صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بعد «سقوط الأسد».. قلق عراقي وتحذيرات للفصائل السورية من عبور الحدود

وسط فراغ أمني وانعدام للنظام إثر سقوط حكم بشار الأسد في سوريا، تتصاعد المخاوف في العراق من انعكاس تلك الفوضى على البلاد، فيما وجهت القوات الأمنية تحذيرات للمعارضة السورية من عبور الحدود العراقية.

إذ أكد السياسي المستقل عباس المالكي، اليوم الاحد، أن تداعيات الوضع في سوريا تتجاوز حدودها وتهدد الأمن العراقي.

وقال المالكي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن ” الوضع في سوريا يؤثر بشكل كبير على الأمن الداخلي العراقي”، موضحًا أن “دول المنطقة مترابطة أمنيًا بحكم الجوار والحدود المشتركة، مما يجعل أي زعزعة أمنية في إحدى الدول تنعكس سلبًا على الدول الأخرى”.

وأشار إلى أن ” العراق يتأثر بما يجري في سوريا بسبب وجود مجاميع مسلحة ليست نابعة من الداخل السوري أو مجرد حراك محلي وانما مدعومة من جهات خارجية”. 

وأوضح أن “هذه الجماعات المسلحة تدفقت من خارج الحدود السورية، بدعم من دول مثل تركيا وأمريكا والكيان الصهيوني وحتى أوكرانيا، وتم تسليحها لتحقيق أهداف تتجاوز الأراضي السورية”.

وأضاف أن “هذه المجاميع تشبه إلى حد كبير عصابات داعش التي بدأ في سوريا عام 2011 قبل أن تعبر إلى العراق في 2014 وسيطرت على ثلث مساحة البلاد لذا لا يمكن للعراق أن يتعامل مع ما يحدث في سوريا باعتباره شأنًا داخليًا”.

وأكد أن ” الاستعدادات الأمنية على الحدود العراقية السورية ضرورية، لكن الأهم هو اتخاذ إجراءات وقائية داخل العراق نفسه ويجب على الأجهزة الأمنية العراقية مراقبة أي تحركات مشبوهة أو خلايا نائمة في المدن العراقية منعًا لتكرار سيناريو 2014″.

واستنكر المالكي ” الانتقادات التي توجه للعراق بسبب اتخاذه خطوات استباقية لضمان أمنه وسيادته”، مشيرًا إلى أن “دولًا كبرى مثل أمريكا وتركيا قامت بتحركات عسكرية داخل الأراضي السورية بذريعة حماية أمنها القومي بالإضافة الى الكيان الصهيوني اقتطع الجولان السوري ويتخذ إجراءات عسكرية بذريعة أن ما يحدث في سوريا يهدد أمنه الداخلي”.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن “من حق العراق اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان أمنه واستقلاله، مثلما تفعل الدول الأخرى التي ترى في الوضع السوري تهديدًا مباشرًا لأمنها”.

إلى ذلك، وجهت القوات الأمنية العراقية عند الحدود السورية، اليوم الأحد، تحذيرات شديدة لعناصر المعارضة المسلحة، مطالبة إياهم بعدم الاقتراب من الشريط الحدودي. 

وأظهر مقطع فيديو تناقله ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي، وقد تم تصويره بواسطة هاتف نقال، لأحد الجنود العراقيين وهو يخاطب عناصر المعارضة المسلحة السورية قائلاً: “ما يهمنا هو حدود العراق، ليس لدينا أي خلاف معكم، ولكن لدينا موضوع واحد فقط وهو عدم الاقتراب من الحدود”. 

وأضاف الجندي العراقي، أن “أي شخص عسكري أو مدني يقترب من الحدود، سيتم قتله.. هذه منطقة قتل”.

وتشهد سوريا منذ ساعات أحداث متسارعة بعد انهيار حكم الأسد وسيطرة فصائل المعارضة على اغلب المدن.

