وصف مراقبون، قرار رئيس الحكومة، القاضي بتغيير المديرين العامين “الضعفاء” بعد تقييم استمر ستة أشهر، بـ”غير المجدي” لجهة استمرار آلية الاختيار القائمة على “المحاصصة”، وقدوم “البدلاء” من تحت عباءة الكتل السياسية ذاتها، لا من بوابة الكفاءة والمهنية، مؤكدين أن الأمر سيفاقم الأزمة بشكل أكبر.
ويقول المحلل السياسي أحمد ريسان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار الإقالة صدر من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بحق بعض المديرين العامين، بعد تقييمهم على أساس فشلهم أو عدم تقديم الشيء المرغوب به، وفق رؤية بعض السياسيين في هرم السلطة وخصوصا رئيس الوزراء”.
ويرى ريسان، أن “هذا القرار غير مجدٍ حتى لو شمل مديرين عامين، كون المحاصصة تقصم ظهر العملية السياسية في العراق، فالأهم لدى الكتل السياسية أن يأتي مدير عام عبر بواباتها الحزبية والفئوية، فالمشروع السياسي يجب أن تكون فيه محاصصة وخاصة فيما يتعلق بالدرجات الخاصة وهذا أمر حتمي غير قابل للنقاش، لأنه يدخل ضمن رؤية الأحزاب لإفادة أنفسها والتربع على عرش السلطة من خلال مديرين عامين ووكلاء وزارة ووكلاء إداريين ووزراء”.
وفيما يتعلق بمن يشغل أماكنهم، يضيف، أن “البدلاء لن يكونوا بأفضل منهم، فمن يأتي لن يحقق الإيجابيات بالشكل المطلوب، وكذلك لن يحاسب بشكل قوي على اعتبار الاختيار كان بالمحاصصة بين الأحزاب والكتل”.
وكان رئيس الحكومة ممد شياع السوداني، قرر في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس، واستنادا لتوصيات محضر الاجتماع الرابع للجنة الأمر الديواني المعنية بتقييم المديرين العامّين أصالةً، التي تتضمن نقل المديرين العامّين المعيّنين أصالةً ممّن لم يحصلوا على تقييم إيجابي، إلى درجة أدنى من الدرجة التي كان يشغلها قبل تعيينه مديراً عاماً، على أن يكون البدلاء للمدرين العامين، الذين أخفقوا في التقييم، من الملاكات العاملة داخل الوزارة، وأكد أن الوزارات لديها العديد من الكفاءات والخبرات القادرة على الإدارة والمؤهلة لتسنّم المسؤوليات.
يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قرر في منتصف كانون الأول ديسمبر 2022، إعطاء مهلة 3 أشهر للمديرين العامين، ليجري بعدها تقييم أدائهم، وفق ما تم تنفيذه على أساس البرنامج الحكومي، فيما منح الوزراء والوكلاء والمحافظين والمستشارين مهلة ستة أشهر ليتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته.
ويتجه السوداني، حسب ما أعلن قبل أيام، إلى إجراء تعديل وزاري، بناء على تقييم أداء الوزراء في حكومته، وقد أكد أنه سيذهب للبرلمان ويطرح التعديل، مهما كان موقف الكتل السياسية.
وتشهد المناصب العليا في الوزارات كافة، تقاسما على أساس المكونات الرئيسة (الشيعة والسنة والكرد)، تحت مسمى “التوازن”، وهو ما تضمنه الدستور العراقي، وغالبا ما توزع الحصص حسب الثقل السياسي للكتل السياسية الممثلة لكل مكون، ومدى نفوذها وقوتها في كل دورة نيابية.
بدوره، يرى المحلل السياسي عبد الله الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه التغييرات لا يمكن أن تعد إنجازا للحكومة، فالمسؤول غير الكفء يجب أن يُغيّر، وهذه الخطوة ستكون ناجحة فيما لو مضت الحكومة بعدم الإتيان ببدلاء متحزبين، وإن حصل العكس فإن هذه مشكلة، لكن السوداني لمح إلى أن البديل سيكون من الوزارة نفسها”.
ويضيف الكناني، أن “الوزارات تعاني من ضعف على مستوى المديرين العامين حتى أن بعضهم لا يجيد التوقيع أو الإجابة على مطالعة أو كتاب رسمي، وهي بحاجة إلى شخصيات تكنوقراط غير متحزبة، أصبح الوضع يتطلب ضرورة الاستعانة بالخبراء والكفاءة حيث نعاني من تركة ثقيلة منذ 2003 ولغاية الآن، وعليه فالتغيير يجب أن يكون لغرض العمل وليس الإعلام ومحاباة الأحزاب والتقسيم وفق مبدأ المحاصصة، وعلى السوداني أن يتخلى عن جلباب الحزبية في اختيار البدلاء”.
ويؤكد أن “الاختيار إذا كان من ضمن المهنية فأن هذه الخطوة تحسب للسوداني، أما في حال اختيروا وفقا للمحاصصة، فالمصيبة أعظم، وعلى رئيس الوزراء تحمل المسؤولية وعدم الرضوخ للضغوط وهو الآن يتحمل ضغوطات لتغيير بعض الوجوه”.
يذكر أن السوداني، وجه كابينته الحكومية، بعد تسنمه منصبه مباشرة، بعدم إجراء أي تغيير في مفاصل الوزارات، إلا بعد إجراء تقييم بعد مرور 3 أشهر، لكن الوزراء كافة أجروا تغييرات سريعة، شملت العشرات من المناصب في الوزارات، دون الاخذ بنظر الاعتبار توجيه السوداني، وقد تناولت “العالم الجديد” هذه التغييرات بتقارير سابقة، وفيها أكد المتخصصون أن التغييرات جرت بناء على الولاءات وتصفية للمسؤولين المرتبطين بجهات سياسية محددة.