يشكل تزايد عدد العمالة الأجنبية غير الشرعية تحدياً آخر للاقتصاد العراقي، فهي تارة تقوض فرص العمل للشباب العاطلين والباحثين عنه في الأسواق المحلية والقطاع الخاص، الذي يُعد السبيل الوحيد بعد إيقاف التعيينات جراء الترهل الوظيفي في دوائر الدولة وقلة الإيرادات المالية التي تعيق خلق درجات وظيفية للكم الهائل من العاطلين والخريجين، وتارة تُعد العمالة الأجنبية الطريق الشرعي لتهريب العملة الصعبة (الدولار) الى خارج البلاد.
ورغم محاولات الحكومة للسيطرة على هذا الملف من خلال تشكيل لجان لمتابعة مكاتب الشركات المرخصة، باستقدام وتشغيل العمالة الأجنبية، إلا أن وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي احمد الأسدي كشف، اليوم الأحد، عن زيادة بعشرات الآلاف من العمالة البنغالية في البلاد وخصوصا “غير الشرعية”، الأمر الذي ينذر بفشل الاجراءات الحكومية في الحد من تنامي هذه الظاهرة.
وتقدَّر الأموال الخارجة من العراق كتحويلات مالية للعمال الأجانب بأكثر من 8 مليارات دولار سنوياً، حسب تقديرات غير رسمية، فضلاً عن الرواتب العالية التي يتقاضاها معظم العاملين الأجانب في الشركات النفطية وغيرها من الشركات العاملة في العراق بشكل غير مبرر حسب تصريحات رسمية.
إذ قال الأسدي، خلال لقائه سفير بنغلادش امدي فضلول باري، بحسب بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “العلاقة تاريخية بين العراق وبنغلادش خصوصا على مستوى الدول الاسلامية وكذلك ما يتعلق العمالة الموجودة في البلاد”.
وأشار إلى أن “قرار مجلس الوزراء بمنع دخول العمالة البنغالية لا يستهدف المواطنين البنغال، إلا أن هناك زيادة بعشرات الالاف من العمالة رغم القرار وخصوصا العمالة غير الشرعية”.
وأضاف أن “الوزارة سبق وان اعلنت عن آلية لتصحيح وضع العمالة العربية والاجنبية لمدة 45 يوما وقامت بتمديدها ايضا، لكن الأعداد المسجلة لا تتناسب مع الاعداد الحقيقية الموجودة في البلاد”.
واكد على اهمية تعاون سفارة بنغلادش مع الوزارة من خلال “الاتصال برعاياها لكون ذلك سيساهم في ترتيب وضع العمالة في العراق بشكل قانوني”، مشددا على “ضرورة تنظيم وضع العمالة البنغالية وفق القانون العراقي، وان يكون دخول العمالة اما الماهرة او كمعينة لذوي الاحتياجات الخاصة أو يكون كل عامل أجنبي في مشروع او موقع عمل يقابله عامل عراقي”.
وفيما يتعلق بمذكرة التفاهم بين البلدين، أكد الوزير أن “المذكرة جاهزة للتوقيع لكن موضوع توريد العمالة بحاجة لقرار من مجلس الوزراء”، لافتا الى ان “الوزارة ستقوم بتزويد سفارة بنغلادش بأعداد العمالة الذين تقدموا لتصحيح موقفهم القانوني”.
ويعمل في العراق وفق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مليون عامل أجنبي، المسجل منهم بأوراق رسمية 71 ألف عامل فقط، حيث الإعداد الرسمية المسجلة تحول أموالا خارج العراق بقيمة 600 مليون دولار سنويا، ووفق لجنة العمل في البرلمان فإن الأرقام الرسمية التي اطلعت عليها عن طريق رصد التحويلات المالية للعاملين الأجانب تبلغ أكثر من 350 مليون دولار شهرياً أي ما يعادل 4 مليارات و200 مليون دولار سنويًا.
فيما كشفت الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، مبينا أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة.
وغالبا ما تشهد المحافظات الجنوبية، التي تضم حقولا نفطية، تظاهرات لأهالي القرى والأقضية القريبة من مواقع عمل الشركات والحقول النفطية، للمطالبة بتعيين أبنائها في الشركات، وتوفير الخدمات لمناطقهم.
ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة في العراق، وشملت كافة القطاعات، ولاسيما أن أغلب العمالة كانت من بنغلادش، فيما أصبحت مؤخرا من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والنوادي الليلية أيضا.
يذكر أن نحو 95 بالمئة من هذه العمالة الأجنبية تدخل البلد بطرق غير شرعية، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا.