صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بعد طول انتظار.. ملف العراق في باريس

باستثناء ما اعلن عن اتفاق بين العراق ومجموعة نادي باريس عام 2003  حول تخفيض الديون العراقية الذي تحقق بالدرجة الأولى بجهود جيمس بيكر المبعوث الأمريكي حينها؛ فان فرنسا غابت تماما عن المشهد العراقي منذ أكثر من عقدين. ولهذا يأتي الجهد الذي قام به فرانسوا هولاند من زيارة لبغداد يوم الجمعة الماضي إضافة إلى افتتاحه صباح أمس الاثنين برفقة الرئيس فؤاد معصوم مؤتمرا يضم 29 وزيرا للخارجية ومندوبين آخرين من مختلف دول العالم، يأتي الجهد في سياق جديد تماما أبدته فرنسا على التجربة العراقية. حتى وإن كان هذا الجهد ضمن دبلوماسية الأزمات، وفي إطار الحرب على (داعش).

 

هذا الدور الفرنسي لم نشهد له مثيلا في السنوات الأخيرة، حتى وان كان دورا شكليا فإنه يحتفظ بأهميته انطلاقا من أهمية الدور الفرنسي في العالم وفي مجلس الأمن بشكل خاص، ناهيك عن وجود مؤشرات أولية عن دور عسكري على الأرض تسهم به فرنسا انطلاقا من قواعدها الجوية في المنطقة وخصوصا من قاعدة الظفرة في الإمارات. وقد انطلقت الطائرات الفرنسية بالفعل في مهمات استطلاعية ابتداء من يوم أمس.

 

بعد مؤتمر باريس أصبح الحديث عن الثوار في العراق جزءا من الماضي. هذا الحراك الدبلوماسي الدولي سلط الضوء بشكل صارخ على جرائم (داعش) وأجبر الإعلام الدولي والعربي على الحديث بصراحة أكبر عن سيطرة (داعش) على المناطق السنية، وأن لا وجود لما يسمّى بثوار العشائر أو المطالبين بالحقوق. محطة باريس الدبلوماسية والإعلامية الدسمة ضد (داعش) جعلت وسائل الإعلام العربية والدولية التي كانت تتفادى توصيف ما يحدث في العراق بالإرهاب في عزلة واضحة.

 

قد نبدو متفائلين جدا إن توقعنا في العراق ردة فعل صارمة جدا على (داعش) من جانب كبار هذا العالم، لكن بلا شك فان هذه الجعجعة لن تقبل بأقل من إضعاف التنظيم أو تقليم أظافره بعد مرحلة من التمدد المبالغ فيه، وهو في نهاية المطاف يصب في مصلحة الدولة العراقية.

 

على العراق أن يستثمر، بشكل جاد جدا، هذه الانطلاقة الدبلوماسية العريضة التي تدعمه في حربه ضد (داعش)، انطلاقة لم يحظ بها من قبل. إنها فرصة مؤاتية لإعادة ترسيم خارطة العلاقات الخارجية وتصحيح المسار مع الشرق والغرب. يفترض انأيستثمر العراق الجهد الفرنسي وأن لا يتكئ ويعول على الجهد الأمريكي فحسب. فرنسا ذات الثقل الكبير في مجلس الأمن وفي أوروبا يمكن أن تسهم في تصحيح العلاقة بين العراق والاتحاد الأوروبي خصوصا بعد تشكيل برلمان أوروبي جديد منذ فترة وإنهاء حقبة ستروان ستيفنسون التي كانت تفضل التعامل مع طارق الهاشمي وإخوانه المثيرين للجدل على التعامل مع المؤسسات الرسمية العراقية رغم وجود اتفاقيات تعاون مهمة جدا بين الطرفين.  

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا