يستمر الحديث حول تعديل قانون الموازنة خلال جلسة البرلمان الثلاثاء الماضي، في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة العراقية تحديات اقتصادية كبيرة خاصة وأن صرف الموازنتين السابقتين وتحديدا الاستثمارية منها لم يكتمل لنقص السيولة.
إذ أكد عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي، اليوم الخميس، وجود “مخالفات قانونية ودستورية” من قبل الحكومة في إرسال قانون الموازنة إلى مجلس النواب، مشيراً إلى العمل على تعديل القانون وإعادته إلى الحكومة.
يشار إلى أن المادة 77/ثانياً من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023، التي تنظم إعداد الموازنة الثلاثية، تنص على أن “تقوم الحكومة بإرسال جداول الموازنة للسنتين 2024 و2025 إلى مجلس النواب للموافقة عليها قبل نهاية العام المالي السابق.
وقال الكرعاوي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “المادة 77 / ثانياً من قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2023 -الموازنة الثلاثية- أشارت إلى أن على مجلس الوزراء إرسال جداول الموازنة قبل انتهاء السنة المالية، وتفاجأنا بالحقيقة في إرسال تعديل نص واحد من الموازنة فقط، وهو نص للمادة 12 المتعلق بكلف استخراج النفط في إقليم كردستان”.
وأضاف أن “عدم إرسال الجداول بالوقت المحدد يعتبر مخالفة قانونية ودستورية، وكذلك إذا مضت الحكومة بتعديلات للبنود فهناك الكثير من البنود تحتاج إلى تعديل وإنصاف الكثير من الشرائح، وبالتالي ثبتنا ملاحظاتنا في جلسة يوم الثلاثاء عند القراءة الأولى لتعديل قانون الموازنة”.
وأكد الكرعاوي “نحن نعمل على إعادة تعديل قانون الموازنة وإرساله إلى الحكومة للعمل على تعديلات عامة للقانون، ليكون التعديل منصفاً لجميع شرائح المجتمع ومعالجة المشاكل في الموازنة السابقة”.
وشمل التعديل على قانون الموازنة خلال، جلسة الثلاثاء الماضي، فقرة واحدة وهي كلف إنتاج نفط إقليم كردستان، حيث أن المبلغ السابق كان قليلاً جداً، وبعد دراسة ومناقشات ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم توصلوا الى ان يكون التقدير آني لتمشية المشكلة وحلها ويكون (16) دولاراً للبرميل الواحد، لحين الحصول على الجواب النهائي من اللجنة الاستشارية المتخصصة في تحديد كلف الإنتاج بالتنسيق مع حكومة الإقليم وشركات الإنتاج العاملة في الحقول، بحسب عضو المالية النيابية جمال كوجر.
وناقشت اللجنة المالية، في 26 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، المواد المتعلقة بمشروع قانون التعديل الاول لقانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية (2025-2024-2023) رقم (13) لسنة 2023، فيما يتعلق بالية تصدير النفط في الإقليم ومتابعة كلف الانتاج، حيث تم التأكيد على ضرورة انضاج القانون بما يلبي المتطلبات، مع الحاجة إلى جمع بيانات مفصلة بالأرقام والجداول لتحقيق الهدف من التعديل المناسب.
وبحثت اللجنة المالية من جانب آخر ملف مقترح التعديل الاول لقانون الهيئة العامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية رقم (55) لسنة 2017.
الجدير بالذكر أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وحذر مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، في 10 أكتوبر تشرين الأول الماضي، من أن العراق قد يواجه أزمة مالية في موازنة عام 2025 بسبب الانخفاض المستمر في أسعار النفط، الذي يشكل المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
كما أكد صالح، في 8 تشرين الأول أكتوبر الماضي، أن وزارة المالية بصدد إعداد جداول الموازنة العامة لعام 2025، مبينا أنه “جداول الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2025 ستكون نابعة من ثوابت قانون الموازنة الاتحادية رقم 13 لسنة 2024 ، مع الأخذ بنظر بالاعتبار الظروف الاقتصادية الدولية والإقليمية وتبدلاتها، بما يضمن تكيف أحكام جداول الموازنة لعام 2025 ضمن النصوص القانونية المتوافرة، إضافة إلى الاعتماد على أداء مؤشرات جداول الموازنة العامة للعام 2024”.
وأكد أن “مشاريع الإعمار الكبرى ستواصل تقدمها وفق رؤية البرنامج الحكومي لضمان استمرارية معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي عموماً والنتاج المحلي الاجمالي (غير النفطي) خصوصاً”.
يذكر أن عضوا في اللجنة المالية النيابية، كشف أن اللجنة ستناقش موازنة 2025، في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وسط تأكيده على أن رواتب الموظفين مؤمنة بشكل تام.
وكان الخبير في الشأن المالي أحمد التميمي، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يعاني من فقدان السيولة المالية، ولذا فإنه لم يستطع تنفيذ كل موازنة 2023 وكذلك 2024، ولا نعتقد انه سوف يستطيع تنفيذ كامل فقرات وجداول موازنة 2025”.
يذكر أن مجلس النواب صوت في 12 حزيران يونيو 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة وكذلك عدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليونا و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار.
يشار إلى أن الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير، وفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، وفيه أكد متخصصون بالاقتصاد أن هذا الأمر سيجبر الدولة على الاقتراض.