صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تغريدة ترامب لإيران هل تُخرج الغرب عن سكة السلام؟

مدهش ما يحصل حقا. أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية تقوم فعليا بتحويل فن الدبلوماسية. وقد وصف مايك بومبيو، وزير خارجية دونالد ترامب، حكام إيران بأنهم “مافيا أكثر من كونهم حكومة”. وقال إنهم حفنة من “الرجال المقدسين المنافقين” الذين ابتدعوا “كل أنواع الخطط المعوجة ليصبحوا بعضا من أغنى الناس على وجه الأرض بينما شعبهم يعاني”. وعندما يناشد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، من أجل أم كل السلام

مدهش ما يحصل حقا. أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية تقوم فعليا بتحويل فن الدبلوماسية. وقد وصف مايك بومبيو، وزير خارجية دونالد ترامب، حكام إيران بأنهم “مافيا أكثر من كونهم حكومة”. وقال إنهم حفنة من “الرجال المقدسين المنافقين” الذين ابتدعوا “كل أنواع الخطط المعوجة ليصبحوا بعضا من أغنى الناس على وجه الأرض بينما شعبهم يعاني”. وعندما يناشد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، من أجل أم كل السلام بدلا من “أم كل الحروب”، يقول له ترامب (في تغريدة) إنه إذا قال ذلك مرة أخرى، فإنه سيرى “عواقب لم يشهد مثلها سوى قلة على مر التاريخ… احذر”! وعادة ما يقال للأطفال أن الكلمات لا يمكن أن تؤذيك أبداً، وإنما يجب أن تكون هناك حدود.

أن يسخر ترامب من طهران كدولة مافيا بينما يغازل قادة روسيا وكوريا الشمالية هو شيء غريب بعض الشيء. ربما أصبح يجد، بعد دبلوماسيته الخرقاء مع فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون، أن من الأسهل العودة إلى الخطاب العدواني والمسيء. لكن الأخطر من ذلك هو السبب المباشر للخلاف: إعادة إطلاق العقوبات الأميركية ضد طهران هذا الشهر بعد انسحاب واشنطن من اتفاقية نزع السلاح النووي للعام 2015 مع إيران. وسوف يتعين تجميد التعاملات المالية مع طهران، متبوعة في الخريف بفرض حظر على واردات النفط الإيراني.

من غير المحتمل أن يفضي استئناف العقوبات إلى تدمير النظام في إيران أو تغيير سياساته في المنطقة. فالولايات المتحدة لا تحكم العالم. لكن من المؤكد تقريبا أن تساعد العقوبات في تقويض الاعتدال وتعزيز النزعة المحافظة داخل إيران. وسوف تجعل صنع قنبلة إيرانية أكثر، وليس أقل، احتمالا.

مع ذلك، يبقى الشيء الأخطر هو ما ستفعله العقوبات بتماسك الغرب. لم يتراجع أي أحد آخر غير الولايات المتحدة عن الصفقة الإيرانية. ومع ذلك، يقول ترامب إن أي طرف -لا يختلف مع أميركا فحسب، وإنما يفشل حتى في التوافق مع العقوبات الأميركية، سوف يُعاقب بدوره. وسوف تُحرم أي شركة تتعامل مع إيران اعتبارا من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من دخول الأسواق الأميركية، وربما حتى أولئك الذين يتعاملون معها. وفي الحقيقة، أن يتم حظر الشركات الأميركية من إيران هو شيء، وأن يتم حظر بقية العالم هو شيء آخر تماما.

ما يحدث الآن هو إعلان من واشنطن للعداء الاقتصادي تجاه الحلفاء، والأكثر حدة من حرب التعريفات الجمركية التي أعلنها ترامب مسبقاً على أوروبا والصين. وهو أكثر إثارة للقلق في تداعياته من عداء ترامب تجاه الناتو. إنه يتحدى الدول الغربية الأخرى ويدفعها إلى العمل جنبا إلى جنب مع الصين وروسيا في مواصلة العلاقات مع إيران –ويعرض بالتالي للخطر الحماية الاستراتيجية التي تتمتع بها أميركا ضمنياً.

يستخدم ترامب وسائل التواصل الاجتماعي لتغيير قواعد التعامل بين الدول. وهو يقوم بتشويه اللغة المصممة منذ وقت طويل لتهدئة التوتر وخفض إمكانية الصراع بين الشعوب عن طريق اختزالها إلى لغة تقوم على البلطجة والازدراء. ويجد العالم إغواءاً بعدم أخذ هذا الأمر على محمل الجد، ليعتبر ترامب مجرد صورة عابرة. لكن الخطر واضح. إن إنقاذ اتفاق العام 2015 النووي مع إيران هو أولوية مطلقة للقادة الذين سيكونوا فاقدي الوجهة بخلاف ذلك من غير الغرب الأميركي. وسيكون من الأفضل أن يتحركوا بسرعة.

المادة مقال لكاتب العمود سيمون جنكينز في صحيفة الغارديان البريطانية

إقرأ أيضا