تغيير المحافظين.. لإنقاذ واقع المحافظات أم ضغوط سياسية؟

بدأ بمحافظة الديوانية، حملة تغييرات للمحافظين يسعى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لتنفيذها، ومن المفترض…

بدأ بمحافظة الديوانية، حملة تغييرات للمحافظين يسعى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لتنفيذها، ومن المفترض أن تشمل ما بين 5 – 6 محافظين وفقا لمصادر مطلعة، وهذا ما أكده نواب، حيث عدوا هذه الخطوة تطبيقا للمنهاج الحكومي من أجل تحسين واقع المحافظات بكافة المجالات، وفيما بينوا أن التغييرات ترتكز على تقييم وغير خاضعة لأجندة سياسية، رأى محلل سياسي أن هناك ضغوطا سياسية لتغيير بعض المحافظين، لكنه بالمقابل أشار إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى صراعات بين الكتل “المتضررة” والسوداني.

ويقول مصدر مطلع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، يتجه لإجراء تغيير للمحافظين، وهذا الأمر سيشمل المحافظات السنية والشيعية على حد سواء”.

ويضيف المصدر، أن “التغييرات ستشمل 5 – 6 محافظين، وفيما يخص المحافظات السنية، فأن صلاح الدين من أبرز المحافظات المرجح تغيير محافظها”.

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أصدر يوم أمس، أمرا بسحب يد محافظ الديوانية زهير علي الشعلان، وبحسب البيان الرسمي، فأن السبب “وجود ملفات تحقيقية بحقه عن شبهات فساد إداري ومالي، يجري النظر بها من قبل المحاكم المختصة”.

يشار إلى أن السوداني، وبعد تسمنه منصبه، أصدر قرارا يقضي بإلغاء كافة قرارات رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، بعد تحول حكومته لتصريف أعمال، لكن عاد سريعا واستثنى محافظي النجف ماجد الوائلي وذي قار محمد الغزي، من هذا القرار وثبتهم بمناصبهم، رغم أنهم كلفوا خلال حكومة تصريف الأعمال السابقة.

إلى ذلك، تبين النائب عن تحالف الفتح زهرة البجاري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أغلب المحافظين الحاليين قضوا في مناصبهم مددا زمنية طويلة، وهناك ملاحظات كثيرة وكبيرة على عمل بعضهم من خلال الشبهات التي تحوم حول أعمالهم أو التقصير في الأداء، خصوصاً المتعلق بالجانب الخدمي، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني يتابع ملف الحكومات المحلية من أجل تحسين واقع الخدمات، وأولى خطوات تحسين هذا الملف هو تغيير رؤساء الحكومات المحلية، ممن عليهم مؤشرات مختلفة”.

وتكشف البجاري، أن “التغييرات التي سيقوم بها السوداني بشأن بعض المحافظين، سوف تجري عقب تقييم من قبل لجنة حكومية مختصة، إضافة إلى تقييم نواب المحافظة لعمل كل محافظ، وليس وفق الأجندة والأهواء السياسية، كما يحاول البعض الترويج ذلك، والأيام المقبلة سوف تشهد إصلاحات حقيقية في الحكومات المحلية خلال تغيير بعض المحافظين المقصرين”.

وتضيف أن “رئيس الوزراء هو المسؤول المباشر عن اختيار المحافظين الجدد بعد أن يعفي السابقين، والاختيار سيكون بالتنسيق والتشاور مع أعضاء مجلس النواب الممثلين عن أي محافظة يتم فيها تغيير المحافظ، وهناك الآن تنسيق فعلي بين السوداني والنواب لحسم هذا الملف، ويبقى القرار الأول والأخير بيد رئيس الوزراء”، لافتة إلى أن “القوى السياسية لن يكون لها ضغط لتسمية أي شخصية بمنصب محافظ”.

وتعد قضية المحافظين، من القضايا الإشكالية التي لم تحل، وبحسب الخبير القانوني الراحل طارق حرب، فإن تعيين المحافظ في ظل غياب مجالس المحافظات “يعود للأصل العام، وهو رئيس الوزراء، إذ يجب أن يقوم بتعيين وكلاء يحلون محل كل محافظ تم تعيينه بصفة نائب أو خرج من منصبه.

ومن المفترض أن تجري إنتخابات مجالس المحافظات في تشرين الأول اكتوبر المقبل، حسب ما حدد السوداني، ووجه بذلك بعد تسمنه منصبه.

