ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة “البرامج السياسية الساخرة”، وأخذت مساحات كبيرة داخل الاعلام العراقي.. ومثلما جاءت «حرية التعبير» مفتاحا لمزاولة الكثير من النقد السياسي، الا أنها باتت يافطة للكثير من السقطات المهنية والخروقات الأخلاقية، دون مراعاة للضوابط والحدود، حتى صار البعض يطلق مفردات بذيئة ويذيلها بتنويه يشير فيه الى أن “برنامجه يعمل وفق المادة الدستورية الخاصة بحرية الإعلام والإعلان والصحافة”، فهل تكون حرية التعبير مفتوحة لكل تلك الحدود دون محددات؟
يقول الإعلامي كمال خلف في حديثه لـ”العالم الجديد”، إن “حرية التعبير بشكل عام يجب أن تكون محددة ومقننة بشكل معقول ومفهوم وميسور”. ويضيف ان “ما يحدث في بلداننا العربية وفي مجال الإعلام خاصة، تجاوز كل المحددات والثوابت؛ وأضحى الكل يشتم ويتهكم على الآخر تحت بساط تلك الجملة «حرية التعبير»!، وقد يقول البعض لا ضير في تجاوز التابوهات.. ولكن ليس في كل مجال.. وبخاصة «حرية التعبير» لأنها جاءت لتطوير المجتمعات والإعلاء من شأنها وليس العكس”.
ويبين خلف، أن “الذي يحصل هو الاستخدام السلبي لحرية التعبير، وهذا المفهوم إذا تحول الى اساءة للاخر؛ فانه سيصبح من المحرمات ويتحول إلى خطاب كراهية مقيت، وبالتالي فانه يؤدي الى تفتيت المجتمعات، لذا من اللازم تقنين مفهوم حرية التعبير وفق ثوابت معينة”.
أكاديمياً.. “إن خرجت حرية التعبير عن مسؤوليتها الإخلاقية والإجتماعية ومعايير المهنة والجودة فهي ليست بحرية تعبير” بهذه العبارة تبدأ حديثها إرادة الجبوري أستاذة الإعلام بجامعة بغداد، قائلة إن “ما يطفو الآن على الساحة الإعلامية من برامج سياسية ساخرة.. فاقد لمعايير المهنية والجودة“.
وتضيف الجبوري، ان “أحد تلك البرامج ارتفعت حدّته إبان أزمة استفتاء إقليم كردستان.. حيث أضحى ينشر الكراهية والتحريض ببشاعة وفضاعة كبيرتين، وهذا «حسب كلامها» تجاوز لكل حدود المهنة، بينما هناك برنامج آخر أمسى “يُقَوْلِبْ شخصيات معينّة”، وذلك خطأ جسيم.. إذ أن الإعلام «كما تقول» إنما وجد لـ”كسّر القوالب لا صنعها”، ولكنها تعود وتشير إلى أن “البرنامج الأخير هو أقل البرامج الأخرى من حيث الخروقات”.
“في هذه البرامج رسالة للمواطن بحق النقد للأوضاع بشكل ساخر لإيصال الفكرة، وبالفعل لاقت استحسان الكثير” هكذا يستهل القانوني «محمد اكرم علي» حديثه كتعبير عن رأيه في البرامج، ولكنه يستدرك قائلا “هذا فيما يتعلق بالبرامج ككل”.
أما فيما يتعلق ببعض الحلقات التي فيها “خدش للحياء أو قذف وتشهير”، فيقول إن “المحكمة غير معنية بذلك.. إلا بعد تحريك قضية من قبل المتضرر نفسه أو أن تقوم الجهة الرقابية المسؤولة وهي هيئة الاعلام والاتصالات باتخاذ إجراءات رادعة بحق القنوات الفضائية التي تبث تلك البرامج من تلقاء نفسها دونما الحاجة لشكوى مقدمة”.