صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تعقيباً على دعوة الشرع ..السوداني في البرلمان قريباً

يستمر السجال في العراق حول مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة العربية المقرر إجراؤها في 17 من آيار مايو المقبل بالعاصمة بغداد، وسط تحشيد إطاري لمنع إستقبال الشرع في بغداد.

فبعد جمع تواقيع برلمانية لمنع حضور الرئيس السوري أحمد الشرع للقمة العربية، كشفت النائبة ابتسام الهلالي، اليوم الإثنين، عن تحركات داخل مجلس النواب لجمع تواقيع تهدف إلى استضافة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، خلال جلسة البرلمان المقبلة، وذلك على خلفية دعوته للشرع لحضور القمة العربية.

وقالت الهلالي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “هناك تحركًا نيابيًا داخل البرلمان لاستضافة رئيس الوزراء لمساءلته بشأن دعوته المرفوضة للرئيس السوري أحمد الشرع، وهي دعوة لا تحظى بأي ترحيب وتُعد مرفوضة شكلًا ومضمونًا”.

وأوضحت أن “أغلب أعضاء مجلس النواب يرفضون بشكل قاطع زيارة الشرع إلى بغداد، كونه مطلوبًا للقضاء العراقي لتورطه في جرائم قتل بحق أبناء الشعب”، مشيرة إلى أن “الشرع يُعتبر شخصية إرهابية لدى عوائل ضحايا الإرهاب، ولا يمكن القبول بالتعامل مع أي شخص يثبت انتمائه لجماعات إرهابية مهما كانت تسميته أو موقعه”.

وأكدت الهلالي في ختام حديثها: “نحن، كأعضاء في مجلس النواب، وقعنا على طلب لاستضافة السوداني في الجلسة القادمة، لإعلان موقفنا الرافض لهذه الزيارة بشكل واضح ورسمي”.

وكانت “العالم الجديد” قد حصلت في وقت سابق من اليوم الاثنين، على وثائق تتضمن تقديم طلب موقع من 58 نائبا الى رئاسة الرئاسة البرلمان لمخاطبة وزارة الخارجية العراقية لغرض عدم دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع للقمة العربية.

وكان حزب الدعوة الإسلامية، أعلن أمس الأحد، رفضه “غير المباشر” لزيارة احمد الشرع الرئيس السوري الانتقالي، الى بغداد للمشاركة في القمة العربية، مشددا على ضرورة التأكد من خلو السجل القضائي العراقي والدولي من كونه مطلوبا، فيما لوح الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي بالقبض على الشرع فور وصوله إلى بغداد.

وخلال الأيام الماضية، أجرى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لقاء سريعا مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في العاصمة القطرية الدوحة.

ومثّل هذا اللقاء ضربة مفاجئة لقوى الإطار التنسيقي الحاكم في البلاد، حيث أنها ما تزال تصنف القيادة السورية الجديدة في خانة الإرهاب، في حين يرى مراقبون أن التصعيد الإطاري والولائي ضد سوريا الجديدة يرجع إلى أبعاد طائفية ومذهبية من جهة، وإلى الإملاءات الإيرانية التي تحاول وضع العراقيل أمام إدارة أحمد الشرع وإفشاله عبر أتباعها في العراق من جهة أخرى.

لكن لقاء السوداني والشرع لم يك مفاجئا للكثير سواء في بغداد أو دمشق، إذ مهدت له زيارتان متبادلتان من الجانبين في وقت سابق، الأولى عندما أجرى رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري زيارة إلى دمشق مطلع العام الحالي، والثانية عندما زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بغداد والتقى برئيس الحكومة والرئاسات الأخرى الشهر الماضي.

وكان المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة، عائد الهلالي، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “السرية التي أحاطت باللقاء لا تبدو عفوية، وقد تدل على حساسية كبيرة في مضمون النقاشات، سواء تعلق الأمر بملفات إعادة تموضع بعض القوى، أو بتفاهمات أمنية لا يمكن تمريرها عبر القنوات الرسمية دون إثارة توتر داخلي”، مبينا أن “تحفظ السوداني على إعلان تفاصيل اللقاء قد يفهم كمحاولة لكسب الوقت أو احتواء ردود الفعل داخل البيت السياسي العراقي، وربما بانتظار نضوج نتائج هذا التواصل لعرضها في سياق سياسي أوسع وأكثر قابلية للتقبل”.

ولم يكن اللقاء منفصلا عن مشهد إقليمي آخذ بالتبدل، حيث ظهرت مؤشرات التقارب السعودي الإيراني، والمحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران.

وبالتزامن مع اللقاء، جرى تداول وثائق تكشف أن الشرع كان معتقلا في العراق منذ الرابع عشر من أيار مايو 2005، بموجب مذكرة صادرة عن مجلس القضاء الأعلى، وقد تم تسجيله حينها باسم وهمي هو “أمجد مظفر حسين النعيمي” في دائرة الإصلاح بسجن التاجي.

ويرى خبراء القانون أن “الشرع حالياً بحكم رئيس دولة، وبموجب القوانين العراقية والدولية، فإن رؤساء الجمهورية لهم حصانة، لذلك لا يمكن للعراق محاسبة أي رئيس جمهورية عن أي جريمة كانت بموجب هذه الحصانة، وبالتالي أي قضية سابقة على الشرع هي ساقطة بموجب القانون لحصانته ولا يمكن محاسبته عليها”.

وكشفت “العالم الجديد”، خلال الشهر الماضي، أن السوداني، قام بتشكيل خلية أزمة للتعامل مع دمشق وإدارة ملف العلاقات معها، تضم شخصيات سياسية وحكومية تتمتع بصلات جيدة مع تركيا الراعية للنظام الجديد في سوريا، وهم كل من وزير الدفاع ثابت العباسي، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ووزير الخارجية فؤاد حسين، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، فضلا عن القائم بأعمال السفارة العراقية في دمشق ياسين الحجيمي، وذلك لحساسية ملف سوريا والتعامل مع حكومتها الجديدة في ظل رفض أطراف داخل الإطار التنسيقي (الشيعي) لها”.

يشار إلى أن اتصال جرى بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مطلع نيسان أبريل الجاري، ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، أكد خلاله دعم العراق لـ”خيارات الشعب السوري”، إلى جانب عدد من القضايا المهمة، جاء ذلك بعد حذر عراقي من التفاعل مع التطورات السورية خلال الأشهر الماضية، حيث يعكس هذا الاتصال أثر المتغيرات في الظروف الإقليمية على إجرائه، ويؤشر إلى حد ما إلى كسر القيود السياسية المفروضة على السوداني من قبل بيئته السياسية، ممثلة بـ”الإطار التنسيقي” الحليف للأسد، وكذلك الفصائل المسلحة التي تشكلت منها حكومة السوداني، والتي حاربت على الجغرافية السورية للدفاع عن الأسد كخيار استراتيجي وعقائدي.

ولا يستبعد مراقبون للشأن السياسي حضور الشرع في قمة بغداد المرتقبة، وذلك لان الدعوة الرسمية توجهت له حسب البروتوكولات المعمول بها في الجامعة العربية، وبغداد ودمشق ستتفقان في النهاية على طبيعة المشاركة السورية في القمة المقرر إجراؤها في آيار مايو المقبل.

كما يرى البعض أن مشاركة سوريا في القمة العربية يمكن أن تساهم في تعزيز الحوار العربي وإيجاد حلول للأزمات الإقليمية، حيث يعتبرون أن استمرار الحوار والتنسيق بين العراق وسوريا يمثل نموذجا للتعاون الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة.

إقرأ أيضا