صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تقرير أمريكي يكشف السر.. واشنطن تلغي زيارة زيدان ومحللون يحذرون من تداعيات

كشف تقرير أمريكي عن إلغاء واشنطن زيارة كانت مقررة أمس الثلاثاء، لرئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، عازيا القرار إلى “قربه” من الحرس الثوري الإيراني، إصداره مذكرة قبض بحق الرئيس السابق للولايات المتحدة، المتورط بارتكاب “حادثة المطار” المثيرة، 

كشف تقرير أمريكي عن إلغاء واشنطن زيارة كانت مقررة أمس الثلاثاء، لرئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، عازيا القرار إلى “قربه” من الحرس الثوري الإيراني، إصداره مذكرة قبض بحق الرئيس السابق للولايات المتحدة، المتورط بارتكاب “حادثة المطار” المثيرة، 

التقرير الذي تابعته “العالم الجديد”، أثار جدلا في الأوساط السياسية، حيث اعتبر محللون رفض استقبال واشنطن لمسؤول بهذا المستوى، منافيا للديمقراطية الأمريكية، لاسيما وأن أي حادثة اغتيال تقع على الأراضي العراقية تستوجب قيام القضاء العراقي بإجراءاته حولها، متوقعين تبعات سلبية لهذا القرار في الفترة المقبلة، وسط مطالبات بتوضيح رسمي من قبل واشنطن وبغداد حول التراجع عن هذه الزيارة. 

وكانت قناة فوكس نيوز الأمريكية، نشرت يوم أمس الثلاثاء، تقريرا تابعته “العالم الجديد” حول تراجع وزارة العدل الأمريكية عن استقبال رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وإلغائها الزيارة، بعد أن كانت مقررة يوم أمس 10 تشرين الأول أكتوبر الحالي.

وبحسب تقرير القناة الأمريكية، فإن ذلك يعود إلى ارتباط زيدان بالحرس الثوري الإيراني، وإصداره مذكرة إلقاء قبض بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بتهمة اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وهما من الشخصيات التي تصنفها واشنطن ضمن قائمة الإرهاب، الأمر الذي اعتبرته دفاعا عن “إرهابيين متهمين بقتل المئات”.

ونقل التقرير عن ريتشارد غولدبرغ، أحد كبار مستشاري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن، قوله: “يجب على وزارة العدل التركيز على حماية الأمريكيين المستهدفين بمؤامرات الاغتيالات والاختطاف التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني، وليس استضافة رجل الحرس الثوري الإيراني في بغداد الذي يريد محاكمة الأمريكيين بتهمة قتل الإرهابيين، لا ينبغي السماح لزيدان بدخول أمريكا”.

وتعليقا على الموضوع، يقول رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عدم استقبال الإدارة الأمريكية لرئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان، بسبب وجود مذكرة قبض عراقية بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أمر غريب، وقد تكون له تبعات أخرى في الفترة المقبلة، كما يجب أن يكون هناك توضيح رسمي سواء عراقي أم أمريكي لتأجيل زيارة زيدان إلى واشنطن”.

ويضيف فيصل، أن “قضية اغتيال سليماني والمهندس على الأراضي العراقية، تتطلب من القضاء العراقي إجراء تحقيق في الموضوع، وهو فعل ما يتحتم عليه فعله”، مؤكدا أن “ترامب عندما اتخذ قرار استهداف سليماني، فهو كان يمتلك حصانة دبلوماسية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وواشنطن أيضا تعتبر نفسها في حالة حرب ومواجهات مسلحة على الأراضي السورية واللبنانية والعراقية، حيث تنتشر الفصائل تحت إمرة سليماني، والذي كان من وجهة نظر الإدارة الأمريكية يهدد أمن الجنود الأمريكان، فهي تحمله مسؤولية قتل أكثر من 400 أمريكي خلال السنوات السابقة في العراق، وكذلك اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد وقصفها”.

ونقل التقرير الأمريكي، عن مايكل نايتس، زميل معهد واشنطن، قوله إن “سليماني والمهندس كانا مهندسي نقل زيدان عبر النظام القضائي بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث كان يدير محاكم مكافحة الإرهاب، حتى لا تتم محاكمة أي من أصدقاء إيران بموجب القانون العراقي”، لافتا إلى أن “زيدان أصدر أمراً تلو الآخر يحرم معارضي الميليشيات الإيرانية”.

ويشبه نايتس، قوة زيدان بقوة رئيس الوزراء العراقي، حيث يقوم بتعيين وإقالة أي قاض في ظل افتقار العراق للمعايير القضائية الحديثة، على حد تعبيره، منوها إلى كونه “مسؤولا غير منتخب، وليس له حدود زمنية”.

ماذا جرى؟

وكانت محكمة تحقيق الرصافة ببغداد، أصدرت في 7 كانون الثاني يناير 2022، مذكرة قبض بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ضمن التحقيق الخاص باغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وضيفه قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

كما أشار زيدان، في 4 كانون الثاني يناير الماضي، خلال محفل رسمي للذكرى السنوية الثالثة لمذكرة القبض بحق الرئيس الأمريكي السابق الذي اعترف بارتكابه جريمة اغتيال المهندس، حسب تصريحه.

وفي 3 كانون الثاني يناير 2020، اغتالت طائرة مسيرة أمريكية سليماني والمهندس بضربة جوية قرب سور مطار بغداد الدولي، وذلك بعد استقبال المهندس لسليماني وخروجهما من المطار.

وجاءت حادثة المطار، بعد أسابيع من تظاهر فصائل مسلحة عند بوابة السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وتحطيم بوابتها الخارجية، احتجاجا على قصف أمريكي لأحد مقار الفصائل المرتبطة بالحشد قرب الحدود مع سوريا، وذلك ردا على عمليات مسلحة ضد قواتها المنتشرة في العراق وسوريا.

وبعد عملية الاغتيال، نفذت الفصائل المسلحة هجمات متتالية ضد المصالح الأمريكية في العراق بغية إخراجها من البلد، وبلغ عدد الهجمات طيلة العام المذكور 76 استهدافا بصواريخ الكاتيوشا والعبوات الناسفة، لكن منذ نيسان أبريل 2021، بدأت باستخدام الطائرات المسيرة في تنفيذ عملياتها، الأمر الذي أثار قلق واشنطن، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وفيما يخص آلية تعامل واشنطن مع بغداد، فإن الإدارة الأمريكية كانت تمتنع عن توجيه دعوة لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لزيارة البيت الأبيض ولقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، رغم مرور عام على تشكيل الحكومة، حتى تم توجيه دعوة الشهر الماضي ولم يحدد موعدها حتى الآن، ومن غير المعروف ما إذا سيتم تنفيذ الزيارة أم لا، على غرار الدعوة التي تسلمها رئيس الحكومة الأسبق، عادل عبدالمهدي، ولم تنفذ.

وقد كشفت “العالم الجديد” في تقارير عدة، أن واشنطن أوكلت الملف العراقي للسفيرة الأمريكية في بغداد، والتي قادت لقاءات كثيرة مع السوداني والوزراء والمسؤولين الآخرين، بمن فيهم رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وهذه اللقاءات أثارت استغراب بعض القوى السياسية وطالبوا بوضع حد لتحركات السفيرة. 

سياقات ديمقراطية 

من جهته، يبين المحلل السياسي كتاب الميزان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بالقول “لو صح إلغاء الولايات المتحدة لزيارة زيدان، فهو أمر غير مقبول من ناحية السياقات الدبلوماسية والرسمية، فهو يمثل أعلى سلطة قضائية في العراق، ولا يمكن أن تتعامل واشنطن مع بغداد بهذه الطريقة”.

ويؤكد الميزان، أن “واشنطن بهذا الأسلوب والتصرف، تبتعد عن استقلال القضاء واحترام النظام الديمقراطي، فحتى مع اختلافنا حول قضية إصدار مذكرة قبض بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلا أن الأخير متهم الآن بقضايا داخل الولايات المتحدة الأمريكية ونوجد بحقه مذكرات وقضايا كبيرة”.

ويلفت إلى أن “الولايات المتحدة تؤكد على دعم المؤسسات القضائية ومؤسسات الدولة، والقضاء العراقي أصدر موقفه الرسمي في قضية حادثة المطار، وهذا إجراء طبيعي من قبل المؤسسة القضائية”. 

ومما ورد في تقرير القناة الأمريكية، فإن رسائل من الكونغرس الأمريكي وردت إلى الرئيس بايدن العام الحالي، تعبر عن قلق بعض أعضائه من زيدان، حيث كتب أحدهم “نحثك على بذل كل جهد لإنهاء المعاملة غير المقبولة لحكومة إقليم كردستان العراق من قبل العناصر المتحالفة مع إيران في العراق.. وأنت تدرك جيدًا الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في دعم الشعب العراقي عندما وضع دستورا في عام 2005 وأنشأ منطقة كردستان شبه المستقلة، وكانت هذه المنطقة بمثابة إحدى شركاء الولايات المتحدة الأكثر موثوقية في الشرق الأوسط، ومع ذلك يتعرضون للخنق الاقتصادي والضغوط السياسية والقانونية، من قبل فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق”.

يشار إلى أن المحكمة الاتحادية في العراق، وهي جهة مستقلة عن القضاء العراقي، أصدرت العديد من القرارات التي تخص إقليم كردستان العراق، منها عدم دستورية قانون النفط والغاز في الإقليم، فضلا عن منع الحكومة الاتحادية من إرسال مبالغ شهرية للإقليم، نظرا لعدم التزام الإقليم ببنود قانون الموازنة الاتحادية التي يقرها البرلمان العراقي.

إقرأ أيضا