صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تحذيرات من انعكاس الوضع السوري على العراق.. وهذا موقف الفصائل

يشهد المشهد السياسي في العراق حالة من الإرباك و التشتت، فمن جهة تتصاعد المخاوف من الوضع الأمني بالبلاد في ظل التغيير السياسي في سوريا ومن جهة أخرى جاء حل الفصائل المسلحة وتسليم سلاحها للدولة ليزيد من احتمالات نشوب نزاعات وصدامات ذات صبغة طائفية في العراق على غرار ما حدث عام 2006.

إذ حذر عضو ائتلاف دولة القانون ، النائب والوزير الأسبق حسن الشمري، من انعكاس الوضع السوري على العراق، كاشفا عن موقف الفصائل مما يحدث.

وقال الشمري في حديث تابعته “العالم الجديد”، إنه “لابد من التعامل بحذر مع ما يجري في سوريا واتخاذ إجراءات تمنع التوتر بين البلدين وضرورة المحافظة على الروابط والعلاقات”، مشيرا إلى أن “حديث المالكي يشبه حديث اغلب الشارع العراقي الذي يصف الشرع بالارهابي”.

وأضاف أن “هناك المئات من المنظمات الارهابية في سوريا والتي لم تستطيع السيطرة عليها ويجب الحذر منها”، مردفاً انه “لم ندعم اي فصيل من المقاومة في 2011 بالدخول الى سوريا وانما المتصدين الى الخطر الخارجي”، موضحاً ان “هشاشة القوات الامنية في ذلك الوقت دعتنا الى دعم فصائل مسلحة والذين تمكنوا من إبعاد الخطر عن العراق”.

وتابع أن “الحشد والقوات المسلحة دخلت سوريا بطلب منها للقضاء على التنظيمات الارهابية فيها”، مبيناً انه “تم محاسبة المقصرين بخروج الارهابيين من سجن ابو غريب وقد يكون هذا الامر عمالة من بعض الضباط الى دول خارجية وأجندات ومخابرات أجنبية”.

وأكمل أنه “كان هناك توجه عام لدعم الفصائل المسلحة في زمن الولاية الثانية للمالكي وتوج بفتوى المرجعية التي كانت وسيلة ردع للخطر وساندت الحكومة”، منوهاً بأنه “إذا قدمت الحكومة تقريراً بأن الخطر انجلى يمكن حل تلك الفصائل ولكن اذا تبقى من الغباء إبعادهم”.

وأشار إلى أن “القوات الامنية الى الان تعاني والأجواء العراقية ليست مؤمنة والتسليح ضعيف والسبب الولايات المتحدة التي لم نتسلم منها سوى عدد ضئيل من الدبابات والهمرات والطائرات التي لا تمتلك كل التقنيات”، مستدركاً ان “المجاميع المسلحة لازالت موجودة في المناطق البعيدة و الاوكار الارهابية المدعومة من بعض دول الجوار”.

ولفت إلى أن “التاثير الايراني تغير وقل بعد استشهاد قاسم سليماني وهناك نوع من الارتباك في الفصائل الشيعية بعد رحيله”، مشدداً على ضرورة “التحدث بخصوص رؤية البيت الابيض للعراق وهل يرانا حليف ام ساحة للصراعات وتصفية الحسابات مع الدول الاخرى مثل ايران”، مؤكدا ان “الحكومة تسعى للتواصل مع ترامب لمعرفة نظرة امريكا تجاه العراق وهو أمر جيد”.

و بين ان “رؤية السوداني تحتاج الى استقرار اقتصادي وعليه التباحث مع امريكا لضمان تحقيق رؤيته، وسياسة ترامب في القضايا المالية ورفع الرسوم على الاتحاد الأوروبي قد تعود بالنفع على العراق”.

واستطرد بالقول: “أداء مجلس النواب في تراجع والسبب يعود الى القانون الانتخابي لان النواب غير ملتزمين بالاتفاقات السياسية مع الكتل التي يمثلونها والمعالجة تكمن في تغيير القانون الانتخابي والعودة الى القائمة المغلقة”.

واردف أن “قانون العفو العام يحتوي على بنود سيئة وشمل رؤوس فساد كبيرة، وتعليقات مجلس القضاء كانت جيدة وستغلق الطريق على الاجتهاد بقضية التسوية المالية في قانون العفو العام”.

وشدد على “ضرورة التزام العراق بالتعاهدات الدولية وقانون الأحوال الشخصية وضع بنداً يخص سن الرشد للزوجة”، مختتماً قوله بأن “الخط الشيعي قصر بالتواصل مع المجتمع الدولي لتوضيح أبعاد قانون الأحوال الشخصية”.

وحذر زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، في 1 شباط فبراير الجاري، بعبارات مشددة حول “الفتنة الكبرى” في سوريا،  مشيرا إلى محاولات للالتفاف على العملية السياسية في العراق، فيما أكد أن الفتنة إذا وقعت ستكون لها عواقب وخيمة.

وحثّ محمد الحسان، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، مؤخرا، العراقيين على المشاركة في الانتخابات المقبلة واختيار قيادات جدد للبلاد “بعيدا عن المسميات الطائفية”.

جاء ذلك بالتزامن مع غياب الموقف الحكومي الرسمي من التحول السياسي في سوريا، بعد إعلان تنصيب أحمد الشرع، في 29 كانون الثاني يناير الماضي، رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا، إذ لم يتفاعل العراق رسمياً مع ماحدث حتى هذه اللحظة.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تراجع خطاب الفصائل العراقية المطالب بإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وبدأت بإعادة النظر في مطالبها، وفقا لمسؤولين عراقيين وأمريكيين تحدثوا لوكالة “أسوشيتد برس”.

وقالت الوكالة، مطلع شباط فبراير الجاري، إن سقوط الأسد، الحليف لإيران، أدى إلى إضعاف نفوذ طهران في المنطقة، مما جعل الجماعات المتحالفة معها في العراق تشعر بالضعف.

وأضافت أن الكثيرين في العراق يخشون أيضا من أن تنظيم داعش قد يستغل الفراغ الأمني للعودة من جديد، في وقت لا تزال فيه القيادة الجديدة في سوريا تعمل على ترسيخ سيطرتها على البلاد وتشكيل جيش وطني.

ويعاني العراق من خلافات متصاعدة حول تعديل قانون الانتخابات والتي من المقرر حدوثها في تشرين الأول أكتوبر 2025، إذ ما يزال غياب التوافق السياسي حول طبيعة تعديل القانون يهيمن على المشهد في البلاد.

وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.

الجدير بالذكر أن رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من أبرز الداعمين لتعديل قانون الانتخابات، وطالب بأن يعود للدوائر المتعددة، لكنه في 30 كانون الأول ديسمبر 2024، اكتفى بالتأكيد على أن تعديل القانون سيطرح في البرلمان بعد انتهاء عطلته التشريعية، دون أن يبين أي موقف تجاه طبيعة الدوائر التي يطالب بها.

وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.

وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.

وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.

وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.

وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.

وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.

إقرأ أيضا