ما زال الغموص يلف موقف الحكومة العراقية بشأن إخراج القوات الأمريكية، فلم يمض إسبوع واحد على تسريبات الصحيفة الأمريكية حول تفاوضات “سرية” لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع واشنطن لإبقاء قواتها، بعد ساعة من تصريحاته بوجود مساع لإخراج قوات التحالف الدولي، حتى عاد هذا الملف الشائك للواجهة من جديد.
ففي الوقت الذي يشهد فيه العراق ظرفاً إستثنائيا بالغ الخصوصية بعد قصف إيران لمدينة أربيل بـ12 صاروخا باليستيا راح ضحيتها 10 اشخاص بينهم أطفال، وكشف موقع شبكة سي بي سي الأمريكية، عن إرسال واشنطن 1500 جندي امريكي في الحرس الوطني الى العراق وسوريا لتعزيز القوات هناك، خرج رئيس الوزراء محمد السوداني في منتدى دافوس الاقتصادي، ليؤكد عدم ممانعة العراق في التعاون مع التحالف الدولي بمجال التسليح والتدريب.
اذ ذكر بيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، تلقته “العالم الجديد”، أن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، وذلك على هامش مشاركة رئيس مجلس الوزراء في منتدى دافوس الاقتصادي بدورته الـ54”.
وأشار إلى، أنه “جرى، خلال اللقاء، بحث آفاق التعاون بين العراق وحلف (الناتو)، وسبل تعزيز الشراكة في المجال الأمني وتبادل المعلومات، وتتبع شبكات الإرهاب وكشف مصادر تمويلها”.
وتابع “كما تطرق اللقاء إلى ملفّ إنهاء تواجد قوات التحالف الدولي في العراق، الذي أدرجته الحكومة في منهاجها الوزاري، بعد التطور الذي حققته القوات العراقية على مستوى الإعداد والجهوزية الكاملة، وأهمية الاتفاق على خطوات تنفيذية لترتيب إنهاء مهمته عبر إجراء حوارات ثنائية، بما يضمن انتقالاً سلساً لمهامه”.
وثمّن رئيس مجلس الوزراء، “جهود دول الحلف ودعمها العراق، من خلال العمليات العسكرية في الحرب ضدّ عصابات داعش الإرهابية، وفي مجال تقديم المشورة وتدريب القوات الأمنية العراقية”.
وأكد السوداني، أن “العراق لا يمانع في التعاون مع دول التحالف الدولي بمجال التسليح والتدريب والتجهيز، في إطار العلاقات الثنائية التي تجمع العراق وبلدان هذا التحالف”.
من جانبه، أشاد ستولتنبرغ، بـ”جهود الحكومة وإجراءاتها في دعم أداء القوات الأمنية بملاحقة فلول الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار، مؤكداً تطلّع الحلف نحو المزيد من التعاون المشترك، في مجالات أمنية عدة”.
وكان المحلل السياسي محمد علي الحكيم، أكد، أمس الثلاثاء، لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومتين السابقتين برئاسة عادل عبدالمهدي ومصطفى الكاظمي، أعلنتا عن السعي لإخراج القوات الأمريكية من العراق، وعملتا على ذلك عبر لجان تفاوضية وعقد أكثر من جولة تفاوضية، لكن على أرض الواقع كان هناك زيادة بعدد القوات وليس تراجعا”، مبينا أن “إخراج القوات الأمريكية من العراق يتطلب إجماع سياسي، وهذا الإجماع غير موجود”.
وتعرضت مدينة أربيل مساء الاثنين الماضي، لقصف إيراني عنيف بـ12 صاروخاً باليستياً، راح ضحيتها 10 أشخاص في حصيلة أولية بحسب وزارة الداخلية في إقليم كردستان.
وكشف موقع شبكة سي بي سي الأمريكية، الاثنين الماضي، عن استعداد 1500 جندي في ولاية نيوجيرسي، للانتقال إلى العراق وسوريا، ضمن عملية العزم الصلب، وهي العملية التي أطلقت ضد تنظيم داعش.
يشار إلى أن رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء تحسين الخفاجي، نفى يوم أمس الأول، الأنباء التي تحدثت عن دخول قوات أجنبية إضافية إلى العراق، مؤكدا عدم حاجة العراق إلى أي قوات أجنبية ووجود التحالف الدولي يقتصر على تقديم المشورة والتدريب والمعلومة الأمنية، كما كشف عن رؤية للذهاب إلى عقد مذكرات ثنائية واتفاقيات بين العراق وبعض دول التحالف بشأن التسليح والتدريب وتبادل المعلومات.
يذكر أن صحيفة بوليتيكو الأمريكية، نشرت الأربعاء الماضي، تقريرا أوردت فيه أن السوداني قال للمسؤولين الأمريكيين سراً أنه يريد التفاوض بشأن بقاء القوات الأمريكية في البلاد على الرغم من إعلانه الأخير أنه سيبدأ عملية إخراجهم، وذلك عبر كبار مستشاريه.
وجاء نشر ذلك التقرير من قبل الصحيفة الأمريكية، بعد ساعة من نشر وكالة روتيرز مقابلة مع السوداني، أعلن فيها صراحة عن التوجه لإخراج قوات التحالف بشكل “سريع”، وهو ما وصفته صحيفة بوليتيكو، بأنه محاولة من السوداني لـ”إرضاء جماهير سياسية محلية”.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أعلنت الأسبوع الماضي، إنها لا تعتزم سحب القوات الأمريكية الموجودة في العراق بناء على دعوة من حكومتها.
وأعادت حرب غزة قضية خروج القوات الأمريكية إلى الواجهة من جديد، حيث دعت العديد من الفصائل العراقية إلى الخروج النهائي لجميع القوات الأجنبية، بعد أن بدأت باستهداف القواعد الأمريكية في الأنبار وأربيل وداخل العمق السوري.
لكن الدعوات لانسحاب قوات التحالف كانت موجودة منذ سنوات، حيث صوت البرلمان في عام 2020 لصالح خروجها بعد اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، قرب مطار بغداد.
يشار إلى أن الدعوات وإعلان السوداني لإنهاء الوجود الأمريكية، ارتفع بعد أن اغتالت واشنطن في 4 من الشهر الحالي، القيادي في الحشد الشعبي وحركة النجباء أبو تقوى السعيدي، حيث استهدفت عجلاته بصواريخ موجهة عند دخوله لمقر تابع لحركة النجباء في بغداد.