صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تفجيرا داود السالم.. هل يعكران الأمن في ديالى؟

على بعد 14 كيلومتراً غرب ناحية الإمام محمد السكران (30 كم جنوب غرب بعقوبة، مركز محافظة ديالى) سمع دوي انفجارين متعاقبين مساء السبت الماضي، الفرق بينهما دقائق معدودة، ليبدأ أزيز الرصاص وتتعالى شراراته في سماء داود السالم إحدى أقدم قرى ديالى وسط حالة استنفار شهدتها القرية مع تدفق مركبات الجيش والإسعاف لنقل المصابين.

وبعد الحادثة، أبلغ مصدر أمني “العالم الجديد”، بأن “عبوتين ناسفتين محليتي الصنع، كانتا وراء حادث تفجيري داود السالم الذين استهدفا قرابة الـ9 مساءً نقطة مرابطة للصحوات، إذ جرى الانفجاران بفارق زمني قصير، أي كان يراد جمع أكبر عدد من الضحايا قبل تفجير العبوة الثانية، وهذا ما حصل للأسف”.

وأضاف أن “الجهد الاستخباري مدعوماً بمفارز راجلة من الجيش نفذ عمليات دهم وتمشيط للمناطق الزراعية القريبة من موقع الانفجارين استمرت قرابة 5 ساعات في محاولة لكشف أي مخابئ أو مضافات”، لافتا إلى أن “الأوامر صدرت ببقاء حالة الاستنفار في جميع مواقع القطعات الأمنية ضمن قاطع المسؤولية والى إشعار آخر”.

وأشار إلى أن “الهجوم بالعبوات هو الثاني من نوعه خلال العام الحالي 2024 في قاطع غرب ناحية الإمام محمد السكران بعد استهداف دورية للجيش قبل شهرين، ما أدى إلى إصابة ضابط وجندي بجروح حرجة آنذاك”.

وكانت خلية الإعلام الأمني، أعلنت أمس الأحد، مصرع أحد عناصر الحشد العشائري وإصابة 4 آخرين بانفجار عبوتين ناسفتين في خان بني سعد في محافظة ديالى، وذكرت الخلية أن عبوة ناسفة انفجرت قرب إحدى النقاط التابعة لمتطوعي الحشد العشائري في قرية داود السالم ضمن مدنية خان بني سعد بمحافظة ديالى، وخرجت قوة أمنية بهدف البحث والتفتيش بالقرب من النقطة ذاتها، حيث انفجرت عبوة ناسفة أخرى، لافتة إلى أن الحادث أدى إلى “استشهاد” احد عناصر الحشد العشائري، متأثراً بجراحه بعد نقله إلى المستشفى.

من جهته، يصف مدير ناحية الإمام محمد السكران هادي المعموري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أحداث مساء السبت بـ”المؤلمة، لاسيما أنه خرق أمني حصل في قاطع يشهد استقراراً نسبياً، لكن هذا مؤشر على نشاط خلايا داعشية تستغل أي فرصة للهجوم من خلال العبوات الناسفة ومن ثم الاختفاء”.

 ويضيف المعموري، أن “ما حصل في قرية داود السالم تأكيد على أن ملف خلايا داعش النائمة لم ينته، وهي من تقف وراء تفجير عبوتين ناسفتين قرب نقطة مرابطة للصحوات، وأدى هذا التفجير إلى استشهاد أحدهم وإصابة 9 بينهم 4 جنود ومدني”.

ويشير إلى أن “تفجيري الأمس بعثا برسالة لضرورة الانتباه إلى عدو يتربص بنا ويستغل أي فرصة لتنفيذ مآربه”، لافتا إلى أن “تحقيقا موسعا فتح من أجل كشف خفايا ما حصل”.

وتحتل محافظة ديالى المرتبة الأخيرة في الأمن على مستوى العراق، بعد أن كانت نينوى في ذيل القائمة بسبب الهجمات التي تنفذها جماعات إرهابية وفصائل تتفاوت بين عمليات قصف بالهاون واغتيالات وتفجير عبوات ناسفة.

إلى ذلك، يرى عضو مجلس محافظة ديالى سالم التميمي أن ما حصل في داود السالم، “جرس إنذار لتحركات الخلايا النائمة لداعش، لذا يجب الانتباه لخطورتها ووضع الحلول، كما يجب تقوية الجانب الاستخباري، فهو العامل الأبرز في تكرار الخروقات”.

ويضيف أن “مناطق الأرياف المتداخلة هي مزارع تضم عشرات الآلاف من الدونمات بين بعقوبة وناحيتي بني سعد ومحمد السكران، يجب أن تبقى مستقرة لأن أي عودة لنشاط الخلايا النائمة تعني أن الوضع سيكون صعبا لأننا في بيئة معقدة تتطلب تحقيق الهدوء فيها فهذه المنطقة خلفت عشرات الشهداء والجرحى لسنوات طويلة”.

 ويشير التميمي، إلى أن “تفجيري داود السالم لا تعني تدهورا أمنيا مباشرا، لكنها تدلل على وجود مناطق تنشط بها خلايا نائمة سواء أكان عددها 3 إرهابيين أو 10، فالنتيجة أن هناك من يريد أن يعيد الأوضاع إلى المربع الأول وهذا ما يجب الانتباه له وإفشاله بكل الطرق”.

وكان عضو لجنة الأمن النيابية، النائب ياسر وتوت، قال إن “مشكلة ديالى الأمنية تتحدد بـ3 أسباب هي الفراغات والنهايات السائبة في بعض القواطع ووجود حواضن سرية للفكر المتطرف توفر ملاذات آمنة لبعض الخلايا النائمة بالإضافة إلى تعقيدات التضاريس التي تساعد على الاختباء سواء في حمرين أو غيرها”، لافتا إلى أن “الأجهزة الاستخبارية تحقق نجاحا في كشف بعضها بين فترة وأخرى، ولكن استئصالها يحتاج إلى وقت بسبب تعقيدات هكذا عمليات”.

إلى ذلك، يؤكد الخبير في الشؤون الأمنية أحمد التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “منطقة داود السالم كانت من المناطق الساخنة جدا بعد 2006 بسبب بروز تنظيم القاعدة بشكل كبير ولم تشهد استقرارا إلا في نهاية 2009 بعد عمليات أمنية واسعة، لكن الخروقات لم تنته في محيطها والقرى القريبة منها، ما تطلب تشكيل صحوات لمسك الأراضي الزراعية الواسعة”.

ويضيف التميمي، أن “المنطقة تشهد بين فترة وأخرى خروقا، لكن ليس في القرى نفسها بل في الحوض الزراعي الذي يتألف من قرى عدة، ولا يزال يعاني من تحديات بسبب الخلايا النائمة التي تبرز كل شهرين أو 3 لتفجير عبوات أو مهاجمة أهداف ثم تختفي”، مشددا على ضرورة “تفعيل الجهد الاستخباري فهو من يفضي إلى كشفهم، وهذا الأمر بالغ الأهمية لان تكرار هذه الحوادث وارد ما يعني أننا أمام نزيف آخر للدماء في ديالى”.

إقرأ أيضا