صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تقدم ميداني رغم الفوضى

بعد الكبوة الكبرى التي تعرض لها الجيش العراقي والأجهزة الأمنية حينما تم احتلال الموصل وصلاح الدين وأجزاء من كركوك والأنبار استعادت الدولة العراقية زمام المبادرة بالتنسيق مع الجهود المساندة لها من فصائل مسلحة ومتطوعين وغيارى العراق وجميع من انخرط في تلك المعركة دفاعا عن العراقيين بوجه الإرهاب. لقد توازنت الكفة إلى حد كبير، وتقدم الجهد الوطني المساند للدولة على داعش وأخواتها وتحققت سلسلة من الانتصارات في صلاح الدين، وديالى، والأنبار وحتى الموصل وكذلك في بعض مناطق حزام بغداد التي تمثل عقدة أمنية كبيرة منذ عقد من الزمن.

 

التوازن الذي حصل في ساحات القتال والتقدم البطيء على حساب داعش والبعثيين جاء نتيجة سلسلة من المعطيات المؤثرة جدا في مجريات الأحداث:

– تمت الاستعانة بالمجموعات الشيعية المسلحة التي تمتلك صلابة في القتال وخبرة في التعامل مع المجموعات المسلحة، وبعض هذه المجموعات من التنظيمات التي قاتلت في الأهوار طيلة العقد التسعيني، وبعضها من فيلق بدر، وآخرون من مجموعات أخرى قاتلت الجيش الأمريكي وشاركت في المعارك الدائرة في سوريا، مثل عصائب أهل الحق التي تشكلت بعيد دخول الولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق، وكذلك كتائب حزب الله العراق وبقية المجموعات المسلحة الأخرى التي تشكلت مؤخرا، إذ استطاعت هذه المجموعات بما تمتلك من خبرة أن تحدث توازنا إستراتيجيا في مواجهة داعش خصوصا بعد التخاذل الكبير الذي أبدته القيادات العسكرية في الجيش العراقي. لقد شعر أغلب العراقيين بأن الجيش غير صالح للقتال بهذه التركيبة المتناقضة التي تخضع لولاءات هذا الطرف أو ذاك.

 

– ما حصل من إعادة هيكلة كثير من القيادات في المؤسسة العسكرية، بل وأكثر من ذلك الزج بقيادات المجموعات المسلحة من اجل مرافقة القطعات العسكرية للجيش العراقي ومراقبة عمل الضباط والرتب خوفا من تكرار الخيانات والتخاذل، ذلك الإجراء المؤقت جاء من اجل ضبط إيقاع الفوضى التي حصلت في المؤسسة العسكرية، حتى يتم التأكد من إخلاص القيادات العسكرية وعدم وجود خيوط لها مع مجموعات داعش والبعثيين.

 

– الزخم السياسي والميداني الكبير الذي أحدثته فتوى السيد السيستاني إذ انعكست إيجابا في تقوية عزيمة الجنود المقاتلين ودفع الكثيرين إلى الانخراط في صفوف المتطوعين من اجل الدفاع عن الوطن. للأمانة فان أعداد المتطوعين قبيل صدور الفتوى لم تكن قليلة، وهناك أعداد غفيرة كانت تذهب تطوعا للقتال في الخطوط المتقدمة، لكن فتوى السيد السيستاني زادت من سقف التضامن الجماهيري مع ما يحصل بل وأحرجت بعض القوى السياسية التي كانت تكتفي بدور المتفرج على ما يحصل والشامت برأس هرم الدولة العراقية.

 

– الجهد الإعلامي الكبير الذي قامت به معظم وسائل الإعلام المنحازة للجهد الوطني ضد إعلام داعش، وتصحيح الكثير من الأخطاء الإعلامية التي وقعت في الأسبوع الأول من الأحداث. إن مرافقة الكوادر الإعلامية للقطعات المقاتلة والثابتة في مواقعها ثم المبادرة لتحرير الأرض قطعت الطريق أمام حجم هائل من الشائعات التي تبنتها وسائل إعلام كبرى وكادت تفعل فعلتها في الأيام الأولى. لقد حصل تحول إعلامي مهم جدا في محاربة الإعلام الداعشي، ما انعكس إيجابا على مجمل الوضع الميداني والأمني. نعم لا زلنا بحاجة إلى مزيد من العمل الإعلامي الجاد والهادف ولكن ما حصل من معالجة للأخطاء يستحق الإشادة.

 

في نهاية المطاف فان جهود الدولة والتضامن الشعبي أثمر كثيرا في إيقاف الانهيارات الحاصلة واستعاد زمام المبادرة فأخذ يتقدم على الصعيد الميداني. ويجب إعادة تقييم الموقف كل مرة للوقوف على نقاط القوة والضعف في الجبهة العريضة المصطفة في محاربة البعث والتكفيريين.

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا