في ظل الحديث عن فرض عقوبات أمريكية على مصرف الرافدين العراقي،لكونه “آلة لغسل أموال النظام الإيراني”، على حد تعبير عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون، تتصاعد المخاوف من انعكاس ذلك على الاقتصاد وسعر صرف الدولار.
وفي هذا الإطار، رجحت عضو اللجنة المالية إخلاص الدليمي، اليوم الأحد، إمكانية تطبيق العقوبات الأمريكية على مصرف الرافدين، مشيرة إلى خروقات مالية إرتكبها المصرف خلال الفترة الماضية.
ويعتبر مصرف الرافدين أحد أقدم وأكبر المصارف الحكومية في العراق حيث يلعب دورًا محوريًا في تمويل المشاريع الحكومية ودفع رواتب الموظفين وإدارة العمليات المالية للدولة وسبق أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مصارف عراقية أخرى بسبب تعاملاتها المالية مع إيران مما تسبب في تداعيات سلبية على سعر الصرف والاقتصاد الوطني.
وقالت الدليمي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “هناك الكثير من الخروقات المالية المتورط فيها مصرف الرافدين بدء من سرقة القرن وإيداع المتهم الأول فيها نور زهير الأموال في مصرف الرافدين وبالتالي من الممكن تطبيق العقوبات الأمريكية على المصرف بالإضافة إلى مصارف أخرى”.
ودعا عضو الكونغرس الأمريكي جو ويلسون، في وقت سابق من اليوم، إلى فرض عقوبات على مصرف الرافدين العراقي، واصفاً إياه بـ”آلة لغسل أموال النظام الإيراني”.
وقال ويلسون في تغريدة تابعتها “العالم الجديد”، إنه “تحت حكم بايدن وبريت ماكغورك، سمحت وزارة الخزانة الأميركية وبنك الاحتياطي الفيدرالي لبنك الرافدين، وهو الأكبر في العراق، بأن يصبح آلة لغسل الأموال للنظام الإيراني وعملائه للحصول على الدولار الأمريكي”.
وأضاف، “يجب فرض عقوبات على هذا البنك. ترامب سوف يصلح الأمر”.
ويعد ويلسون، وهو عضو في الكونغرس الأمريكي يعد من أعضاء الحزب الجمهوري المعروفين بدعمهم لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كما ولويلسون، مواقف مؤيدة لسياسة ترامب الخارجية التي ركّزت على الضغط على إيران مثل الانسحاب من الاتفاق النووي وتشديد العقوبات عليها.
يشار إلى أن فرض عقوبات أمريكية على مصرف الرافدين قد يؤدي إلى انهيار قيمة الدينار العراقي أمام الدولار مما يفاقم من الأزمة الاقتصادية التي يواجهها العراق بالفعل، كما أكد أن “مثل هذه العقوبات قد تؤدي إلى تراجع قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين والتزاماتها المالية مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد الداخلي، بحسب مختصين.
وأكد عضو اللجنة القانونية النيابية محمد عنوز ، في 12 كانون الثاني يناير الماضي، عدم إمكانية فرض الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب عقوبات جديدة على العراق كون الأخير يحظى بعلاقات دولية وعربية.
الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد في 2020 بفرض عقوبات “لم يروا مثلها” ردًا على أية محاولة عراقية لإجبار القوات الامريكية على الانسحاب.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تراجع خطاب الفصائل العراقية المطالب بإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وبدأت بإعادة النظر في مطالبها، وفقا لمسؤولين عراقيين وأمريكيين تحدثوا لوكالة “أسوشيتد برس”.
وقالت الوكالة، مطلع شباط فبراير الجاري، إن سقوط الأسد، الحليف لإيران، أدى إلى إضعاف نفوذ طهران في المنطقة، مما جعل الجماعات المتحالفة معها في العراق تشعر بالضعف.
وأضافت أن الكثيرين في العراق يخشون أيضا من أن تنظيم داعش قد يستغل الفراغ الأمني للعودة من جديد، في وقت لا تزال فيه القيادة الجديدة في سوريا تعمل على ترسيخ سيطرتها على البلاد وتشكيل جيش وطني.
ونشرت شبكة بلومبيرغ في 27 كانون الثاني يناير الماضي، تقريرا تناول مستقبل العراق في ظل تصاعد الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية المتوقع العام المقبل، مشيرة إلى أن المخاوف من وقوع العراق تحت النفوذ الإيراني بشكل كامل لا تستند إلى أسس تاريخية أو واقعية.
