مع تصاعد الضغوط السياسية لإنجاز التشريعات المؤجلة، التي طال انتظارها، يستعد مجلس النواب، إلى جولة جديدة لتشريع القوانين الجدلية، رغم المؤشرات المسجلة عليها وغياب النضج القانوني لبعضها.
إذ قال النائب محمد الشمري في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “البرلمان سيشهد في الجلسات المقبلة جولة جديدة من النقاشات لتشريع القوانين التي كانت محل خلاف خلال الفصل التشريعي السابق”، مشيراً إلى أن معالجة هذه القوانين تُعد جزءاً من واجب البرلمان في ممارسة عمله التشريعي”.
وأوضح أن ” القوانين الجدلية رغم تعقيداتها يجب أن تكون محل حوار جاد ومسؤول بين مختلف الكتل السياسية تحت قبة البرلمان بما يضمن الوصول إلى توافقات تساهم في خدمة الصالح العام”.
وأشار إلى أن ” البرلمان يتحمل مسؤولية كبيرة في إنضاج التشريعات التي تمس حياة المواطنين”، مؤكداً أن “العمل التشريعي يتطلب التعاون بين مختلف الأطراف السياسية لتجاوز الخلافات وتحقيق تقدم في الملفات العالقة”.
وشدد الشمري على ” ضرورة استثمار الجلسات المقبلة لمعالجة هذه القوانين بطريقة تضمن التوازن بين مصلحة الشعب ومتطلبات المرحلة الحالية، داعياً الجميع إلى تقديم المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية لضمان نجاح العملية التشريعية”.
وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بالضحلة، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.
وتأخذ محاولة تمرير أيّ قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.
إلى ذلك، تحدث رئيس البرلمان محمود المشهداني المشهداني، عن أبرز ما يحتاجه قانوني العفو العام والأحوال الشخصية لتمريرهما، فيما أكد عدم وصول قانون الانتخابات إلى البرلمان.
وقال المشهداني في مقابلة تلفزيونية، تابعتها “العالم الجديد”: “أمامنا وقت ضائع لمجلس النواب لان السنة الاولى من هذه الدورة البرلمانية انشغلنا بالخلافات بين التيار الصدري والاطار التنسيقي والسنة الثانية في الخلافات بين القوى السنية والسنة الثالثة بشغور رئاسة المجلس”.
وأضاف: “في السنة الرابعة من هذه الدورة نحاول تكثيف التصويت على القوانين الجاهزة ولن نكرر تجربة السلة الواحدة للقوانين وهي العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات وصوتنا عليها وبقي منها الأسباب الموجبة من هذه القوانين”.
وأكد المشهداني، ان “هناك أبرياء كثر في السجون جراء حرب التحرير من داعش ووضعنا آلية لإخراج السجناء الأبرياء منها فقط الذين تقترب انتهاء محكوميتهم بسبب اكتظاظ السجون وانتشار ظاهرة المخدرات فيها”.
وبيّن، انه “عفو مشروط وليس عاما، وبينها (تحت التعذيب) بتشكيل لجنة تحقق من 3 قضاة ومن ثم يحالون 3 قضاة للتحقيق وبعدها إحالة المشمول بالعفو الى المحكمة وهي من تحسم مصيره”.
وقال المشهداني، ان: “قوى المكون السني ستكون بمأزق اذا لم يمرر قانون العفو العام وستواجه الجمهور السني في المحافظات الغربية وبخلاف ستكون رسالة سلبية جداً للساحة ونحن أحوج ما نكون بترصين الجبهة الداخلية في ظل الطروف التي تمر بها المنطقة”.
وشدد على، ان “قانون الأحوال الشخصية، فان الدستور يغطي ذلك والخلاف في تقديم مدونة دون قانون، وتم الابقاء على القانون 188 كما هو عليه ويمكن حسم أمر المدون خلال اسبوعين وليست ستة أشهر”.
وأوضح: “بالنسبة للمدونة الشيعية، فأن أي خلاف فقهي فيها فان المرجعية الدينية ستبت بالأمر فيها، بالمقابل لا توجد مدونة سنية ولا يحتاجها المذهب السني ووجودها سيثير مشكلة بخلاف المذهب الشيعي الذي يحسم ذلك رأي المرجعية”.
وتابع: “على العموم سنحصر القوانين المهمة والألوليات والجاهزة للتصويت من أجل اقرارها”.
