صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تسع ملفات إستجواب على طاولة المشهداني.. فهل تبصر النور تحت قبة البرلمان؟

يثير ملف الاستجوابات في العراق الكثير من الجدل والمتاهات التي تترابط ببعضها البعض نتيجة الخلافات السياسية التي رافقت العملية السياسية في البلاد وتحديدا الدورة البرلمانية الحالية، في ظل حالة العجز الهيكلي إثر  تعطيل جلسات البرلمان واحتدام الخلافات حول بعض القوانين، مما أفقد البرلمان بوصلته التشريعية وجعل مستقبله على المحك.

وفي تطور جديد قد يعيد للبرلمان دوره الرقابي، كشف عضو لجنة النزاهة النيابية  هادي السلامي، اليوم الخميس، عن استكمال الإجراءات القانونية والإدارية لتسعة ملفات استجواب تخص وزراء ورؤساء هيئات عامة حاليين، مبينة إحالة الملفات إلى هيئة رئاسة مجلس النواب بانتظار تحديد مواعيد لجلسات الاستجواب خلال الفصل التشريعي الحالي.

وقال السلامي، في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “اللجنة أنجزت جميع الجوانب القانونية والإدارية الخاصة باستجواب تسعة من الوزراء ورؤساء الهيئات، من بينهم وزراء الدفاع، التجارة، النفط، البلديات، النقل، إضافة إلى هيئة الإعلام والاتصالات، وجهات أخرى”.

وأوضح أن “اللجنة أحالت الملفات إلى هيئة رئاسة المجلس لغرض إدراجها على جدول الأعمال، والعمل على تحديد مواعيد لمناقشتها في الجلسات المقبلة”.

ورغم الجاهزية القانونية لإستجواب عدد من المسؤولين، إلا أن نجاح إتمامها مرتبط بشكل وثيق بمدى جدية الكتل السياسية في الابتعاد عن سياسة التسويات والضغوط المتبادلة، والالتزام بمبدأ الرقابة والمساءلة بعيداً عن التسييس والمجاملات، بحسب مراقبين.

ويشهد البرلمان حالة من تعطيل الجلسات نتيجة لتغيب عدد من النواب عن حضور الجلسات، وسط انتقادات للرئاسة بعدم تطبيق النظام الداخلي للمجلس واتخاذ إجراءات صارمة لضمان سير أعمال الجلسات وعدم تعطيل انعقاد البرلمان.

ومنذ بداية الدورة النيابية في كانون الثاني يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنوياً، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهرياً، وفصلاً تشريعياً يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.

ومنذ انطلاق الدورة الخامسة للبرلمان، واجهت المؤسسة التشريعية تحديات كبيرة، أبرزها الانقسامات الحادة بين الكتل السياسية، وغياب التوافق حول الملفات الكبرى، ما انعكس سلبا على الأداءين التشريعي والرقابي، كما ساهمت هيمنة بعض الأطراف النافذة على قرارات البرلمان في إضعاف دوره، وتراجع ثقة المواطنين بفعاليته، خصوصا مع تكرار تعطيل الجلسات وتغييب القوانين الإصلاحية، مما دفع عددا من النواب إلى طرح خيار حل البرلمان كمدخل لإعادة بناء المشهد السياسي وفق أسس جديدة.

واتهم النائب المستقل رائد المالكي، ، جهات في 15 نيسان أبريل الجاري، سياسية وموظف في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالوقوف وراء تعطيل جلسات مجلس النواب، بهدف إفشال إدراج تعديل قانون الانتخابات على جدول الأعمال، محملا رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل السياسية مسؤولية ما يجري.

ويشهد البرلمان، خلال الفترة الماضية، صراع على استحداث عدد من المحافظات أسوة بحلبجة التي صوت عليها البرلمان في 14 من الشهري الجاري والجدل المستمر بشأنها كونها تمت بطريقة غير قانونية لعدم اكتمال النصاب.

كما اعلنت كتلة “الصادقون” النيابية، عزمها التحرك لإقالة رئاسة مجلس النواب بسبب “الإدارة المخالفة لجلسة اليوم”، فيما لوح النائب أمير المعموري خلال مؤتمر صحفي، باللجوء للمحكمة الاتحادية للطعن بالجلسة.

وحذّر النائب هادي السلامي، في حينها، من التبعات المحتملة لهذا القرار على وحدة البلاد، خاصة في ظل الظروف السياسية الدقيقة التي تمر بها البلاد، مما قد يفتح الباب أمام مطالب انفصالية أو تفكيك إداري في مناطق أخرى تتبع النهج ذاته الذي اتبع في حلبجة”.

فيما دعت كتلة بدر النيابية، إلى استحداث محافظة جديدة تضم تلعفر وسنجار وسهل نينوى، بهدف “إنقاذ المكونات العراقية من التهميش”، تعقيبا على استحداث حلبجة.

وكان النائب المستقل حسين السعبري، في 9 آذار مارس الماضي، عن وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.

ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالغالبية.

ويشهد مجلس النواب، تعطيلا مستمرا لجلساته، عبر عدم تحقق النصاب القانوني لعقدها، رغم إعلان جدول الأعمال وتحديد موعد الجلسة، فمنذ 16 شباط فبراير الماضي لم يتمكن البرلمان من عقد جلسة له بسبب الخلافات السياسية بين الكتل حول بعض القوانين، فيما جاء شهر رمضان ليزيد من التعطيل رغم الاعلان عن تحويل الجلسات إلى المساء.

ويواجه تعطيل جلسات البرلمان جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا ان هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج الى عقد جلسات المجلس من اجل تشريعها وأبرزها قانون الحشد والموازنة و قانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب وقانون النقابات وقرار نظام المحاولات.

وتأخذ محاولة تمرير أيّ قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.

ويعد تعطل إقرار العديد من القوانين المهمة من شأنه إضعاف الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وفق ما يراه مراقبون للشأن السياسي، الذين ينتقدون لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية التي أدت لتأجيل قوانين مهمة يرتقبها الشارع العراقي.

وكان عضو لجنة النزاهة النيابية هادي السلامي، كشف في 2 كانون الثاني يناير الماضي، عن التوقيع على 9 استجوابات ستشمل وزير الدفاع ثابت العباسي، وبنكين ريكاني وزير الاعمار والاسكان والبلديات والاشغال العامة، وزير التجارة أثير داود الغريري، وكذلك زير الكهرباء زياد علي فاضل، ووزيرة الاتصالات هيام الياسري، ووزير النقل رزاق محيبس السعداوي، فضلا عن هيئة الإعلام والاتصالات، وهيئة الاستثمار”، إلا أنه لم يتم أي شيء يذكر حتى الآن.

يشار إلى أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل أتباع التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.ويعتبر التعديل الوزاري، أحد الفقرات التي تضمنها البرنامج الحكومي، وأشرها تقرير “السوداني ميتر” الإحصائي الخاص بتنفيذ الوعود الحكومية، حيث نص على “تقييم أداء الوزراء والمديرين العامين”، مع أكثر من وعد بهذا الشأن.

يشار إلى أن آخر استجواب قام به مجلس النواب في 13 آذار مارس2023، طال رئيس شبكة الاعلام العراقية السابق نبيل جاسم الذي فشل بإقناع المجلس بأجوبته، واكتفى المجلس بسحب يده من إدارة الشبكة فقط بدون مساءلته قانونيا عن الملفات التي استجوب على أساسها.

إقرأ أيضا