تستعد بغداد وانقرة للدخول في مفاوضات بشأن الحصص المائية من نهري دجلة والفرات، حيث تقر وزارة الموارد المائية بـ”صعوبة” إقناع تركيا بالتوقيع على اتفاقية أو معاهدة، لكنها أبدت أيضا تمسكها بمذكرة تفاهم صادق عليها البرلمان التركي في العام 2014، بوصفها إقرارا من الجارة الشمالية بحق العراق، الأمر الذي جعل نائبا يدعو الحكومة العراقية الى استثمار الورقة الاقتصادية لتسوية هذا الملف.
ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية عون ذياب في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الوزارة ترغب بالوصول إلى اتفاقية ثنائية مع تركيا، وهذا الموضوع يحتاج الى جهد ليس بالقليل“.
ويوضح ذياب، أن “الشيء الايجابي هو أن هناك مذكرة تفاهم موقعة عام 2014 صادق عليها البرلمان التركي، وفيها نص يفيد بأن على تركيا الالتزام بتأمين حصة مياه معقولة وعادلة للعراق من نهر دجلة”، مبينا أن “اعتراف تركيا بهذا الموضوع يعتبر تقدما في هذا المجال“.
ويبين “أما تحديد الحصة، فاننا لا نستطيع تحديد رقم ثابت، لأن هذا الامر يحتاج أكثر من لقاء”، مؤكدا “في الواقع ليس الحصول على اتفاقية بشكل سريع أمرا سهلا كما يعتقد البعض، إذ أن العراق كان يحصل على كل مياه دجلة والفرات سابقا لعدم وجود سدود، وحاليا أصبحت هناك سدود ومشاريع داخل تركيا“.
ويشير الى أن “حاجة العراق للمياه تتراوح من 48 الى 50 مليار قدم مكعب، وهذه الكمية يمكن أن تفي بحاجاتنا دون تقليص في المساحات الزراعية“.
ويوم أمس الجمعة، أعلنت وزارة الموارد المائية، أن الوزير مهدي رشيد الحمداني سيعقد اجتماعا فنيا مع الجانب في أنقرة في 21 حزيران يونيو الحالي، لمناقشة قضية الإطلاقات المائية على نهري دجلة والفرات وتفعيل بروتوكولات التعاون في مجال المياه.
ولا توجد اتفاقية مياه بين العراق وتركيا، وانما هناك بروتوكولات تم توقيعها بين الجانبين على مر العقود الماضية تتعلق بحصص المياه العابرة الى الاراضي العراقية.
يذكر أنه لا توجد أي اتفاقية بين العراق وتركيا بشأن ملف المياه، فقد وقع العراق وتركيا وسوريا بروتوكولا أول في العام 1920 وقد فرض هذا البروتوكول قيودا على إقامة السدود بما لا يلحق ضررا بالأطراف الأخرى الموقعة، وفي العام 1946، ادخل العراق وتركيا قضية المياه في “معاهدة الصداقة وحسن الجوار” التي وقعها البلدان.
وفي العام 1978، وقعت بغداد وأنقرة بروتوكول تعاون اقتصادي وتقني، بعدما استكملت تركيا سد كيبان على مجرى نهر الفرات، ما الحق ضررا بمصالح بحصة العراق المائية.
الى ذلك، يبين النائب فاضل الفتلاوي في حديث لـ”العالم الجديد” أنه “على الحكومة العراقية ان تتجه الى استثمار علاقاتها التجارية مع تركيا في ملف المياه“.
ويوضح الفتلاوي، أن “الحكومة العراقية غافلة تماما عن الخطر الكبير الذي يهدد أراضي البلاد الزراعية جراء نقص المياه القادمة من الجانب التركي، والتي تكاد تكون معدومة بشكل تام”، داعيا الحكومة الى “استخدام اساليب سياسية ودبلوماسية في الحوار مع تركيا، التي تكتل العراق من جهة وتحاربه مائيا من جهة أخرى“.
ويضيف ان “العراق يستورد بمبالغ تصل الى مليارات الدولارات من تركيا، وهذا ما يجب ان تستغله الحكومة كورقة ضغط على انقرة من اجل تسوية ملف المياه”، مطالبا بأن “ينظم هذا العمل وفق اتفاقية مشتركة بين البلدين حتى يتم تجاوز هذه الازمة بشكل نهائي، دون اي اعذار تتحجج بها تركيا في كل موسم“.
وكان مؤشر الاجهاد المائي توقع أن العراق سيكون أرضاً بلا أنهار، بحدود 2040، وأنه في عام 2025، ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة إلى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.
ومنذ سنوات، تحاول تركيا استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فقامت ببناء عدد من السدود، بدأت في عام 2006، ببناء سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، مما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد في المياه وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعية والسكان.
وفي العام الماضي، كان متوسط قياسات التدفق من الحدود مع تركيا أقل بنسبة 50 بالمائة من هذا العام، وذلك بالتزامن مع تراجع في نسبة هطول الأمطار السنوية بنسبة 50 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، بحسب تصريح سابق لوزير الموارد المائية.