صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تصدير نفط كردستان على طاولة بغداد وأربيل السبت المقبل

مع تسارع نشاط قطاع النفط العراقي بصورة ملحوظة، على صعيد إبرام الصفقات والمشاريع مع شركات أجنبية، ما جعله يتصدر قائمة أكبر الصفقات النفطية، خلال آذار الماضي للشهر الثاني على التوالي، كشف رئيس ديوان مجلس وزراء حكومة إقليم كردستان أوميد صباح، اليوم الأربعاء، عن اجتماع مهم سيُعقد يوم السبت المقبل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لمناقشة ملف تصدير نفط الإقليم، وذلك بحضور ممثلي الشركات النفطية العاملة في الإقليم.

وقال صباح خلال مؤتمر صحفي تابعته “العالم الجديد”، إن “ملف تصدير النفط يحظى باهتمام بالغ من قبل حكومة الإقليم، وقد أوفت بجميع التزاماتها المتعلقة بهذا الملف”، معرباً عن أمله في أن تسير الأمور بالاتجاه الصحيح خلال المرحلة المقبلة.

وفي ما يتعلق بملف تشكيل الكابينة الوزارية العاشرة في إقليم كردستان، أوضح رئيس ديوان مجلس الوزراء أن “الوفود السياسية توصلت خلال اجتماعاتها السابقة إلى تفاهمات مهمة من شأنها تيسير عملية تشكيل الحكومة في المرحلة المقبلة”.

وأشار إلى أن “المرحلة القادمة ستشهد خطوات لاحقة للانفتاح على الأطراف الأخرى بهدف تشكيل حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات القائمة”.

وكان المتحدث باسم لجنة النفط النيابية علي شداد، أكد في 9 آذار مارس الماضي، أن “وزارة النفط استكملت كافة الإجراءات لتصدير النفط الخام عبر ميناء جيهان وأبلغت الجانب التركي بإنهاء استعداداتها لاستئناف التصدير، وذلك بعد تعديل قانون الموازنة لتصبح كميات النفط المصدرة تتراوح بين 300 ألف إلى 325 ألف برميل يوميا”.

وأضاف شداد، أن “الاجتماع الأخير المنعقد بين وزارة النفط وحكومة إقليم كردستان، تطرق لمطلب الإقليم بزيادة حصة الاستهلاك المحلي من 46 ألفا إلى 110 آلاف برميل في اليوم الواحد، ما يعد مخالفة صريحة للموازنة المصوت عليها في مجلس النواب، ويتسبب بعرقلة إعادة تصدير النفط الخام عبر جيهان”، مشددا على أن “الوفود التفاوضية قد انتهى دورها أمام مادة قانونية لا تقبل المفاوضة أو الاتفاق”.

وفي الوقت ذاته، عقد اجتماع ثلاثي في بغداد بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان وشركات إنتاج النفط في الإقليم، لمناقشة عقبات استئناف تصدير النفط.

يأتي هذا الاجتماع بعد اجتماع ثلاثي عقد في 2 آذار مارس الماضي، ببغداد بين الأطراف الثلاثة نفسها، وتم تقديم نتائجه إلى رئيس مجلس الوزراء، خلال اجتماعه برئاسة محمد شياع السوداني، دون إصدار الأخير أي قرار بشأن مسألة استئناف تصدير نفط كردستان.

وفقا للاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في المرحلة الأولى، يتم إنتاج 300 ألف برميل نفط يوميا في الإقليم، وتصدير 185 ألف برميل منها عبر ميناء جيهان، بينما يتم استخدام 115 ألف برميل أخرى لتلبية الاحتياجات المحلية.

وطعنت الحكومة الاتحادية في الصحة القانونية لعقود تقاسم الإنتاج القائمة مع شركات أجنبية في كردستان العراق من خلال دعوى قضائية بدأت في 2022، لكن توافقا بين بغداد وأربيل في الفترة الأخيرة حول قضايا خلافية من بينها صرف رواتب موظفي الإقليم واستئناف صادرات النفط منه عبر ميناء جيهان التركي، بعث إشارات إيجابية حول حلحلة أزمة تسببت في مشاكل مالية لحكومة الإقليم وخسائر مالية كبيرة للحكومة الاتحادية.

وتناقضت الخطوات القضائية كذلك مع تصريحات كان قد أدلى بها السوداني مؤخرا، قال فيها إن بغداد تنتظر استكمال إجراءات بدء تصدير النفط من ميناء جيهان التركي.

وكان العراق قد كسب دعوى للتحكيم رفعها أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، ضد تركيا بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي دون الرجوع إلى شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، وعلى إثر القرار، توقف تصدير نفط كردستان البالغ 480 ألف برميل يوميا في 25 آذار مارس 2023.

وعدّل البرلمان، في 2 شباط فبراير الماضي، الموازنة العامة، ممهدا الطريق لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي بعد توقفه عامين.

وتهدف التعديلات إلى دعم تكاليف إنتاج شركات النفط العالمية في إقليم كردستان، وتعد موافقة البرلمان هذه خطوة مهمة نحو استئناف صادرات النفط إلى تركيا، وفي هذا السياق، تم تحديد تكلفة استخراج ونقل برميل النفط في المنطقة بـ16 دولارا.

ونقلت “بلومبيرغ” عن وزير الخارجية فؤاد حسين، قوله قبل إسبوع، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن “تم الاتفاق على الإطار القانوني، وما يتعلق بالأمور الفنية بين شركات النفط والحكومة الفدرالية العراقية وحكومة إقليم كردستان للبدء في التصدير، مشيرا إلى نقاشات تدور حول كميات النفط التي سيتم استهلاكها محليا، وما سيتم تصديرها.

وكان العراق يصدر ما بين 400 ألف إلى 500 ألف برميل يوميا من الحقول في شمالي البلاد، بما في ذلك المنطقة الكردية، عبر خط الأنابيب المتوقف متجها نحو تركيا.

وقال وزير النفط حيان عبد الغني، مطلع الشهر الماضي، إن العراق يخطط لنقل ما لا يقل عن 300 ألف برميل يوميا من النفط الخام بمجرد استئناف العمليات، مضيفا أن الإدارة العراقية بدأت كذلك عملية رسمية لحمل حكومة إقليم كردستان على نقل النفط إلى شركة سومو التابعة لوزارة النفط، والتي تتولى عملية التسويق”.

وأوضح حسين، أن “إنتاج النفط في المنطقة الكردية يبلغ نحو 280 ألفا إلى 300 ألف برميل يوميا، وتقدر حكومة إقليم كردستان احتياجاتها للاستهلاك المحلي بما في ذلك لتوليد الطاقة بنحو 110 آلاف إلى 120 ألف برميل يوميا”، مضيفا أن بغداد تعتقد أن “عددا أقل قد يكون كافيا”.

وقد يشكّل إعادة الضخ عبر خط الأنابيب معضلة لبغداد، الملزمة بخفض إنتاج الخام كجزء من اتفاق أوبك بلس، لكنها تكافح للالتزام بالتخفيضات.

ويخضع إنتاج وصادرات منظمة البلدان المصدرة للبترول لتدقيق متزايد، بعد أن دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المجموعة الشهر الماضي، إلى “خفض سعر النفط”.

وكان خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “منظمة أوبك تحتسب كل نفط يخرج من العراق ضمن الحصة الأصلية للعراق التي كانت 3.5 ملايين براميل يوميا قبل أن تنخفض إلى 3.3، وبالتالي فكل شحنات تخرج، سواء من موانئ الجنوب أو الإقليم تحتسب ضمن الحصة الرسمية للعراق”.

وتعمل بغداد على التوصل إلى اتفاق وسط من شأنه أن يعدّل ميزانيتها الفيدرالية للسماح لها بالدفع لشركات النفط العالمية العاملة في كردستان، مقابل التوصل إلى تسوية مع حكومة إقليم كردستان وشركات النفط العالمية بشأن تكلفة استخراج النفط المنتج في المنطقة الكردية.

وكانت الحكومة العراقية قد وقّعت في نيسان أبريل 2023 اتفاقية نفطية مع حكومة إقليم كردستان، نصّت على تصدير الإقليم 400 ألف برميل من النفط يوميًا عبر شركة النفط الوطنية “سومو”، وتسمية ممثل عن الإقليم فيها بمنصب معاون رئيس الشركة، وفتح حساب بنكي خاص بحكومة الإقليم تُحوَّل إليه واردات بيع النفط، على أن يخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي.

إقرأ أيضا