ربما كان ثائر الدراجي أو الجهات التي تقف خلفه، يعلمون أن التظاهرة التي قادها في شوارع بمدينة الأعظمية (لم يتسن لـ\”العالم الجديد\” التأكد من ذلك) ستؤدي إلى ازدياد الاحتقان الطائفي.
وفي الوقت الذي أُريد فيه للدراجي أن يكون معادلا \”طائفيا\” لتصريحات أطلقها النائب أحمد العلواني في فترات متقاربة، قرر قادة الاعتصامات في المحافظات \”السنية\” القيام بعصيان مدني ينطلق اليوم الخميس، ردا على هتافات الدراجي والشباب الذين معه، وكفرصة سانحة لتجديد نشاط الحراك الذي يستمر منذ أكثر من 9 أشهر.
وفيما أدانت بعض الشخصيات السياسية التي تريد \”لملمة\” الوضع المنزلق اصلا الى مزيد من الاحتراب الطائفي، معتبرة أن تلك الهتافات والاساءات لرموز اسلامية، هي تصرف فردي لا يعبر إلا عن فاعله، صدرت مذكرة قبض قضائية بحق الدراجي بتهمة \”سب الصحابة\” حسب مصادر قضائية.
وذكر أحد ناشطي الاعتصامات في الرمادي، فضل ان يكنى بـ\”أبو خلدون\”، أن \”يوم غد (اليوم) سيشهد انطلاق عصيان مدني في 6 محافظات استنكارا على تجاوزات ثائر الدراجي\”.
وأوضح الناشط ابو خلدون لـ\”العالم الجديد\” أمس الأربعاء، أن \”العصيان المدني سيكون سلميا، ويشمل إغلاق المحلات وتعطيل الدوام الرسمي في جميع الدوائر الرسمية في هذه المحافظات\”.
وعلمت \”العالم الجديد\” من مصادر قضائية أمس الاربعاء، صدور أوامر القاء قبض بحق ثائر الدراجي لتلفظه بكلمات بذيئة وسبه لصحابة رسول الله.
وتناقلت عددا من مواقع التواصل الاجتماعي، بعد زيارة الامام محمد الجواد، مقطعا فديويا يظهر فيه مجموعة من الشباب في احدى مناطق بغداد، يقال انها مدينة الاعظمية، يقودهم شخص يدعى ثائر الدراجي، وهم يحملون لافتات ويرددون هتافات ضد صحابة الرسول وزوجاته.
ولفت أبو خلدون إلى أن \”هذا العصيان سيمثل رسالة واضحة إلى الحكومة في بغداد، بأن مواطني هذه المحافظات لن يسكتوا على التجاوز الذي لحق بمقدساتهم\”.
وعلق الناشط الأنباري، على مذكرة إلقاء القبض على الدراجي، بالقول إن \”القوات الأمنية هي التي وفرت الحماية لثائر الدراجي وقامت بتأمين تظاهرته الطائفية\”، مشيرا إلى أن \”مذكرة اعتقال الدراجي شبيهة بمذكرة اعتقال واثق البطاط الذي ما زال طليقا ويطلق تصريحات استفزازية\”.
وثائر محسن الدرّاجي، هو من مواليد 1982، ناشط شيعي عراقي يعمل في مجال الدعوة إلى التشيُّع، كما أنه مُعلم بالمدارس الرسمية الحكومية العراقية. وبرز الدراجي في الإعلام بكثرة اتّصالاته – التي يُسجّلها وينشرها مرئياً وصوتياً – على القنوات الفضائية والأرقام الشخصية لبعض الشخصيات المعروفة في الأوساط الدينية من رجال الدين والشيوخ والإعلاميين الشيعة والسنة، وقد امتدّت اتصالاته الى بعض الفنّانين كالإعلامية المصرية هالة سرحان، وحتى بعض السياسيين كعضو مجلس الأمة الكويتي محمد هايف المطيري. ويتّهمه بعض السنة بأنه باتصالاته على رجال الدين السنة يحاول الإيقاع بهم من حيث ادعائه أنه سني.
من جهته، قال عبد الخضر طاهر، النائب المستقل في مجلس النواب، إن \”أي تصعيد طائفي من أي طرف كان، فهو مرفوض، ولا يمكن السماح به\”.
وأضاف طاهر، في اتصال مع \”العالم الجديد\” أمس، أن \”الكثير من السياسيين للاسف الجديد يطلقون تصريحات تدعو إلى انزال المليشيات إلى الشارع، أو يوصلون رسائل إلى جماهيرهم يدعونهم فيها إلى انتظار الإشارة للقيام بعمل ما، وهذه الافعال تؤدي إلى تهديد السلم الاهلي واندلاع حرب طائفية تحرق الاخضر واليابس\”.
ودعا النائب المستقل، السياسيين إلى \”ترك محاولات الظهور من خلال ركوب الطائفية، وعليهم أن يتبعوا طرقا اخرى غير الدعوة بشعارات طائفية أو تبنيها\”.
ولفت طاهر إلى أن \”هناك جهات تسعى لجعل المواطن يعيش فوبيا الحرب الأهلي، أو يوحون بأنها على وشك أن تندلع من خلال تصريحات لا تنفع في بناء دولة ومؤسسات\”، موجها رجاءه إلى \”القوى الوطنية التي تريد بناء دولة مدنية لمجابهة هذه الاصوات وعدم السماح لها بتمزيق وحدة النسيج الوطني\”.
وكانت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب طالبت، أمس الأول الثلاثاء، بمحاسبة \”دعاة التكفير الذين يسعون لاثارة الفتنة الطائفية ومنهم ثائر الدراجي\”، وفيما أكدت على ضرورة اتخاذ الحكومة \”موقفا حازما\” تجاه \”التكفيريين وعدم توفير الغطاء الامني لهم\”، طالبت المرجعية الدينية بـ\”موقف واضح وصريح وعدم السكوت على لعن الصحابة\” ومجلس النواب بتشريع قانون لتجريم من يعتدي على \”رموز الإسلام\”.
بدوره، بين عادل فضالة، النائب عن ائتلاف دولة القانون، أن \”العملية السياسية منذ انطلاقتها على يد بول بريمر كانت بدايتها مشوهة، وتم بناؤها وفق التقسيمات الطائفية والقومية، ما انتج قيادات طائفية متواصلة إلى الآن في المشهد السياسي\”.
وأعتبر فضالة في حديثه لـ\”العالم الجديد\” امس، أن \”هذه القيادات تتخذ من طائفتها أو قوميتها قاعدة جماهيرية، لذا نراهم يحاولون اظهار انفسهم بأنهم المدافعين عن حقوق الطائفة ومكتسباتها، سواء في الوظائف أو الاستحاقات الاخرى\”.
وأكد أن \”هذه القيادات سواء كانت شيعية أو سنية تسعى لإيجاد تمثيل لطوائفهم في أماكن عديدة في بناء الدولة، الأمر الذي عمل على ترسيخ الطائفية\”.