في الوقت الذي يستعد فيه العراق لإجراء تعداد سكاني بعد نحو ثلاثة عقود من إجرائه، يتصاعد الجدل بين بغداد وأربيل حول المناطق المتنازع عليها وبالتحديد محافظة كركوك، ذات القوميات المتعددة، ومع الاعتراضات التي سجلها الإقليم ومطالبته بتأجيل التعداد حتى حسم الخلافات، قررت بغداد، اليوم الاثنين، عدم تأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق “المتنازع عليها”، مبينة أنه سيشمل كافة القوميات فيها.
يذكر أن العراق قد أجرى آخر تعداد سكاني عام 1987، والذي شمل جميع المحافظات، تلاه إحصاء عام 1997 الذي تم دون مشاركة محافظات إقليم كردستان.
وقال المتحدث باسم الوزارة الداخلية مقداد ميري، خلال مؤتمر صحفي حضرته “العالم الجديد”، إن “اللجنة الأمنية العليا ستؤمن التعداد السكاني والفرق الجوالة”، مبينا أن “حظر التجوال يبدأ منتصف ليلة 20 في 12 الساعة 12 ليلا ويستمر من ليلة 21 في الساعة 12 في عموم العراق”.
واضاف أن “هذه الإجراءات تصب في إنجاح التعداد السكاني، والاستثناءات ستكون للمخولين فقط من هيئة الاعلام والاتصالات”، مؤكدا أن “الغاية ليس شل الحركة، بل يتعلق الأمر بخطط مستقبلية للبلد”.
وتابع: “لا يوجد تأجيل ولا أي تغيير فيما يخص التعداد السكاني، حيث أن المعطيات الحالية لا تتطلب ذلك”.
وأكد ميري، على “وجود تنسيق عالي المستوى مع إقليم كردستان من خلال غرفة عمليات مشتركة”، مضيفا أن “حظر التجوال يشمل جميع المحافظات بما في ذلك الإقليم”.
ويطالب جانب الكردي بغداد بتطبيع وتهيئة الأوضاع في المناطق المتنازع عليها وإيجاد حل لسكانها النازحين قبل إجراء التعداد أو تأجيله.
من جهته، أوضح رئيس غرفة عمليات التعداد، ضياء كاظم، خلال المؤتمر، أن “آلية التعداد تم رسمها من قبل مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، حيث سيتم شمول جميع المكونات في المناطق المتنازع عليها، وهي العربية والكردية والتركمانية، بالتعداد”.
وأكد كاظم أن “قرار مجلس الوزراء ساري ويشمل الجميع، ولا يوجد تأجيل لأي منطقة”.
يشار إلى أن التعداد السكاني، كان من المفترض أن يجرى خلال الأعوام السابقة، وخاصة في العام 2020، لكن جرى تأجيله لأسباب عدة ومنها الخلافات السياسية حول وضع كركوك.
الى ذلك، عدَ المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبدالزهرة الهنداوي، “مشروع التعداد الالكتروني تحديا كبيرًا”، مبينا اننا “نتحدث عن مركز اتصالات وغرفة عمليات وجيش كبير من العدادين”.
واكد الهنداوي اننا “امام حدث تاريخي كبير كل دول العام تستعد للتعداد”، موضحا “لقد تجاوزنا جميع الخطوات ولم يبقَ أمامنا سوى يوم التعداد”.
وأشار إلى أن “هناك نحو 10.000 عداد سينزلون إلى الشارع لجمع المعلومات”.
وكان فهمي برهان، رئيس هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة إقليم كردستان، قد طالب يوم أمس الأحد الحكومة الاتحادية بتأجيل إجراء التعداد السكاني إلى موعد آخر، مشيرًا إلى عدم معالجة مسألة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد والتي تشملها المادة 140 من الدستور العراقي.
ومنذ عام 2005 وحتى الآن، يجري الحديث عن تطبيق المادة التي تحمل الرقم 140 في الدستور العراقي، والخاصة بإعادة رسم خارطة إقليم كردستان، وتحديد المناطق التابعة له والتي جرى تعريبها خلال النظام السابق، لكن تعطل تنفيذ هذه المادة لما لها من سلبيات كثيرة.
يشار إلى أن مسؤول مكتب الإعلام وعضو المكتب السياسي في الاتحاد الوطني الكردستاني عماد أحمد، دعا في مقال نشره مؤخرا، إلى تأجيل عملية التعداد العام للسكان والمساكن، محذرا من ان التعداد في الوقت الراهن بمثابة كارثة ونقطة مميتة للمادة 140 من الدستور العراقي.
وتعد كركوك من أبرز مناطق الصراع بين بغداد وأربيل، وخضعت لسيطرة الأحزاب الكردية في عام 2014 بعد أن اجتاح تنظيم داعش محافظات عدة، قبل أن تستعيد الحكومة الاتحادية السيطرة عليها عام 2017.
وتم تشكيل لجنة لتطبيق أحكام المادة 140، في ظل حكومة إبراهيم الجعفري، حيث أسندت رئاسة اللجنة إلى حميد مجيد موسى، وفي حكومة نوري المالكي شكلت لجنة أخرى برئاسة وزير العدل السابق هاشم الشبلي، لكنه استقال من منصبه، ثم حل محله رائد فهمي، وأسندت رئاسة اللجنة التي أعيد تشكيلها في آب أغسطس 2011 إلى رئيس تحالف الفتح ووزير النقل الأسبق هادي العامري، وما تزال برئاسته حتى الآن.