صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تأجيل الانتخابات.. هل خسرت الحكومة رهاناتها؟

بعد دعوات لإجراء انتخابات “مبكرة” أو “أبكر”، استقبل البعض مقترح تأجيلها الى شهر تشرين الأول أكتوبر المقبل، بدلا من قرار حكومي سابق باجرائها في حزيران يونيو 2021، بارتياح أو انزعاج كل بحسبه، لكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اعتبرته ضروريا و”عمليا” لفسح المجال

بعد دعوات لإجراء انتخابات “مبكرة” أو “أبكر”، استقبل البعض مقترح تأجيلها الى شهر تشرين الأول أكتوبر المقبل، بدلا من قرار حكومي سابق باجرائها في حزيران يونيو 2021، بارتياح أو انزعاج كل بحسبه، لكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اعتبرته ضروريا و”عمليا” لفسح المجال أكثر للمرشحين والناخبين على حد سواء، الأمر الذي عرض مصداقية الحكومة ورهاناتها الى الزوال.

كم بلغت الكيانات المسجلة؟

وبهذا الصدد، تقول المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “المفوضية اقترحت تأجيل الانتخابات المبكرة، وهو قرار عملي جاء حرصا على إجراء انتخابات متكاملة ونزيهة، إضافة الى منح الفرصة لتشريع قانون المحكمة الاتحادية، فضلا عن أن التأجيل جاء لمنح وقت اطول للناخبين من اجل تحديث بطاقاتهم وبياناتهم”، نافية “أي تدخل للتوافقات السياسية في القرار”.

وحول عدد الكيانات السياسية المسجلة حاليا، تبين الغلاي، أن “تحالفين سجلا من أصل 25 تحالفا مصادقا عليها في انتخابات عام 2018، وتلقينا 438 طلب تسجيل حزب، حيث بلغت الأحزاب التي حصلت على إجازة هي 232 و67 قيد التأسيس”، موضحة ان “فترة تسجيل التحالفات انقضت بتسجيل 6 تحالفات فقط”.

ويعد مطلب إجراء الانتخابات المبكرة، أبرز مطالب التظاهرات في العراق، التي انطلقت في تشرين الاول اكتوبر 2019، وعلى أساسها قدمت الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي استقالتها، وصوت مجلس النواب على حكومة مصطفى الكاظمي، لتكون مهمتها التمهيد لإجراء الانتخابات المبكرة.

يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون كاطع الركابي، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “دولة القانون منذ البداية وقبل اقرار البرلمان لقانون الانتخابات، كان موقفه ان كل الأخوة الذين ينادون بالدوائر المتعددة، لا يسعون لاجراء الانتخابات المبكرة”.

ويضيف، أن “اعتماد الدوائر المتعددة والانتخابات المبكرة معا، فيه تناقض كبير، ومن البداية قلنا هذا، فالدوائر المتعددة لا تناسب وضع البلد”، مبينا “الان نحن لا ندعو الى تأجيل الانتخابات، نحن مع التاريخ الذي تقرره مفوضية الانتخابات والحكومة”.

هل التأجيل لصالح الكتل؟

وحول ما اذا سيعود التأجيل بالنفع لبعض القوى السياسية، يشير الركابي الى انه “لا يوجد مستفيد من تأجيل الانتخابات، فالجميع تهيأ لاجراء الانتخابات في شهر حزيران يونيو المقبل، لكن التأجيل في مصلحة الجميع وهذه الزيادة في الوقت هي زيادة خير”.

ويوضح، أن “المفوضية قالت في كتابها، أن الكثير من الكتل والائتلافات لم تملك الوقت للتسجيل، وهذا بحاجة الى المزيد من الوقت”، متوقعا “موافقة الحكومة على مقترح مفوضية الانتخابات”.

ويستطرد، أن “المفوضية هي المسؤولة عن إجراء الانتخابات، ومن غير الممكن ان توافق الحكومة على الامر اذا لم تكن متأكدة ان المفوضية طلبت التأجيل لاسباب موضوعية”.

وشهدت التظاهرات التي استمرت لغاية منتصف العام الماضي، سقوط ما يقارب 500 قتيل واكثر من 25 الف جريح، نتيجة استخدام القوات الامنية للرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الدخانية.

وكانت مفوضية الانتخابات اقترحت يوم امس، عبر كتاب رسمي موجه الى الحكومة، ان يتم اجراء الانتخابات المبكرة في 16 تشرين الأول اكتوبر المقبل، بدلا من 6 حزيران يونيو، وهو الموعد الذي حدده رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.