ودخلت قوات المعارضة إلى العاصمة السورية دمشق فجر اليوم الأحد، بعد ساعات من دخول مدينة حمص، معلنة سيطرتها و”إسقاط بشار الأسد”، في بيان مقتضب بثته من التلفزيون الرسمي، في حين ذكرت وكالة رويترز -نقلا عن مسؤولين سوريين “رفيعي المستوى”- أن الرئيس المخلوع غادر العاصمة إلى وجهة غير معلومة.

وقال رئيس الحكومة السورية السابقة محمد الجلالي، فجر اليوم الأحد، إنه مستعد “للتعاون” مع أي قيادة يختارها الشعب ولأي إجراءات “تسليم” للسلطة، وفيما أكد أن سوريا يجب أن تشهد انتخابات حرة للسماح للشعب باختيار قيادته، لفت إلى أن تواصلا جرى مع قائد المعارضة أحمد الشرع لبحث إدارة الفترة الانتقالية الراهنة، وهو ما يمثل تطورا ملحوظا في الجهود الرامية إلى تشكيل المستقبل السياسي لسوريا.

ولم يصدر العراق أي بيان رسمي حكومي –حتى ساعة كتابة الخبر- معلقا على رحيل الأسد، باستثناء بيانات لسياسيين بينهم رؤساء حكومات، أبرزهم حيدر العبادي الذي هنأ السوريين بالحدث، ودعا لهم بالخلاص من الفوضى، فيما حذر رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، من تداعيات “خطيرة” جراء الأحداث في سوريا ودخول إسرائيل “القنيطرة” جنوبي البلاد مستغلة إسقاط نظام الأسد.

ويعتزم الإطار التنسيقي الحاكم في العراق، عقد إجتماع موسع خلال الـ48 ساعة المقبلة لمناقشة تطورات المرحلة المقبلة في سوريا وانعكاساتها على البلاد.

وخرج السوريون إلى شوارع العاصمة السورية دمشق في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، وارتفعت أصوات الرصاص في عموم العاصمة وعلى مداخلها وكافة محاورها، احتفالا بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

وقال ائتلاف “المعارضة” السورية اليوم، إنه سيواصل العمل من أجل “إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة”، وأضاف في بيان “انتقلت الثورة السورية العظيمة من مرحلة النضال لإسقاط نظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سوريا بناء سويا يليق بتضحيات شعبها”.

وتوالت ردود الأفعال الخارجية تجاه التطورات في دمشق، إذ أعلن البيت الأبيض اليوم، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، يتابع عن كثب الأحداث التي تجري في سوريا، فيما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، شون سافيت، في بيان، إن “الرئيس بايدن وفريقه يراقبان الأحداث الاستثنائية في سوريا عن كثب وهما على اتصال دائم مع شركائنا الإقليميين”.

كما علق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، على الأمر، برسالة وجهها إلى روسيا وإيران، قائلا عبر منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال”: “رحل الأسد، فر من بلاده، لم تعد روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، مهتمة بحمايته بعد الآن”. وتابع “روسيا وإيران في حالة ضعف الآن، واحدة بسبب أوكرانيا والاقتصاد السيئ، والأخرى بسبب إسرائيل ونجاحها في القتال”.

وكان الأردن قد أكد على أهمية أمن واستقرار جارته، وذلك بعد إعلان فصائل المعارضة سيطرتها على العاصمة دمشق وفرار الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ولا تزال ملابسات خروج الرئيس السوري من العاصمة دمشق، موضوع كثير من الأسئلة، حيث  لم تتضح إلى الآن وجهة الأسد، لكن مدير المرصد رامي عبدالرحمن تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية عن ثلاثة احتمالات، لعل أولها حليفته روسيا التي وفرت له خلال النزاع دعماً دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً منقطع النظير، أو إيران التي وفرت مستشارين عسكريين إضافة إلى مسلحي مجموعات موالية لها على رأسها “حزب الله”، أو وجهة ثالثة يعدها الأكثر ترجيحاً، هي الإمارات التي كانت من أولى الدول الخليجية التي قطعت علاقاتها مع دمشق عقب اندلاع النزاع، وأول من استأنفتها عام 2018.

إقرأ أيضا