صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بعد عقود من الاستحواذ.. تشكيل لجنة تحقيقية لحسم «العقارات المزورة» في الموصل وبغداد

تعد العقارات المنهوبة من الملفات الشائكة بالعراق، إذ سيطرت أحزاب وفصائل مسلحة وشخصيات سياسية مختلفة في السنوات التي أعقبت عام 2003، على عقارات الدولة في بغداد والمحافظات، مستغلة نفوذها، وقد تمكنت بالتلاعب بالأوراق الثبوتية لكثير منها، وجرى تحويل ملكية الكثير من العقارات، والحال هذه تعرضت لها عقارات مواطنين وآخرين من الضباط والقادة في النظام السابق، فضلا عن احداث داعش وما رافقها من تزوير في دوائر ومؤسسات نينوى.

فبعد مرور عامين على إحصائية هيئة النزاهة حول وجود أكثر من 31 ألف عقار تابع للدولة، مستولى أو متجاوز عليه في عموم المحافظات العراقية، كانت للموصل الحصة الأكبر منها، أعلنت وزارة العدل، اليوم الاثنين، عن رصد عشرات العقارات المزورة ببغداد والموصل، فيما أشارت الى تشكيل لجنة تحقيقية لحسم الملف.

ولا إحصاء رسمي لقيمة أملاك المواطنين التي سُلبت ونُقلت ملكيتها، لكن تقدر (بحسب مراقبين)، قيمة الممتلكات التابعة للدولة، التي جرى الاستيلاء عليها من قبل قوى سياسية مختلفة بعد عام 2003، بأكثر من 20 مليار دولار.

إذ قال معاون مدير عام دائرة التسجيل العقاري للشؤون القانونية حيدر شويع، إن “أكبر حالة فساد في تاريخ التسجيل العقاري كشفت في ظل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، حيث كشف وزير العدل خالد شواني عن ملف تزوير العقارات في دائرة التسجيل العقاري بالأنبار”، مشيراً الى “إحالة مدير التسجيل العقاري بالأنبار و5 موظفين في دائرة التسجيل الى هيئة النزاهة”.

‏وأوضح، أنه “تم كشف مافيات تقوم بالاستيلاء على عقارات أزلام النظام السابق، من خلال تزوير العقار وإخفاء معلومات مالكه لغرض نقل الملكية لشخص آخر”، مؤكداً “كشف الكثير من الحالات وإحالة المقصرين الى القضاء”.

وأضاف “تم رصد عشرات العقارات المزورة في بغداد والمحافظات، فضلاً عن آلاف العقارات في مدينة الموصل تم تزويرها في ظل دخول عصابات داعش الإرهابية إليها”، لافتاً الى “تشكيل لجنة تحقيقية لحسم هذا الملف، حيث تم تشخيص العديد من العقارات في الموصل وحسمها وإحالة المقصرين الى القضاء”.

وتعد تحركات هيئة النزاهة وإجراءاتها التي أحيل بموجبها المئات من الموظفين الحكوميين، فضلا عن مواطنين إلى القضاء منذ 2019 كفيلة بوقف ما يصفونه بأكبر تجاوزات عقارية حدثت في نينوى على مدى تاريخها.

نجم عن تلك التجاوزات حسب تقارير حكومية فقدان أكثر من 9000 عقار تابع للدولة تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات، وتعطيل شبه مستمر لدائرة التسجيل العقاري في الجانب الأيسر للموصل منذ سنة 2005 وهي الدائرة المسؤولة عن الملفات العقارية لنحو مليوني شخص يقطنون ضمن قاطع مسؤوليتها وهم من أصل أربعة ملايين نسمة يشكلون سكان محافظة نينوى.

تلك التجاوزات التي حصلت في فترات متفرقة، استمرت في مرحلة سيطرة جماعات مسلحة على المحافظة بعد تحريرها من تنظيم داعش في منتصف 2017، حيث سيطرت على آلاف من العقارات والفرص الاستثمارية، لتمول نفسها وتعزز قوتها الاقتصادية من خلالها.

يشار إلى أن محكمة الجنايات أصدرت العديد من الأحكام القضائية التي تراوحت بين الحبس والسجن لمدد وصل مجموعها للبعض إلى 20 سنة، بحق موظفين في دائرة التسجيل العقاري بينهم مديران ومعاون ورؤساء جمعيات إسكان وسماسرة عقارات وموظفون في بلدية الموصل وديوان محافظة نينوى.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد ألغت عام 2021، نصاً قانونياً، استُغل من قبل الأحزاب المتنفذة، على مدى تلك السنوات بالاستيلاء على عقارات الدولة والتصرف فيها وأكدت أنّ النص غير دستوري، ولم تنجح أي من الحكومات السابقة في حسم هذا الملف، رغم المحاولات الكثيرة، فيما وجهت اتهامات لبعض الحكومات بأنها “غير جادة” بإعادة الأملاك إلى أصحابها، وسحب أملاك الدولة من الجهات المسيطرة عليها.

يشار إلى أن “العالم الجديد” نشرت تحقيقا في شباط فبراير 2022 حول الاستحواذ على عقارات الدولة في نينوى بتواطؤ موظفين ونافذين ومسلحين وجمعيات، حيث اصدرت بلدية نينوى قرارا بوقف عمليات البيع والشراء لـ18 مقاطعة، وفيما أكدت تعرض تلك المقاطعات لـ”التزوير” حذرت المواطنين من شراء الأراضي فيها. للإطلاع على الرابط اضغط هنا

إقرأ أيضا