قوبل قرار وزارة الداخلية بتسلم الملف الأمني في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، بمواقف مختلفة من قبل متخصصين بالأمن، ففيما أظهروا مخاوفهم من تغول خلايا تنظيم داعش التي لم يقض عليها بشكل كامل، في حال تسلمت الوزارة كافة المحافظة وليس مركزها فقط، أشروا في الوقت ذاته، إيجابيات للقرار الحكومي، كونه سيسهم إلى حد كبير في إبعاد الجيش عن المدن، داعين لتفعيل الجهد الاستخباري بهدف ملاحقة عناصر التنظيم المتشدد.
ويقول الخبير في الشأن العسكري سرمد البياتي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار تسلم وزارة الداخلية كامل الملف الأمني في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، جاء بعد نجاح الوزارة بتسلم الملف في ثلاث محافظات، وتريد أن توسع عملها في تسلم باقي الملف الأمني للمحافظات الأخرى”.
ويبين البياتي، أن “محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، تعتبر من المدن الساخنة وكانت قبل فترة بيد تنظيم داعش الإرهابي، ولا نعلم هل قرار تسلم وزارة الداخلية الملف الأمني لهذه المحافظات فقط في مراكز المدن أو يشمل عموم المحافظة”، مبينا أن “تسلم الوزارة للملف الأمني لعموم هذه المحافظات، هو خطوة قد تؤدي إلى نتائج غير إيجابية، وتحصل خروق أمنية بتلك المدن”.
ويتابع الخبير في الشأن العسكري، أن “الوزارة إذا تسلمت الملف في مراكز هذه المحافظات فقط، فلا توجد مخاوف أو إشكالات، بل هو أمر جيد، وهنا تكون قوات الجيش على الحدود وخارج المدن السكنية، لكن هناك تخوف من مسك كامل المحافظة من قبل الداخلية، خصوصاً أن الخروق الأمنية دائما ما تحصل في الأماكن البعيدة عن مراكز المدن”.
يشار إلى أن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وجه يوم أمس الأثنين، بتسلم الملف الأمني في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار في العام المقبل.
وكان الشمري، بدأ بعملية تسلم الملف الأمني لمحافظات الوسط والجنوب بعد تسمنه لمنصبه، وكانت أولى المحافظات هي الديوانية وواسط والمثنى، حيث وجه نهاية العام الماضي، بتشكيل خلية استخبارية مسؤولة عن أمن واستخبارات هذه المحافظات والتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى في هذا المجال.
يشار إلى أن العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى عدا إقليم كردستان، تقودها أمنيا قيادات العمليات، التي شكلها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في العام 2007، إذ خُصّصت قيادة عمليات واحدة أو اثنتان لكل محافظة، يتولى قيادتها ضابط من وزارة الدفاع برتبة رفيعة، مع إشراف هذه القيادة على مختلف الفرق العسكرية والألوية المنتشرة، وتضم كافة صنوف الأجهزة الأمنية.
ومنذ سنوات عدة تحاول الحكومات نقل مسؤولية الملف الأمني في المدن إلى الداخلية، إلا أنها تتراجع عن ذلك، بسبب عقبات عديدة.
من جانبه، يبين الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قرار تسلم وزارة الداخلية كامل الملف الأمني في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، ومحافظات أخرى قرار جيد وصائب لكنه جاء متأخرا”.
ويتابع أبو رغيف، أن “عملية تسلم الوزارة للملف الأمني في هذه المحافظات ستكون تدريجية، وسينتقل الجيش لخارج المدن والأمن الداخلي سوف تتولى مسؤوليته الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع وقوات حفظ القانون، إضافة للأجهزة الاستخباراتية والأمنية، وهذا الملف يسير وفق خطط مدروسة ومحكمة، لمنع حصول أي خروق خلال عملية التبديل الأمني”.
ويؤكد أن “المحافظات الغربية والشمالية سيكون لها اهتمام خاص من خلال تفعيل الجهد الاستخباراتي والمخابراتي والأمني على مستوى ملاحقة المفارز والزمر، التي يعتقد انها تشكل خطرا على بعض المناطق والمحافظات الآمنة”.
يذكر أن المنهاج الوزاري لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني تضمن فقرة تنص على سحب جميع وحدات الجيش من المدن، وتسليم الملف الأمني فيها لوزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية بالتنسيق مع بقية الأجهزة الأمنية؛ مثل: الأمن الوطني وجهاز الاستخبارات.
جدير بالإشارة، أن الناطق باسم وزارة الداخلية خالد المحنا، وصف الأمر بأنه الحالة الطبيعية في كل بلدان العالم بأن يكون الأمن الداخلي من اختصاص قوات الشرطة المرتبطة بوزارة الداخلية”، مؤكدا في تصريح سابق له أن قطعات الجيش سوف تبقى في المعسكرات لحماية البلاد من أي تعرض خارجي أو شيء من هذا القبيل وفق الواجبات المخصصة لوزارة الدفاع والتشكيلات التابعة لها.
وتشهد محافظات الوسط والجنوب العديد من المشاكل، أبرزها النزاعات العشائرية، والتي خصصت لها أكثر من قوة من قبل وزارة الداخلية مؤخرا وسابقا من قبل قيادات العمليات، لكن لم تفلح بوقفها أو التخفيف منها، كما تشهد ظواهر عديدة منها انتشار الجريمة والمخرات، وغالبا ما تدخل القوات الأمنية بمواجهة مع المطلوبين خلال عملية إلقاء القبض عليهم، وتتسبب بمقتل أو إصابة ضباط ومنتسبين.