صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تحذيرات من أزمة.. كيف تستنزف خطة الزراعة الشتوية المياه الجوفية؟

اعتمدت الخطة الزراعية الشتوية، على المياه الجوفية لإرواء أربعة ملايين دونم، وهو أكثر من ثلثي المساحة المزروعة التي احتسبت في الخطة، ويأتي ذلك على رغم التحذيرات من استخدام هذه المياه كونها بدأت بالنضوب، في وقت أكد خبير زراعي أن الاعتماد على المياه الجوفية والأمطار أمر غير محسوب ولا يمكن التكهن به، مشيرا إلى افتقار إلى خطة لإدارة المياه.

اعتمدت الخطة الزراعية الشتوية، على المياه الجوفية لإرواء أربعة ملايين دونم، وهو أكثر من ثلثي المساحة المزروعة التي احتسبت في الخطة، على رغم التحذيرات من استخدام تلك المياه، كونها بدأت بالنضوب، في وقت أكد خبير زراعي أن الاعتماد على المياه الجوفية والأمطار أمر غير محسوب ولا يمكن التكهن به، مشيرا إلى افتقار البلاد لخطة لإدارة المياه.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخطة الزراعية للموسم الشتوي المقبل جرى إعدادها بالتشاور مع وزارة الموارد المائية، وكانت بحجم خطة الموسم الماضي، ونحن بانتظار مصادقة مجلس الوزراء للمضي بها أو الذهاب لإضافة أراض أخرى”.

وأقرت وزارتا الزراعة والموارد المائية، نهاية الأسبوع الماضي، الخطة الزراعية الشتوية التي تبدأ من تشرين الأول أكتوبر المقبل 2023 وتتضمن زراعة 1.5 مليون دونم على المياه السطحية، وزراعة 4 ملايين دونم اعتمادا على المياه الجوفية، وأكدت الوزارتان الاستمرار بتأمين المياه للاحتياجات الأخرى بالنسبة للاستخدامات المدنية والبيئية وسقي البساتين بمساحة 1.1 مليون دونم، وأوصيتا بضرورة التعاون بين الوزارتين لإنجاح الموسم الزراعي واستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة ومنع التجاوزات بمختلف أنواعها.

وعن تفاصيل الخطة، يكشف الخزاعي، أن “4 ملايين دونم من الأراضي ستروى بمياه الآبار، و1.5 مليون دونم من الأراضي تروى سيحاً، و2.5 مليون دونم أراض شبه ديمية، و40 ألف دونم أراض ديمية”.

وبشأن خطورة الاعتماد الكبير على المياه الجوفية، يؤكد المتحدث باسم الزراعة، أن “هذه المياه هي خزين يستخدم لوقت الحاجة، وهذا هو وقت الحاجة المناسب لاستخدامها، فالأمن الغذائي لا يقل أهمية عن المياه، كلاهما يتعلقان بالحياة، إضافة إلى أن الكثير من الخبراء أكدوا أن المياه الجوفية في العراق متجددة وهذه تطمينات تساعد على اعتمادها، فضلا عن ذلك، فإن استخدام هذه المياه سيكون مشروطا باستخدام تقانات الري الحديثة”.

وكان برنامج الأغذية العالمي WFP التابع للأمم المتحدة، حذّر في 12 أيلول سبتمبر الحالي، من استخدام المياه الجوفية الموجودة في العراق، واصفاً استغلالها بـ”الكارثة”، وبحسب مدير البرنامج في العراق، علي رضا القريشي، فإن استخدام المياه الجوفية في العراق يمثل كارثة في طريقها إلى الحدوث، إذ إنَّ هذا النوع من المياه يأتي من الأمطار ويُحتفظ به في أحواض داخل الأرض لحفظ التوازن، واستهلاكها سيخلق حالة من النضوب بمرور الوقت.

