يبدو أن أزمة رواتب موظفي كردستان والتي شغلت الأوساط الشعبية والسياسية منذ أشهر، قد وصلت إلى طريق مسدود رغم الوفود المستمرة بين بغداد وأربيل لحل هذا الملف الشائك.
إذ رأى عضو اللجنة المالية السابق احمد الحاج رشيد، اليوم الاثنين، أنه لا يوجد أمل لحل أزمة رواتب كردستان بشكل جذري، مؤكدا أنها ستتكرر كل شهر لعدم التزام حكومة الاقليم بتسليم 50% من الإيرادات الداخلية.
وقال الحاج رشيد في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “هذه القضية ستجدد شهرياً، وفي كل مرة تذهب الوفود وتجرى الاتصالات، على أمل إيجاد الحلول الوقتية”.
وأضاف أن “أصل المشكلة معروف، وناتج عن عدم التزام حكومة اقليم كردستان بتنفيذ بنود الاتفاق الخاص بين الحكومتين، وعدم الالتزام من قبل حكومة الاقليم بتسليم 50% من الإيرادات الداخلية منذ اكثر من 6 أشهر، وهذا التعنت والمراوغة من قبل الأحزاب الحاكمة أدت لخلق هذه الأزمة التي انهكت المواطن الكردي”.
وأشار إلى أنه “لا يوجد أمل بحل جذري لأزمة الرواتب نهائيا وستبقى مرهونة بحلول مؤقتة فقط”.
إلى ذلك، أفادت مصادر مطلعة، اليوم الأثنين، بأن الوفد الكردي الذي وصل بغداد يوم أمس لم يحقق أي شيء يذكر بشأن أزمة الرواتب.
وقالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “الوفد الكردي المتواجد في بغداد منذ يوم أمس، لم يحقق أي شيء يذكر في حل أزمة رواتب الإقليم”.
وأضافت أن “الوفد لم يلتقِ وزيرة المالية الاتحادية طيف سامي، بعد أن كان اللقاء مقررا ضمن أجندته ليوم أمس”.
ووصل، أمس الأحد، وفد كردي رفيع المستوى يضم شخصيات بارزة، أبرزها وزير المالية آوات شيخ جناب، ورئيس ديوان مجلس الوزراء أوميد صباح، وسكرتير مجلس الوزراء أمانج رحيم، إلى العاصمة بغداد لبحث الملفات المالية العالقة، وفي مقدمتها رواتب موظفي الإقليم.
وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.
واشترطت حكومة إقليم كردستان، في 16 كانون الثاني يناير الجاري، تسليم إيراداتها الداخلية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد مقابل تسلمها كافة استحقاقاتها من الموازنة وليس الرواتب فقط، جاء ذلك بعد استعراض لجنة المفاوضات في حكومة إقليم كردستان، أمام ممثلي دول العالم من سفراء وقناصل، كافة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن الموازنة والرواتب والنفط.
وجاءت أزمة الرواتب بالتزامن مع زيارة لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد في 12 كانون الثاني يناير الجاري، حيث التقى الأخير برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي توجه له التهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الاقليم.
ولم تكن زيارة بارزاني مجرّد محاولة لحلّ أزمة الرواتب، بل سعت أيضًا لمعالجة قضايا أعمق تتعلّق بالعلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، مثل الشفافية في إدارة الموارد وآليات تنفيذ الاتفاقات المالية.
ودعا بارزاني خلال زيارته التي استمرت يومين، إلى “تعديل قانون الموازنة بما يضمن “العدالة” في توزيع الحقوق المالية للإقليم وتأمين الرواتب”.
وتبلغ حصّة كردستان من الموازنة الاتحادية 21 تريليون دينار، لكن مع توقف تصدير النفط، اقتصرت التحويلات من المركز على الرواتب فقط، إذ تقول الحكومة الاتحادية إنها مولت الإقليم عام 2024، بينما تصر أربيل على أن ما وصل فعليًا أقل من ذلك بكثير.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
وأكدت المالية النيابية، في 11 كانون الثاني يناير الجاري، غياب التوافق حول مقترح تعديل المادة 12 من قانون الموازنة المتعلقة بكلف إنتاج وتصدير نفط إقليم كردستان.
ونص تعديل المادة الثانية عشر باحتساب سعر برميل نفط الإقليم بستة عشر دولارا قابلا للزيادة والنقصان وهو ما يشكل نقطة الخلاف.
ورهنت اللجنة المالية التصويت على التعديل الجديد بحسم الأمر مع وزيرة المالية سيما مع وجود خلافات سياسية حادة حول طبيعة والية التعويضات التي ستدفعها الحكومة في هذا التعديل.
وكانت اللجنة المالية النيابية، استضافت، مؤخرا، وزيرة المالية طيف سامي لمناقشة جداول موازنة 2025 وتأمين رواتب الموظفين.
وأبدى رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني عدم رضى حكومة الإقليم بسياسة بغداد في التعامل معهم، قائلا “إننا على قناعة بأن سلوك بغداد الحالي تجاه إقليم كردستان هو سلوك ظالم وغير عادل وغير مقبول وعلينا جميعا أن نكون ممثلين حقيقيين لشعب كردستان، وندافع عن الحقوق الدستورية لإقليم كردستان”، مؤكدا أنه “يجب أن نكون متحدين حتى تدرك بغداد أننا جادون بشأن حقوقنا الدستورية والمالية، لأن شعب كردستان لا يستحق أن يُعامل بهذه الطريقة”.
الجدير بالذكر أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
يشار إلى أن الخلافات بشأن حصة الإقليم في الموازنة، تثار كل عام، وذلك بسبب التزامه بما يرد في الموازنة والقوانين الأخرى الخاصة بتصدير النفط، قبل أن يتوقف تصديره عبر خط ميناء جيهان التركي، وبدأت بغداد بدفع رواتب موظفيه على شكل سلف تسلم له، ومن ثم بدأ العمل بتوطين الرواتب حسب قرار المحكمة الاتحادية.