تواجه الحكومة العراقية تحديات اقتصادية كبيرة خاصة وأن صرف الموازنتين السابقتين وتحديدا الاستثمارية منها لم يكتمل لنقص السيولة، كذلك ارتفاع الدين الداخلي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2024، إلى مستوى قياسي جديد بلغ 80 تريليون دينار (61 مليار دولار)، الأمر الذي أضاف عبئا جديدا على الحكومة.
فبعد وضع رئاسة البرلمان، اليوم الأحد،القراءة الأولى لمشروع قانون التعديل الأول لقانون الموازنة الاتحادية للسنوات المالية (2023، 2024، 2025)، على جدول اعمال جلسة الثلاثاء المقبل، كشفت المالية النيابية، تفاصيل التعديل الذي سيطال الموازنات الثلاثة.
يشار إلى أن المادة 77/ثانياً من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023، التي تنظم إعداد الموازنة الثلاثية، تنص على أن “تقوم الحكومة بإرسال جداول الموازنة للسنتين 2024 و2025 إلى مجلس النواب للموافقة عليها قبل نهاية العام المالي السابق”.
وقال عضو اللجنة النائب جمال كوجر، في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “التعديل على قانون الموازنة يشمل فقرة واحدة وهي كلف إنتاج نفط إقليم كردستان، فالمبلغ السابق كان قليلاً جداً، وبعد دراسة ومناقشات ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم توصلوا الى ان يكون التقدير آني لتمشية المشكلة وحلها ويكون (16) دولاراً للبرميل الواحد، لحين الحصول على الجواب النهائي من اللجنة الاستشارية المتخصصة في تحديد كلف الإنتاج بالتنسيق مع حكومة الإقليم وشركات الإنتاج العاملة في الحقول”.
وأضاف كوجر أن “هذا التعديل غرضه حل المشكلة وإعادة تصدير نفط إقليم كردستان نحو ميناء جيهان التركي، وهناك اتفاق سياسي على ذلك، والاتفاق السياسي أكد ضرورة حل هذه المشكلة، ودون الاتفاق السياسي، ما كان ليطرح هذا التعديل في مجلس النواب، وسوف يمرر وفق هذا الاتفاق دون أي معرقلات داخل البرلمان بشأن تلك الزيادة”.
وحدد وزير الثروات الطبيعية بالوكالة في حكومة كردستان العراق، كمال محمد، في 18 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، بداية العام المقبل موعدا لاستئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي.
وكان العراق قد كسب دعوى للتحكيم رفعها أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، ضد تركيا بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي بدون الرجوع إلى شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، وعلى إثر القرار، توقف تصدير نفط كردستان البالغ 480 ألف برميل يوميا في 25 آذار مارس 2023.
يشار إلى أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وحذر مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، في 10 أكتوبر تشرين الأول الماضي، من أن العراق قد يواجه أزمة مالية في موازنة عام 2025 بسبب الانخفاض المستمر في أسعار النفط، الذي يشكل المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
كما أكد صالح، في 8 تشرين الأول أكتوبر الماضي، أن وزارة المالية بصدد إعداد جداول الموازنة العامة لعام 2025، مبينا أنه “جداول الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2025 ستكون نابعة من ثوابت قانون الموازنة الاتحادية رقم 13 لسنة 2024 ، مع الأخذ بنظر بالاعتبار الظروف الاقتصادية الدولية والإقليمية وتبدلاتها، بما يضمن تكيف أحكام جداول الموازنة لعام 2025 ضمن النصوص القانونية المتوافرة، إضافة إلى الاعتماد على أداء مؤشرات جداول الموازنة العامة للعام 2024”.
وأكد أن “مشاريع الإعمار الكبرى ستواصل تقدمها وفق رؤية البرنامج الحكومي لضمان استمرارية معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي عموماً والنتاج المحلي الاجمالي (غير النفطي) خصوصاً”.
يذكر أن عضوا في اللجنة المالية النيابية، كشف أن اللجنة ستناقش موازنة 2025، في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وسط تأكيده على أن رواتب الموظفين مؤمنة بشكل تام.
وكان الخبير في الشأن المالي أحمد التميمي، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يعاني من فقدان السيولة المالية، ولذا فإنه لم يستطع تنفيذ كل موازنة 2023 وكذلك 2024، ولا نعتقد انه سوف يستطيع تنفيذ كامل فقرات وجداول موازنة 2025”.
يذكر أن مجلس النواب صوت في 12 حزيران يونيو 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة وكذلك عدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليونا و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار.
يشار إلى أن الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير، وفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، وفيه أكد متخصصون بالاقتصاد أن هذا الأمر سيجبر الدولة على الاقتراض.