وعن مدى استخدام تقانات الري الحديثة التي تمنع هدر المياه، يعود الخزاعي، ليؤكد أن “أصحاب المساحات الزراعية الصغيرة ما زالوا يعتمدون على الري السيحي، لكن خطة الوزارة تذهب لشمول هؤلاء أيضا بتقانات الري الحديث الذي يعتمد المرشات، لكن بالنسبة للمساحات الكبيرة، لا بديل عن المرشات، وهذه الطريقة معتمدة في كربلاء والسماوة وواسط وصلاح الدين ومناطق أخرى”، مشيرا إلى أن “استخدام هذه التقانة لا يقوم بترشيد استهلاك الماء فحسب، لكنها عملية مربحة للفلاح الذي سيزيد من مساحة إنتاجية الأرض بحدود النصف”.

وبشأن الموسم المطري المقبل، أفاد متحدث الزراعة: “اعتمدنا هذه الخطة بناء على التنبؤات بالموسم المطري المتوقع، فالموسم الماضي حصل توسع في الخطة بناءً على الأمطار، خطة غير نهائية من الممكن التوسعة بالنسبة للأراضي السيحية”.

من جانبه، يذكر الخبير الزراعي والبيئي عادل المختار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخطة الزراعية الشتوية هي سيناريو مكرر للعام الماضي إذ ستبدأ بمليون ونصف المليون دونم اعتمادا على الري السطحي وعند هطول الأمطار سترتفع إلى مليونين ونصف المليون وتعتمد على المياه الجوفية بمساحة 4 ملايين دونم”.

ويضيف المختار، أنه “في العام الماضي أطلقنا تحذيرات بخصوص اعتماد المياه الجوفية في الري السيحي، فإذا كان العراق لديه إمكانية زراعة 4 ملايين دونم بمنظومات الري الحديث عليه أن يتحوّل إلى الاعتماد على الري السطحي ولا يستنزف المياه الجوفية”.

ويتابع أن “المياه الجوفية في العراق استنزفت كثيرا، على الرغم منه أنه البلد الأول عربيا بمخزون هذه المياه التي تعادل 31 مليار متر مكعب، لكن هذا المخزون بدأ يتراجع وأخذت هذه المياه تنضب، وهو ما دفع منظمات دولية لإطلاق تحذيرات من استخدامها، فبحيرة ساوة في السماوة جفت إلى جانب عدد من العيون والينابيع في سامراء وصلاح الدين بسبب تناقص المياه الجوفية، والآن بدأ من استخدم الآبار بتعميقها بسبب نضوب هذه المياه”.

ويكمل المختار، أن “العراق بحسب مدير عام المياه الجوفية، يستهلك ملياري متر مكعب من هذه المياه، فيما يكون التعويض بمليار واحد، ما يعني تناقص مليار في كل عام”، مشيرا إلى أن “استخدام هذه المياه يفتقر إلى التخطيط في إدارتها، وهذا يقود إلى كارثة”.

ويشير إلى أن “وزير الموارد المائية توقع أن يكون الموسم الشتوي ممطرا، لكن كمية الأمطار لن تكون محسوبة، فالموسم السابق كانت السحب تأتي لكنها تتجاوز العراق وتمطر في دول الجوار، وكل شيء متوقع”.

ويخلص إلى أن “العراق لا يملك سدودا لحصاد مياه الأمطار، وخطة وزارة الموارد المائية أن تبني 36 سدا لحصد مياه الأمطار، ولكن حتى الآن لم يتم إنشاء أي منها، فالسعودية بدأت ببناء 1000 من هذه السدود الصغيرة التي سيكتمل إنجازها، وما زال العراق يمتلك النية لبنائها فقط”.

وكان متخصصون، استبعدوا خلال تقرير لـ”العالم الجديد”، إمكانية حصاد مياه الأمطار لعدم وجود خطط استراتيجية لبناء خزانات تستوعب هذه المياه، لكن خبيرا بيئيا، وهو إياد عبد المحسن استغرب في تقرير آخر لـ”العالم الجديد”، عدم اعتماد العراق على المياه الجوفية مع امتلاكه أكبر احتياطي لها في المنطقة، لافتا إلى أن المياه الجوفية هي مياه الآبار الارتوازية التي تستخرج من عمق 200 متر بآلات مخصصة لذلك، وهي مياه عذبة قد تخرج دون الحاجة إلى مضخات أو باستخدامها.

إقرأ أيضا