بينما يحاول رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، العمل للحيلولة دون توجيه ضربة إسرائيلية إلى العراق، تتصاعد هجمات الفصائل المسلحة داخل العمق الإسرائيلي، لتضعه في موقف محرج، لتأتي رسائل التحذير من السفيرة الأمريكية لدى العراق الينا رومانسكي لتزيد من المشهد تعقيدا أكثر.
إذ قالت رومانوسكي، خلال طاولة مستديرة لعدد من وسائل الإعلام بينها “العالم الجديد”، “اود اكون واضحة جدا ومنذ البداية، بأن الاسرائيليين أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة ايرانيا والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل”.
وتابعت أن “هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جدا لهذه النقطة وان الاسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل”.
وأردفت أن “رسالتنا الى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تعتبر بأوامر الحكومة وأوامر للقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، واسرائيل أمة لها سيادتها وهم سيقومون بالرد على اي اعتداء من أي مكان ضدهم”.
وأشارت إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت موقفا حيويا وايضا مواقف بناءة ولها دور كبير جدا لخفض التصعيد الإقليمي والانخراط بشكل مباشر مع حكومة العراق والنخب والقيادات السياسية العراقية، وشجعنا حكومة العراق لتمنع هكذا اعتداءات ارهابية من أراضيها ضد أي دولة، وليس من مصلحة العراق الانخراط بالصراع الإقليمي بالمطلق نحن نشجع حكومة العراق في منع أي هجمات ارهابية تصدر من أراضيه”.
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة “ترحب ببيان السيد السيستاني الذي صدر في الأسابيع الماضية والذي ركز في نقاطه على عدم التدخل الأجنبي لجميع الأوجه ومن قبل الجميع أيا كان هذا التدخل وفرض سلطة القانون وحصر السلاح في يد الدولة ومكافحة الفساد، بالاضافة الى جهود الحكومة العراقية في هذا المجال”.
ونوهت إلى أن “السيد السيستاني أيضا عزز هذا في بيانه وكان واضحا جدا، أن حكومة العراق والشعب العراقي لا يريدون الدخول في هذا الصراع”.
وحددت الفصائل المسلحة، في وقت سابق من اليوم الاثنين، طبيعة الرد المحتمل في حال وجهت إسرائيل ضربات إلى العراق جرى تداول العديد من الأهداف المفترضة لها داخل العراق.
وقالت مصادر نقلا عن إحدى الفصائل المسلحة في تصريحات صحافية أطلعت عليها “العالم الجديد”، إن “التهديد الصهيوني باستهداف بغداد ليس مفاجئاً، وهو متوقع منذ أشهر، ونحن في جهوزية تامة لأي سيناريو من الآن”.
وأضافت أن “طبيعة الرد على أي عدوان يطال بغداد ستحددها تنسيقية فصائل المقاومة، ولكن في كل الأحوال سيكون هناك رد مضاعف، لكن طبيعة الأهداف التي سيتم توجيه الضربات إليها ستختلف حتماً”.
وأشارت إلى أن “الرد لن يطال الكيان بل حلفاءه، وهذه رسالة قلناها من قبل ونكررها؛ لأنه لن يكون بمقدور المحتل ضرب بغداد دون دعم معلوماتي وفني من أمريكا وغيرها، ومستعدون لنقل المعركة إلى مستويات أكبر”.
وأوضحت “إذا لم تنتهِ حرب الإبادة في فلسطين ولبنان ستبقى مسيّراتنا تضرب الكيان المحتل، ولن نتراجع عن موقفنا المبدئي مهما كانت الضغوط والتضحيات”.
وحذر مجلس الجامعة العربية، أمس الأحد، من خطورة التصعيد الإسرائيلي الشامل الذي يهدد باندلاع حرب إقليمية واسعة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، داعيا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته تجاه التصعيد، فيما أدان مجلس جامعة الدول العربية محاولة إسرائيل توسيع ممارساتها العدوانية في المنطقة، بما فيها العراق.
