ما الذي تفعله الأحلام، اذا كان الغد من رصاص، واليوم من قذائف، والقادم من مناورات.. لا شيء يسكن الإقليم غير هدير الأوراق على طاولات التداول.. ففي إيران يحمل الهاتف \”استراتيجية جديدة\” وفي أنقرة \”يأكل الخصوم جزءا من الطربوش العثماني\”.. وفي الرياض، يميل العقال الى الوراء فرط الركض وراء البقاء على قيد الطاولة، فيما تترقب إسرائيل العاصفة، لتحتوي انطلاقة الخيول.. وحدها دمشق تناور الرصاص، لتظل مستقيمة في خطوتها باتجاه جنيف 2.. التي ربما تكون خارطة لطريق غير موجود على كتف الجغرافيا.. طريق ترسمه موسكو وواشنطن بحبر من ضباب.. فيصعب على الخصوم قراءة دقائقه. في المعطيات الأولية تبدو \”أنقرة\” في خضم العاصفة، حيث تشابكت عليها خيوط اللعبة كثيرا، فهذا الكم المخيف من الجهاديين لا يبشر بأمن، في حال انقلبت الأدوار.. وتشابكت المخارج، وتعذرت الرؤى في تحديد خارطة لخروج آمن، ربما لأن أنقرة وضعت بيضها كله في \”حلم\” لم يسفر عن \”خطة دقيقة\” تعود بالغنيمة السورية حية الى \”أنقرة\” وربما لأنها راهنت على التأريخ، وأسقطت المتغير، الأمر الذي \”يبدو فعلا طبيعيا\” للعقلية التأريخية التي تحكم ساستها اليوم، هؤلاء الساسة الذين كانوا يحلمون بالعنب السوري وقتل الناطور.. لكن المتغيرات والمرونة التي لعب بها الطرف الآخر، فاقت التصور، وأسقطت الأجندة، بل وتقدمت عميقا لتفتت الصف \”التركي، المصري، التونسي، الليبي، القطري\” والمدعوم ضمنا من جناحي/ واشنطن –الخليج .. وربما أسقطت الضربة القاضية \”للسيسي\” الحلم التركي تماما.. وأخرجته من حيز الحلم الى مدارج الكوابيس.. ليقلع قلقا صار يتكوم كــ غيوم سوداء في الغد الإخواني للسلطان\” الذي كان يفترض سطوته… وبعد خروج مصر من اللعبة، وتخلخل الموقف التونسي، ها هو الكرت الأحمر يشهر مجددا بوجه الأمير القطري الشاب، الذي أدرك من خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، أن اللعبة لم تعد تلعب وفق القانون القديم، وأن على أنقرة أن تكون رادعا لا رديفا للتمدد القطري.. وهكذا عاد \”غول\” للقول بأهمية الدور الإيراني.. لأن البنادق التي رعيت اتجهت من خلال \”عزاز\” الى القلب التركي، لتهدد بمستقبل غير آمن للعبة التركية، التي صارت اليوم عصية على الإحتواء، بفعل المتغير الروسي/ الأمريكي/ الإيراني، الذي خلخل مراكز اللاعبين، وهمش كثيرا من الدور التركي/ الخليجي… لتعود اللعبة/ إيرانية/ روسية، يقابلها المحور الأمريكي/ الإسرائيلي… الأمر الذي يجعل من دمشق حليفا مستقبليا، ويجعل من \”أمن أسرائيل\” محور اللعبة، يقابله \”أمن دمشق\” و \”خارطة للخروج المشرف من عنق الحرب\” وهنا تبدو الأدوار التركية/ الخليجية.. هامشية تماما، بفعل الجغرافيا، والتأثير… من هنا يفسر المراقبون سعي دول الخليج الحاضر لتعزيز علاقاتها بـ تل أبيب، سعيا للحصول على \”رماد الهدايا\”.. أو للنفاد الى عرقلة من نوع ما في الملف السوري/ الإسرائيلي الشائك.. والذي قد يفضي الى ما يمكن تسميته بــ \”تسوية ودية\” تنفض إيران بموجبها يدها من \”حماس\” وتعزز دمشق حضورها على طاولة المفاوضات، تحت عنوان \”الجولان مقابل الأمن\” ويتجه فيها \”حزب الله لتعزيز دوره السياسي\” وينكفأ العراق فيها الى استعادة دوره الاقليمي \”رديفا لإيران\”.. ومن ثمة الذهاب الى تشكيل \”تحالف مكافحة الإرهاب\” لتكون سوريا الطرف الأبرز فيه، وهكذا ترتفع سوريا من \”هدف قتل/ الى/ شريك تحالف\” .. وتستعيد تركيا في المستقبل \”دورها الضائع\”… لكن السؤال هل ستكون أنقرة بعيدا عن \”لعبة الإهتزاز\” التي زرعتها في المنطقة، وهل يكون الحائط التركي عصيا على أيادي الساعين لاسقاطه… يبقى الأمر رهينا \”بحركة أنقرة السياسية\” فهي وحدها من يحدد إذا ما ستبقى ـ أو تنهار… وربما يستعيد \”عبد الله غول سنة سليمان القانوني القائلة/ بقتل الأخ\”.
تركيا … كش ملك
2013-09-30 - منوعات