ويتزامن تقرير بلومبيرغ مع تصاعد النقاش في الولايات المتحدة حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق، ففي حين يرى بعض المحللين أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى البقاء عسكريا لفترة غير محددة، يرى آخرون أن توجهات الرئيس الأمريكي قد تنتهي بسحب كامل للقوات.
وتشهد الساحة السياسية في العراق جدلا واسعا حول مساعي الحكومة لإقناع الفصائل المسلحة في البلاد بتسليم السلاح أو الانضمام للقوات الأمنية، لا سيما بعد النكسات التي تعرض لها “محور المقاومة”، وتولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم.
وقالت منظمة ستميسون الأمريكية للدراسات في تقرير تحليلي نشرته في 11 كانون الثاني يناير الماضي، أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسحب قواتها من العراق نهائيا، مؤكدة أن الأنباء عن وجود مخطط أمريكي للانسحاب خلال العام الحالي 2025، هي مجرد أنباء “للاستهلاك الإعلامي”.
وذكرت منظمة ستميسون في التقرير أن “خسارة سوريا تمثل ضربة مدمرة للمحور الإيراني، الأمر الذي يجعل انسحاب القوات الأمريكية من العراق أمرا مستحيلا، كونه سيقدم لإيران بديلا عن خسارتها لسوريا”، مشددة بحسب مسؤولين أمريكيين على أن “الانسحاب الأمريكي لن يكون ممكنا في المرحلة المقبلة نظرا للظروف الجديدة في المنطقة”.
وكشف موقع “اويل برايس” المختص ببيانات النفط والطاقة العالمية، في 2 كانون الثاني يناير الماضي، ان فريق ترامب يفكر بفرض عقوبات مباشرة على العراق مع بدء حكومة ترامب مهامها، وذلك ردًا على مساعدة ايران في تهريب نفطها من خلال موانئه، فضلا عن وجود كيانات تعمل على غسيل الأموال وتمويل نشاطات مختلفة.
وتعد أزمة الكهرباء هي واحدة من أبرز الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، ولم تتمكن من تجاوزها، على الرغم من إنفاق نحو 41 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا لتقارير رسمية.
ويستورد العراق في فصل الصيف 70 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني في اليوم لتغذية محطات توليد الكهرباء في البلاد، ويولّد نحو 5000 ميغاواط من الكهرباء بهذه الإمدادات، ويعني هذا التدفق، إلى جانب عمليات الشراء المباشرة للكهرباء من إيران، أن طهران تلبي 40 في المائة من احتياجات العراق من الكهرباء بتكلفة 4 مليارات دولار سنوياً.
ولكن غالباً ما تخفض إيران إمدادات الغاز للعراق، ويساهم ذلك في بعض الانقطاع في التيار الكهربائي والاستياء العام والمشاكل السياسية، وتعزى بعض هذه التخفيضات إلى الطلب المحلي الإيراني.
ونقل الموقع عن مصدر وصفته بـ”الكبير” ويعمل عن كثب مع الفريق الرئاسي الجديد، وتابعته “العالم الجديد”، إن “فكرة إضعاف استخدام “الدول الحمقاء المفيدة” لتجنب العقوبات قيد الدراسة فيما يتعلق بالعراق”.
وأضاف المصدر أن “فريق ترامب يفكر في فرض عقوبات مماثلة على العراق كما هو الحال بالنسبة لإيران، بما في ذلك على الأفراد والكيانات المرتبطة بالتمويل والحركة والخدمات اللوجستية المتعلقة بنقل النفط والغاز الإيرانيين، والأموال المتعلقة بذلك”.
وأوضح انه “تم وضع سابقة لهذا في رئاسة ترامب الأولى بعد أن وقع العراق على صفقة استيراد الغاز والكهرباء لمدة عامين مع إيران على الرغم من تعهده بتقليص مدة هذه الصفقات، حيث ردت واشنطن حينها بعقوبات مستهدفة صارمة على 20 كيانًا مقرها إيران والعراق”.
يشار إلى أن الرئيس الجمهوري كانت انسحب عام 2018 من الاتفاق النووي، وأعاد في العام التالي (2019) فرض حظر كامل على صادرات النفط الخام من إيران، بحيث انخفضت شحناتها إلى 250 ألف برميل يوميًا بحلول أوائل 2020 – وهو أقل بكثير من مستواها قبل عامين.
لكن طهران عادت وحسنت وضعها لاحقا، بحيث وصلت شحناتها أعلى مستوى لها في ست سنوات أيلول سبتمبر الماضي (2024).