صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بعد رمضان.. الصدر يعود إلى السياحة السياسية

مع بدء الحراك الانتخابي المبكر في العراق وتشكيل التحالفات الجديدة إستعدادا للإنتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الأول أكتوبر المقبل، تتصاعد التكهنات والتساؤلات حول مشاركة التيار الوطني بزعامة مقتدى الصدر فيها.

وفي هذا الإطار، كشف القيادي في الإطار التنسيقي، رحمن الجزائري، اليوم الأحد، عن عودة التيار الوطني الشيعي العراقي “التيار الصدري سابقاً” بزعامة مقتدى الصدر،بعد شهر رمضان المقبل، فيما أكد “التيار” هو الأول شيعياً، وسيكون الأوفر حظا بالانتخابات.

وتصاعد في الآونة الأخيرة الحديث عن حراك لقادة الإطار التنسيقي، نحو الصدر، لدفعه للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما يرى مراقبون أن الانقسامات داخل قوى الإطار هي التي تدفع القوى الإطارية لدعوة التيار للعودة إلى العمل السياسي.

وقال الجزائري في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “هناك جلسات للقيادات السياسية للتداول حول التحالفات الجديدة لخوض الانتخابات المقبلة، وهناك اختلافات في وجهات النظر، وكما للسنة تحالفات هناك للشيعة تحالفات أيضاً، لكن تحالفات الشيعة تختلف عن السنة، باعتبار أن الكتلة الأكبر أو التيار الوطني الشيعي الممتد جذوره من التيار الصدري غير واضح لحد الآن”.

وأضاف أن “هناك ضبابية بدخول التيار الوطني الشيعي الانتخابات المقبلة، لكن القيادي بالتيار الصدري والمقرب من مقتدى الصدر، حازم الأعرجي، أبلغني في لقائي الأخير معه بأن الصدر قد يصدر إعلاناً بعد شهر رمضان بدخول التيار الصدري الانتخابات رسمياً”.

وأوضح، أن “دخول التيار الشيعي الوطني (التيار الصدري) الانتخابات سيبرز التساؤل الأهم، وهو مع من سوف يتحالف، فهو يشكل قاعدة جماهيرية كبيرة للشيعة، بل هو الأول لهم، لذلك من يتحالف معه ويتقرب منه سيكون الأوفر حظاً في الانتخابات”.

وأشار الجزائري، إلى أن “هناك انسحابات لنواب وتحالفات تجري حالياً داخل الكتل والأحزاب، ومن تلك الانسحابات على سبيل المثال عالية نصيف التي انسحبت من دولة القانون، وهي حالياً في حاضنة تيار الفراتين المرتبط برئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وهناك نواب ربما ينسحبون من بدر ويذهبون مع التيار الوطني الشيعي الذي يقوده مقتدى الصدر، كما في دولة القانون هناك من يروم الدخول وربما فتح ورقة جديدة مع تيار الفراتين”.

وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.

وكان الكاتب والمحلل السياسي مجاشع التميمي، أكد، أمس السبت، لعدد من وسائل الإعلام من بينها “العالم الجديد”، إن “زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حينما انسحب من المشهد السياسي وضع شروطاً للعودة، ولغاية الآن هذه الشروط تصطدم برفض من قبل قوة الإطار التنسيقي، خصوصاً في موضوع تقديم المتهمين بجرائم الفساد للقضاء العراقي وضبط السلاح الموجود خارج الدولة وغيرها من الشروط التي لم تتحقق لغاية الآن”، مبينا أأن “عودة التيار الصدري إلى المشهد السياسي مرتبطة بإعلان رسمي من قبل زعيم التيار مقتدى الصدر، ولغاية الآن وعلى الرغم من كل البوادر والمؤشرات، وحتى المعلومات الخاصة التي تشير إلى عودة الصدريين للسياسة، لم يعلن الصدر عن أي خطوة بشأن ذلك.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 10 شباط فبراير الجاري، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرة إلى أن مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب.

وأكد مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، في حينها، عن اجتماعات سياسية غير معلنة للشروع بتغيير أربع نقاط من قانون الانتخابات.

وقدم النائب عامر عبد الجبار، مقترح قانون “الحوافز الانتخابية” موقعاً من عشرة نواب، إلى رئيس البرلمان، الذي وافق بدوره على المقترح وأحاله إلى اللجنة القانونية.

ونصّ مقترح القانون على أن يُمنح الموظفون من المدنيين والعسكريين المشاركون في التصويت كتاب شكر مع احتساب خدمة إضافية لمدة ستة أشهر، أما المواطنون الذين يشاركون في الانتخابات ويدلون بأصواتهم فستُمنح لهم الأولوية في التعيين ضمن الوظائف الحكومية.

ويشمل المقترح منح كل مُصوّت من المشمولين بالالتزامات الضريبية من العاملين في القطاع الخاص بمختلف القطاعات إعفاءً ضريبياً يصل إلى مليون دينار عراقي للمشاركين في التصويت مما يخفف العبء المالي عليهم، وبالنسبة للمواطنين المشمولين بدفعات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل، فسيتم منحهم أولوية في إنجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارة.

وكان عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، أكد في 14 كانون الثاني يناير الماضي لـ”العالم الجديد”، أن “الحديث عن نية مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات لا يتعدى كونه تصريحات فردية وليس له وجود داخل المجلس أو اللجنة القانونية النيابية لغاية الآن”، مبينا أن “اللجنة لم يصل لها أي مقترح حول ذلك، وبحال وجود قرار سياسي أو اتجاه للتعديل، فبالتأكيد سيمر عبر اللجنة القانونية أولا، ثم يتم رفعه لرئاسة البرلمان ليوضع على جدول الأعمال”.

وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.

وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.

وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.

وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.

يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018”.

وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.

وقرر الصدر، في حزيران يونيو 2022 الانسحاب من العملية السياسية في العراق، وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة “الفاسدين”، بعد دعوته لاستقالة جميع نوابه في البرلمان والبالغ عددهم 73 نائباً.

إقرأ أيضا