراث العالمي.