صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بعد سبات طويل.. جيل شبابي ينعش الحراك المسرحي في ذي قار

ذي قار – العالم الجديد
أسهمت المتغيرات السياسية والاقتصادية في السنوات الأخيرة في تكوين عاملاً مهماً أنعش المسرح في محافظة ذي قار، على أيدي شباب من الهواة، ليظهر بذلك جيل مفعم بفن الكتابة والتمثيل المسرحي ليحصد بذلك جوائز في المهرجانات رغم حداثة سنهم في هذا المجال.

التوجه نحو منصة المسرح وكتابة النصوص المسرحية، حركة بدأت خطواتها النشطة واضحة بعد أحداث تشرين الأول أكتوبر 2019، حيث بدأ الشباب بالبحث عن إمكانية تجسيد الواقع لتحتضنهم بذلك مجاميع فنية نفخت فيهم روح المسرح رغم خلو المحافظة من البنى التحتية اللازمة لهكذا فنون.

ويقول رئيس جماعة الناصرية للتمثيل، ياسر البراك، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “حركة الشباب مؤخراً تجاه العمل المسرحي أصبحت واضحة وقد انظم العديد منهم لمجاميع رئيسية لكي يطوروا من قدراتهم الفنية، فالبعض منهم هواة لم يدرسوا الفن في المعاهد أو الكليات التخصصية”.

ويضيف أن “عمر المسرح في ذي قار يمتد لأكثر من 100 عام، حيث تخرج منه عشرات الشخصيات التي كان لها الأثر الواضح في المسرح العراقي رغم قلة الإمكانيات المتوفرة وعدم توفر البنى التحتية التي يمكن أن تدعم هذا الفن، بالإضافة إلى عدم وجود فرقة فنية حكومية تتبنى النشاط المسرحي”.

ويشير إلى أن “أعمال هؤلاء الشباب حازت على جوائز عراقية وتأهلت إلى جوائز أخرى، منها مسرحية (في انتظار فلاديمير) تأليف مثال غازي وإخراج سجاد حسين، وترشحت لست جوائز عراقية وحصلت على ثلاث جوائز، وأيضاً مسرحية (الصفصاف) تشارك في مهرجان الهيئة العربية للمسرح وهذا يشير إلى أن هناك حراكاً فنياً لإثراء المشهد المسرحي”.

وينتقد البراك “عدم وجود فرع للسينما والمسرح في المحافظة وأن دائرة السينما والمسرح في بغداد تحتكر العمل المسرحي والعمل السينمائي في عموم العراق، ولا يوجد لديها تمثيل في المحافظات العراقية باستثناء البصرة وهو فرع شبه ميت”.

يشار إلى أن محافظة ذي قار تحتضن ثلاث مجاميع تمثيلية، الأولى جماعة الناصرية للتمثيل التي تجاوز عمرها الثلاثين عاماً برئاسة ياسر البراك، والثانية مجموعة الرسالة برئاسة المسرحي حيدر عبد الله الشطري، والثالثة مشغل دنيا برئاسة الكاتب المسرحي علي عبد النبي الزيدي.

فيما يرى المسرحي الشاب حيدر حسين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “واحداً من الأسباب التي حفزت الشباب للتوجه نحو المسرح هي تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، إذ دفعتهم للبحث عن ذواتهم وكيف يمكن أن يكونوا مؤثرين داخل المجتمع سواء في مجال الأدب والقصة والشعر والمسرح، لذا تجد الأسماء الشبابية بدأت تلمع وتبرز ما بعد هذه الأحداث، وتمكنوا من طيّ خطوات عديدة، وكان من بين الأسماء في مجال التمثيل المسرحي والكتابة، سحاب رزاق، وعلي عبد الحسين، ومرتضى عودة، ورؤى حازم”.

ويؤكد أن “ما يتم عرضه في البلدان العربية من نصوص مسرحية مختلفة أصبح حافزاً مهماً للشباب المسرحي لكي يخطوا عدة خطوات للأمام، فهناك محاولات لإيجاد نوع مختلف من ناحية النص والإخراج والتمثيل وحتى الجانب الفني في مجال الإضاءة”.

وتعد هذه المشاريع المسرحية مساحة لتعبير الشباب عن أنفسهم من خلال أعمال فنية يوثقون من خلالها الأحداث التي عاشوها خلال السنوات الماضية ويرغبون بتوثيقها عبر أعمال مسرحية.

ويتفتقر المحافظة إلى مسارح توفر لهم فرصة لتقديم أعمالهم للجمهور، باستثناء منصات صغيرة لأغراض العروض المدرسية.

وبهذا الصدد، يشير نقيب الفنانين في ذي قار، علي عبد عيد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “التاريخ الفني والمسرحي الذي تمتلكه المحافظة له الأثر الأكبر على الجيل الجديد إذ يعد ركيزة أساسية للإنطلاق، لا سيما أن كبار الممثلين العراقيين هم من ذي قار من أمثال بهجت الجبوري، وعزيز عبد الصاحب، وعبد الرزاق سكر، وطالب الفراتي”.

وينبه عيد إلى أن “الظروف التي مرت على المحافظة والعراق كان لها أثر واضح، وحراك تشرين الاحتجاجي أوجد جيلاً واعياً ينتمي للبلد ويمتلك وعياً وإدراكاً حسياً، كما أن النقابة تضم قرابة 200 عضو مسرحي من أصل 500 عضو من مطربين وممثلين”.

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، قد أطلق في الخامس من طانون الأول ديسمبر 2023، مشروعاً ثقافياً وفنياً كبيراً في العراق، لدعم السينما والدراما والمسرح والفن التشكيلي والأدب والكتاب وأدب الطفولة، فيما أكد تخصيص مبلغ 13 ملياراً و500 مليون دينار عراقي لتنفيذ المشروع.

وقال المكتب الإعلامي للسوداني في بيان آنذاك، إن رئيس مجلس الوزراء أكد إكمال الإجراءات الخاصة بالتخصيصات المالية المطلوبة للنشاطات الفنية والأدبية، التي عانت من الركود بسبب غياب الدعم والمبادرات، لافتاً إلى ضرورة دخول القطاع الخاص في الإنتاج الفني وعدم الاعتماد فقط على الدعم الحكومي.

إقرأ أيضا