صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تعرف على أبرز التعديلات التي ستطال «قانون الانتخابات» في العراق

لطالما قانون الانتخابات في العراق أحد أكثر الملفات جدلية على الساحة السياسية، حيث يثير نقاشات حادة بين القوى السياسية والمجتمعية بشأن الحاجة إلى تعديله أو الإبقاء عليه كما هو رغم كونه ينظم العملية الانتخابية، إلا أنه أصبح محور صراع تتداخل فيه المصالح الحزبية والشعبية على حد سواء.

وفي هذا الإطار، كشف نائب رئيس لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، جواد اليساري، اليوم الإثنين، عن التعديلات التي ستطال قانون الانتخابات في العراق.

وكان رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من أبرز الداعمين لتعديل قانون الانتخابات، وطالب بأن يعود للدوائر المتعددة، لكنه في 30 كانون الأول ديسمبر 2024، اكتفى بالتأكيد على أن تعديل القانون سيطرح في البرلمان بعد انتهاء عطلته التشريعية، دون أن يبين أي موقف تجاه طبيعة الدوائر التي يطالب بها.

وقال اليساري في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “هناك الكثير من الأفكار والمقترحات لدى الكتل والأحزاب السياسية لتعديل قانون الانتخابات، وخصوصاً تعديل النظام الانتخابي سانت ليغو، ولكن لم يتم الاتفاق على أي منها ولا حتى تقديم أي مقترح بشكل رسمي”.

وأضاف أن “هناك مقترحات عدة أبرزها منح إجازة إجبارية للوزراء والمسؤولين التنفيذيين الذين يقدمون أوراقهم للترشح في الانتخابات التشريعية”.
وتابع “هناك مقترح أيضاً يقضي بتقديم رئيس الوزراء والوزراء استقالاتهم من مناصبهم في حال كانت لديهم رغبة بالترشيح للانتخابات البرلمانية”، مستدركاً “وهناك أيضاً مقترح لاستثناء رئيس الوزراء من تقديم الاستقالة عنده ترشحه للانتخابات”.

ولفت إلى أن “ترشح المسؤولين التنفيذيين في الانتخابات المقبلة، يكون حسب الشروط والضوابط التي تضعها الأحزاب والكتل السياسية في قانون الانتخابات”.
وتطرقت مفوضية الانتخابات، الجمعة الماضية، خلال إعلانها عن بدء استعداداتها للانتخابات القادمة لعدة مواضيع من بينها إمكانية مشاركة التيار الوطني الشيعي في الاستحقاق وتعديل القانون الانتخابي.

وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.

وأكد النائب هيثم الفهد، في 29 كانون الثاني يناير الماضي، أن تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، لم يطرح بشكل رسمي داخل البرلمان ولجانه المختصة لغاية هذه اللحظة بشكل رسمي، وما يجري بشأن التعديل هو مجرد حوارات تحت الطاولة ما بين الزعامات السياسية فقط”، مبينا أن التعديل سيجري وفق هيمنة الزعامات ووفق ما تريده مصلحتها الحزبية والشخصية.

ومطلع الشهر الماضي، عقدت الرئاسات الثلاث، اجتماعاً بحثت فيه جملة ملفات، أبرزها كان الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية لسنة 2025 ووجوب توفير المستلزمات اللوجستية والفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وفي يوم 13 كانون الثاني يناير الماضي، صوت مجلس النواب خلال جلسته الاعتيادية، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.

وكان أمين تيار الحكمة في ديالى، فرات التميمي، كشف في 18 كانون الثاني يناير الماضي، عن وجود ثلاث رؤى سياسية لتغيير القانون، مشيراً إلى أن “الأكثر ترجيحاً هو مقترح الدوائر الانتخابية لكونه يحد من استغلال السلطة في العملية الانتخابية ومن تأثير المال السياسي”.

وقدم النائب عامر عبد الجبار، مقترح قانون “الحوافز الانتخابية” موقعاً من عشرة نواب، إلى رئيس البرلمان، الذي وافق بدوره على المقترح وأحاله إلى اللجنة القانونية.

ونصّ مقترح القانون على أن يُمنح الموظفون من المدنيين والعسكريين المشاركون في التصويت كتاب شكر مع احتساب خدمة إضافية لمدة ستة أشهر، أما المواطنون الذين يشاركون في الانتخابات ويدلون بأصواتهم فستُمنح لهم الأولوية في التعيين ضمن الوظائف الحكومية.

ويشمل المقترح منح كل مُصوّت من المشمولين بالالتزامات الضريبية من العاملين في القطاع الخاص بمختلف القطاعات إعفاءً ضريبياً يصل إلى مليون دينار عراقي للمشاركين في التصويت مما يخفف العبء المالي عليهم، وبالنسبة للمواطنين المشمولين بدفعات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل، فسيتم منحهم أولوية في إنجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارة.

وكان عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، أكد في 14 كانون الثاني يناير الماضي لـ”العالم الجديد”، أن “الحديث عن نية مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات لا يتعدى كونه تصريحات فردية وليس له وجود داخل المجلس أو اللجنة القانونية النيابية لغاية الآن”، مبينا أن “اللجنة لم يصل لها أي مقترح حول ذلك، وبحال وجود قرار سياسي أو اتجاه للتعديل، فبالتأكيد سيمر عبر اللجنة القانونية أولا، ثم يتم رفعه لرئاسة البرلمان ليوضع على جدول الأعمال”.
وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.

وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.

وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.

وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.

يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018”.

وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.

وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.

إقرأ أيضا