من جهته، يرى النائب المستقل هادي السلامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تغيير المحافظين أصبح ضرورة ملحّة، خصوصاً مع غياب مجالس المحافظات”، مؤشرا أن “هناك فسادا كبيرا في عمل الحكومات المحلية وتقصيرا كبيرا في المهام الحكومية، خصوصاً على المستوى الخدمي، ولهذا أصبح أمر إجراء تغييرات على مستوى رؤساء الحكومات المحلية ضروريا”.

ويبين السلامي أن “السوداني متواصل مع غالبية النواب في المحافظات، من أجل تقييم عمل المحافظين، وكذلك من أجل اختيار بدلاء لهم بالتنسيق مع النواب، وهناك سعي وعمل على أن يكون البدلاء من المحافظين من الشخصيات المستقلة، والبعيدة عن الكتل والأحزاب المتنفذة التي تقف خلف عمليات الفساد وسوء الخدمات في المحافظات”.

ويكشف أن “حملة تغيير المحافظين سوف تشمل عددا غير قليل من المحافظين حسب المعلومات المتوفرة، وهذا الإجراء سيكون بشكل تدريجي، وليس بقرار واحد”، لافتا إلى أن “أصل اتخاذ هكذا قرار هو التقييم، والاعتماد على الورقة المرسلة من قبل مجلس الوزراء إلى نواب المحافظات كافة لتقييم عمل المحافظين”.

وكان مجلس النواب، قد صوت في 26 تشرين الثاني نوفمبر 2019، على إنهاء عمل مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم ومجالس الأقضية والنواحي الحالية التابعة لها، على أن يكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت قائمة في وقتها، وجوبهت من قبل القوات الأمنية بالعنف، ما أدى الى سقوط نحو 600 قتيل ونحو 25 ألف جريح.

بالمقابل، يرجع رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، حملة تغيير المحافظين التي ينوي رئيس الوزراء البدء بها إلى أسباب عدة منها “تطبيق برنامجه الحكومي من أجل تحقيق منجز في محل التغيير في المناصب المهمة والعليا في الدولة، كما أن السوداني لديه رؤية خاصة بإدارة الدولة خصوصاً من خلال بيئته السياسية (الإطار التنسيقي) أو حتى بما يرتبط بالفضاء السياسي (ائتلاف إدارة الدولة) من أجل حصول تغييرات بمناصب المحافظين”.

ويضيف الشمري أن “حملة تغيير المحافظين، ترتبط برغبة السوداني في إيجاد فارق بأداء الحكومات المحلية، وهذا يتم من خلال المحافظات، التي تعاني من سوء الخدمات وسوء الإدارة، ولهذه فأن الحملة تأخذ حيزا كبيرا من اهتمام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”.

ويبين أن “من أسباب حملة تغيير المحافظين، هو إيجاد حكومات محلية تتماشى مع برنامج السوداني الحكومي، لكن لا يمكن القفز على حقيقية أن الصراع السياسي ووجود انتخابات لمجالس المحافظات قادمة، قد يكون واحدا من أسباب ضغط بعض الأطراف السياسية على رئيس الوزراء من أجل تغيير بعض المحافظين”.

ويتوقع رئيس مركز التفكير السياسي أن “ملف تغيير المحافظين، قد يدفع نحو المزيد من الخلافات والصراعات، ما بين الكتل والأحزاب داخل الإطار التنسيقي أو خلافات ما بين القوى السنية مع رئيس الوزراء، إذا ما أقدم على تغيير بعض المحافظين في المحافظات السنية، فهذا الأمر سيولد احتكاكا بين الأحزاب من جهة والسوداني وبعض الأحزاب، فهناك أطراف سياسية تعتقد أن بقاء المحافظين التابعين لها هو جزء من إمكانيات الاستمرار في المشهد السياسي والانتخابي المقبل، ولهذا سيتم خلق أزمات وخلافات”.

وجرت آخر انتخابات لمجالس المحافظات في العراق (الانتخابات المحلية) في 30 نيسان أبريل عام 2013، في 12 محافظة من أصل 18، حيث تم استثناء محافظات إقليم كردستان وكركوك المتنازع عليها بين بغداد والإقليم، فضلا عن استثناء نينوى والأنبار، إذ كانتا تشهدان تظاهرات معارضة للنظام السياسي في العراق، وذلك قبل عام من سيطرة تنظيم داعش على ثلاث محافظات عراقية.

إقرأ أيضا