ووجّهت وزارة الخارجية العراقية، أمس الأول السبت، رسائل رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، رداً على تهديدات اسرائيل بالاعتداء على العراق.
وحذر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في 21 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، من مساعي إسرائيل بتوسعة الصراع بالمنطقة، قائلا: “يمثل أهم مكامن الخطر لتهديد أمن العراق واستقراره، مبينا أن مجلس الوزراء وفر متطلبات صيانة الحدود وتأمينها خصوصا في ظل الظروف الأمنية المعقدة إقليميا وتداعيات الصراع في المنطقة.
وتثير تحركات الفصائل المسلحة قلق المسؤولين العراقيين، الذين يعجزون عن إيقاف أنشطتها، إذ تعلن بشكل شبه يومي عن مهاجمة أهداف في تل أبيب بالطائرات المسيرة.
ووسط هذه المخاوف العراقية تقدمت بغداد بطلب لعقد جلسة طارئة لمجلس الجامعة العربية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية.
يشار إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، رفع في 18 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، رسالة إلى مجلس الأمن الدولي طالب فيها باتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط الفصائل العراقية، التي تستخدم أراضيها لمهاجمة إسرائيل، وحمل فيها الحكومة العراقية مسؤولة كل ما يحدث على أراضيها وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، لحماية نفسها ومواطنيها.
وخلال الفترة الماضية، استهدفت فصائل “المقاومة العراقية” أهدافا إسرائيلية أبرزها ميناء إيلات والجولان، بالعديد من الصواريخ والطائرات المسيرة، وتبنت هذه العمليات بشكل علني، مهددة برفع مستوى عملياتها في حال استهدفتها إسرائيل، وشمول المصالح الأمريكية أيضا بالرد.
وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية، في 18 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، إن إسرائيل رصدت 65 هجوما عليها بمسيرات قادمة من العراق منذ بداية تشرين الثاني نوفمبر الحالي، وأنها تستعد للتعامل مع التهديد الناشئ بعد الارتفاع الحاد في عدد الهجمات من ست هجمات بطائرات مسيرة في آب أغسطس الماضي، إلى 31 هجوما في أيلول سبتمبر الماضي، ثم 90 هجوما في تشرين الأول أكتوبر الماضي.
ولوّح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنامين نتنياهو، بخارطة العراق في كلمته الأخيرة بمجلس الأمن الدولي، واضعا إيها ضمن الدول التي يجب استهدافها إلى جانب إيران ولبنان.
في الأثناء، كشف مصدر مسؤول في حديث لـ”العالم الجديد”، عن “مطالب أمريكية للحكومة العراقية بضرورة منع الفصائل المسلحة من استخدام أراضيها لضرب أهداف إسرائيلية، تجنبا لأي فعل عسكري إسرائيلي”.
وأشار المصدر، إلى أن “واشنطن أبلغت بغداد، بجدية التهديد الإسرائيلي، بسبب استخدام الأراضي العراقية من قبل الفصائل، وأنها استنفدت كل وسائل الضغط على إسرائيل لمنع ضرب العراق”.
وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية، قد كشفت عن تصعيد قادم نحو العراق، قد يبدأ بضرب البنية التحتية والمنشآت، ثم الانتقال إلى عمليات اغتيال مركزة تطال شخصيات في الفصائل المسلحة، مشيرة إلى أن إيران قد تزيد من استخدام وكلائها في العراق ردا على عمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان وغزة.
وأشارت معاريف إلى مخاوف من أن إيران قد قامت بالفعل بتهريب صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى العراق كرد على الضربات الإسرائيلية في إيران، وذلك بعد أنباء مسربة في وسائل إعلام عالمية حول قيام إيران بالرد من الأراضي العراقية.
وكان وزير الخارجية، فؤاد حسين، قد أكد بأن العراق يواصل تحركاته السياسية والدبلوماسية لمنع استغلال ارضه وأجوائه في التصعيد بين إسرائيل وإيران.