يستمر التوتر بين بغداد وأربيل بالتصاعد، فبعد تصريحات حكومة إقليم كردستان حول تقديم مقترح مغاير لتعديل مجلس الوزراء في قانون الموازنة المالية الى مجلس النواب “دون التشاور معها”، نفت الحكومة الاتحادية، اليوم الخميس، ما ورد من حكومة الإقليم داعية إياها إلى الالتزام بالقانون.
وقال المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي في بيان، تلقته “العالم الجديد”، إنه “انطلاقاً من حرص الحكومة على الشفافية ومكاشفة المواطنين بسير عملها التنفيذي، خصوصاً في ما يتعلق بقضية الموازنة التي تُعدّ ركيزة أساسية لتنفيذ الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي، نؤكد التزام الحكومة بالتعديلات التي أرسلت إلى مجلس النواب بشأن قانون الموازنة، الذي يراعي المصلحة الوطنية العليا، ونشدد على أن ممثل الحكومة في مجلس النواب أكد ضرورة عدم إجراء أي تعديلات أخرى على قانون الموازنة التي تخالف النصوص المقدمة من مجلس الوزراء”.
وأضاف “في الوقت ذاته، ننفي ما ورد في بيان الناطق باسم حكومة إقليم كردستان العراق، ونستغرب مما جاء فيه من ادعاء بأنّ ممثل الحكومة الاتحادية في مجلس النواب عرقل تعديل المادة الخاصة بإجراءات استئناف تصدير النفط من الإقليم”.
وأكد العوادي “أهمية التزام حكومة إقليم كردستان العراق بأحكام مواد قانون الموازنة العامة الاتحادية، بما يتضمن تسليم الإيرادات المالية، سواء النفطية أو غير النفطية، إلى الحكومة الاتحادية، وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون وقرار المحكمة الاتحادية”.
وأوضح، أن “الالتزام بهذه الإجراءات يعدّ خطوة ضرورية لحل الإشكالات المتعلقة بهذا الملف وتعزيز التعاون بين الجانبين، وتأمل الحكومة الاتحادية من مجلس النواب الإسراعَ في إقرار التعديل وفق النص المُقرّ من مجلس الوزراء، لمصلحة العراق، كلّ العراق”.
وكان المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشاوا هورامي قال في وقت سابق من اليوم الخميس، إنه “وبعد سلسلةٍ من الاجتماعات والمساعي الحثيثة الرامية إلى تعديل قانون الموازنة العامة الاتحادية من قبل مجلس النواب بهدف استئناف تصدير نفط الإقليم، وبعد إتمام القراءتين الأولى والثانية، إلا أنّه وللأسف الشديد، لم يتم إقرار مشروع القانون بالصيغة المتفق عليها في اللحظات الأخيرة”.
ونوه هورامي بحسب بيان تلقته “العالم الجديد”، أنه “ومما زاد من استغرابنا، قيام ممثل الحكومة الاتحادية في مجلس النواب بتقديم مقترح مغاير إلى المجلس بشكلٍ منفرد، دون التشاور المسبق مع حكومة إقليم كوردستان، ودون عرضه على مجلس الوزراء الاتحادي للتصويت عليه، الأمر الذي يتنافى مع قرار مجلس الوزراء السابق بخصوص المصادقة على مشروع تعديل القانون لغرض استئناف تصدير نفط إقليم كردستان”.
وشدد متحدث حكومة كردستان على، إن “مثل هذه المحاولات لا تصبّ إلا في خانة الإضرار بالعراق، وتُسهم في تعميق الأزمات بدلا من إيجاد الحلول الناجعة لها، وعليه، فإننا نُعلن رفضنا التام لهذه الإجراءات والمقترحات، ونؤكد على ضرورة طرح مشروع القانون المتفق عليه وإقراره من قبل مجلس الوزراء الاتحادي والتصويت عليه”.
ويبقى ملف النفط والإيرادات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان أحد أكثر الملفات تعقيداً، حيث تتقاطع فيه الجوانب القانونية والسياسية، وبينما تسعى الحكومة والبرلمان لتسوية الإشكالات عبر تعديلات قانونية وإجراءات رقابية، يبقى الالتزام من جانب الإقليم محوراً أساسياً لضمان حقوق الموظفين وتعزيز الاستقرار في العلاقة بين الطرفين.
وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.
وحثت خارجية الولايات المتحدة، في 15 كانون الثاني يناير الجاري، البرلمان العراقي على الإسراع في تمرير الموازنة الاتحادية للعراق.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في إيجاز صحفي بمقر الوزارة “لقد عملنا مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كوردستان، للتوصل إلى اتفاق موازنة دائم من شأنه أن يسهل إنتاج النفط المستدام في إقليم كردستان”.
وأضاف ميلر “شهدنا مراجعة تعديل الموازنة هذا الأسبوع ونحث على اعتماده بسرعة”.
وكان إقليم كردستان يصدر يوميا 450 ألف برميل من النفط عبر ميناء جيهان التركي، لكن دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد.
وتوقفت هذه الصادرات في آذار مارس 2023 بعدما أصدرت هيئة تحكيم دولية قرارا لصالح بغداد منعت بموجبه أي تصدير لنفط الإقليم إلا من خلال شركة النفط التابعة للحكومة الاتحادية (سومو).
وبلغت قيمة الخسائر الناجمة عن توقف صادرات الإقليم من النفط 20 مليار دولار، بحسب تقديرات نشرتها “جمعية الصناعة النفطية بإقليم كردستان” (أبيكور) في أيلول سبتمبر 2024.