وأشار الى، ان “عموم السنة مرجعيتهم الدولة ويتعاملون مع الحكومات ولذلك المرجعية الدينية فيه تقومية وفيه 4 مذاهب ولكل مذهب منهج وحلال وحرام ومرجعيتهم السياسية والفقهية هي الدولة، وشكلنا خلية تهتم بشأن المكون السني”.
وعن قانون الانتخابات قال رئيس مجلس النواب: “بداية شخصياً لن اشارك في الانتخابات المقبلة بشكل منفرد، كما لم يصل إلى البرلمان أي قانون يتعلق بقانون الانتخابات وهناك آراء مختلفة حول تعديل قانون الانتخابات من بينها منح 10 بالمئة للمستقلين”.
ونوه الى، ان “هناك آراءً أخرى بينها جعل العراق دائرة واحدة وآخرون يرغبون بأن تكون المحافظة دائرة واحدة فيما تكون أكثر من دائرة للمحافظات التي لديها تعداد سكاني كبير، ولكن الحديث عن قانون الانتخابات سابق لأوانه وربما في الاسابيع والأشهر المقبلة ينطرح وهو مايزال في رئاسة الجمهورية”.
واعلنت كتلة تقدم النيابية،أمس الاثنين، مقاطعة جلسات مجلس النواب، بسبب عدم إدراج فقرة التصويت على تشريع تعديل قانون العفو العام.
فيما ابدى قادة الإطار التنسيقي خلال اجتماعهم، ليلة أمس، في مكتب زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، امتعاضهم من فشل البرلمان في تمرير القوانين المهمة وتحديدا الجدلية منها، بحسب مصادر مطلعة.
ويعد تعطل إقرار العديد من القوانين المهمة من شأنه إضعاف الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وفق ما يراه مراقبون للشأن السياسي، الذين ينتقدون لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية التي أدت لتأجيل قوانين مهمة يرتقبها الشارع العراقي.
وكان عضو تحالف الانبار المتحد محمد الفهداوي، أكد في 5 كانون الثاني يناير الجاري، أن الدستور العراقي لعام 2005 اكد على ان يكون هناك نظام للاغلبية، لكن عملية التعاطي مع الواقع الراهن جعلها تذهب باتجاه الديمقراطية التوافقية على الرغم من تحريفها على أساس المحاصصة الحزبية، وبالنتيجة فأن اغلب الاحزاب السياسية تؤكد على ان القوانين الخلافية تهم المكونات”، مبينا أن“القوانين الخلافية تمثل دعاية لأحزاب سياسية تثار وقت الانتخابات، وبالنتيجة فأن التسويق للقضية الطائفية او تشريع القوانين التي تهم الطوائف تبرز مع قرب إجراء عملية الانتخابات”.
ويصر النواب الشيعة في البرلمان على تمرير قانون الأحوال الشخصية الذي يعدّ بمثابة تعديل جذري على القانون رقم 188 والذي تم تشريعه عام 1959 على عهد عبد الكريم قاسم، فيما يطالب السنة بتمرير قانون العفو العام، بينما يسعى الكرد إلى تمرير قانون إعادة العقارات إلى أصحابها والتي أُخذت منهم على عهد النظام السابق، ولكون هناك خلافات جوهرية حول كل قانون من هذه القوانين فقد سميت “القوانين الجدلية” بحيث يحتاج تمرير أي قانون منها إلى تمرير القوانين الأخرى.
ويتوقع مراقبون للشأن السياسي تمرير القوانين الثلاثة الجدلية خلال الفصل التشريعي الجديد لمجلس النواب العراقي لتكون ورقة للكتل السياسية تستغلها انتخابياً، لذلك من المرجح حصول الاتفاق عليها قبل أشهر قليلة من الانتخابات البرلمانية المقبلة المفترض إجراؤها بحلول تشرين الأول أكتوبر 2025.
ويواجه تعديل قانون الأحوال الشخصية اعتراضات كبيرة، إذ حذر خبراء قانونيون وناشطون مدنيون، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد” من التعديلات التي ينوي البرلمان وضعها على القانون، وفيما أكدوا أنها يمكن أن تنسف أحد أهم التشريعات العراقية، لفتوا إلى أن التعديلات تضع سلطة المذاهب ورجال الدين في مكانة أعلى من سلطة القضاء والقانون.
كما يواجه تعديل قانون العفو العام، اعتراضات ومخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم “داعش”، ويعد هذا التعديل من المطالب الرئيسية لمعظم القوى السنيّة، وكان من بين أبرز الشروط التي وضعتها في مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل التصويت عليها داخل البرلمان في تشرين الأول أكتوبر 2022.