وبحسب كتاب المفوضية، فانها أجملت الأسباب بانتهاء المدة المحددة لتسجيل التحالفات السياسية ولقلة عدد التحالفات المسجلة في دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية للفترة المحددة في جدول العمليات، ما يتطلب تمديد فترة تسجيل التحالفات وما يترتب على ذلك من تمديد فترة تسجيل المرشحين.

رهانات الحكومة

وتعقيبا على مقترح التأجيل، يقول المحلل السياسي إياد العنبر، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “دلالات تأجيل الانتخابات تنحصر بخسارة الحكومة لاول رهان لمصداقيتها امام الشارع فقد حددت موعدا سابقا للانتخابات”.

ويوضح، أن “قرار الحكومة الاول لم يكن فيه أي ضغوط بشأن الموعد الذي اختارته، واعلنه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بان الانتخابات ستكون في شهر حزيران، ومن ثم أثبت انه قادر على الإيفاء بالموعد”، مضيفا، أن “رمي الكرة بملعب المفوضية، هو نوع من المراوغة، أيدتها الكتل السياسية وتماهى معها الكاظمي، فلو كانت هناك مصادقية في الموضوع، كيف يمكن ان تحدد الحكومة موعدا للانتخابات دون ان يكون هناك اتفاق مع المفوضية؟”.

ويشير، الى أن “الكتل السياسية والحكومة أرادت ان تؤجل الانتخابات بسبب تقني، طيب اذا كان هذا هو السبب، لماذا لم تتم استشارة المفوضية في البداية قبل تحديد الموعد الأول، ولماذا الكتل التي تحدثت عن انتخابات (أبكر)، سكتت الان، وحتى بيان تحالف الفتح اليوم، هو إقرار لكن بصيغة متلاعبة بالالفاظ، فانه يقر بموعد الانتخابات الجديد، لكنه يعترض في نفس الوقت، لذر الرماد بالعيون”.

ويلفت الى ان “كل القوى السياسية في السلطة مستفيدة من التأجيل، ومنها الحكومة، فالموازنة تدر لصالح أحزاب السلطة والحكومة، وبقاء الحكومة يساعد بتمرير الكثير من الصفقات دون ان تكون هناك أي رقابة، فالقوى السياسية بحاجة الى بقاء البرلمان على ما هو عليه الان”.

وينوه العنبر الى ان “الرغبة الاساسية هي ليست فقط البقاء في السلطة، وانما عدم إجراء الانتخابات المبكرة، حتى لا يكون هناك نصر لارادة المحتجين، وأن استقالة الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، اعتبر تنازلا لإرادة الشارع المقرونة بضغط المرجعية الدينية والدماء التي سالت من أجل التغيير، وأن أي يوم تأخير سوف يعد بمثابة تراجع عن هذا التنازل لإرادة تشرين”.

ويوم أمس الاثنين، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عن التزامه بقرار تأجيل الانتخابات المبكرة إذا كان “لأسباب مهنية”، متوعدا مفوضية الانتخابات بـ”قرار” اذا لم تكن هذه الاسباب مقنعة.

من جهته، عبر تحالف الفتح في بيان أمس، عن “انزعاجه الشديد” من تأجيل موعد الانتخابات، وبين ان “هذا يخالف كل ما جرى الاتفاق عليه بأن تكون الانتخابات في فترة أقصاها سنة واحدة من تشكيل الحكومة”، معبرا عن “خشيته” من أن يكون هذا التأجيل “سبباً في تأخيرها الى 2022”.

وشدد التحالف في بيانه على “ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها الجديد، ولا نقبل بأي تأجيل آخر، ونحثّ الحكومة ومفوضية الانتخابات على العمل بجدية أكبر وإكمال البطاقة البايومترية لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات، وعلى الحكومة الإيفاء بالتزاماتها وتحقيق المناخات المناسبة لإجراء الانتخابات المبكرة”.

وفي آب أغسطس 2020، وبعد تحديد الكاظمي لموعد الانتخابات المبكرة، دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عبر تغريدة في حسابه بموقع تويتر إلى إجراء انتخابات “أبكر” وكتب ما نصه “من أجل العراق ووفاء لتضحيات أبنائه ندعو إلى انتخابات أبكر وعقد جلسة طارئة مفتوحة علنية بحضور الرئاسات والقوى السياسية للمضي بالإجراءات الدستورية، وفقا للمادة 64 من الدستور العراقي فهي المسار الدستوري الوحيد لإجراء الانتخابات المبكرة”.

إقرأ أيضا