يبدو أن الحكومة العراقية الجديدة، المدعومة من الإطار التنسيقي، تحاول أن تفلح كثيراً بعلاقاتها مع الصين، حيث حذت سفن الدولة الغنية بالنفط، تحويل مراكبها نحو التنين الصيني.
سفير الصين لدى العراق، أجرى لقاءً مع رئيس الوزراء، اليوم الخميس 1 يونيو حزيران 2023، وتم إخباره بـ “مشروع التنمية” وأهميته بالنسبة لبغداد، حيث أبدى رغبة بكين في الاطّلاع على دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، واستعداد الصين لتقديم المشورات الفنية لإنجاز هذا المشروع “الحيوي”.
كما تضمن اللقاء استعراض مجمل العلاقات وأوجه التعاون بين العراق والصين، وسبل تطويرها على مختلف الصعد والمجالات. وأكد رئيس الوزراء انفتاح العراق على كل الشراكات مع “الدول الصديقة”، وحرصه على تأسيس تنمية مستدامة تدعم جهود الأمن والاستقرار.
ويشير السوداني وفقاً لبيان مكتبه، إلى “مشروع العراق الستراتيجي الواعد المتمثل بطريق التنمية الذي يحظى باهتمام الدولة بكل سلطاتها”، مؤكداً “العمل حالياً بالتوازي في مشاريع طريق التنمية وميناء الفاو والمدينة الصناعية، فضلاً عن مدينة سكنية جديدة بجوار الميناء، مشيراً إلى تلقي العراق عروضاً من عدة دول في المنطقة للتمويل والتنفيذ”.
سفير الصين أكد “حرص بلاده على استدامة أفضل العلاقات مع العراق، في مختلف ميادين التعاون والشراكة، وأكد أنّ مشروع التنمية مهمّ جداً للعراق، وسيكون طريق السلام والازدهار في المنطقة، وسيصبح مكمّلاً لمشروع الحزام والطريق”، مبدياً “رغبته في الاطّلاع على دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، واستعداد الصين لتقديم المشورات الفنية لإنجاز هذا المشروع الحيوي”.
وبحسب مراقبين، فأنه على ما يبدوا أن الصين مهتمة بالمشاركة في المشاريع الجديدة التي تتحدث عنها “حكومة الإطار”، وهذا ما بدى من حديث السفير “تسوي وي”، ورده السريع برغبة بلاده أن تكون جزءاً من “المشروع الحيوي”.
ويضيف المراقبون أن “المواقف الحكومية بين العراق والصين اتسقت، والشراكات الاقتصادية والسياسية والدفاعية بدأت تتهاطل”، فيما استبعدوا إمكانية “التنبؤ بمصير هذه التحركات”.
ويقترب العراق من فتح آفاق تعاون كبيرة مع الصين، وتفعيل الانضمام لـ”طريق الحرير”، وذلك بعد المشاركة العراقية بالقمة العربية- الصينية، إلا أن تقارب المنطقة والعراق خصوصا يفتح الأبواب على ملفات كثيرة أمنية وسياسية واقتصادية، لكن بالمجمل، أكد متخصصون على أهمية هذا التقارب على كافة الأصعدة، مستبعدين أي ممانعة أمريكية طالما أنه لن يمس “أمنها”.
وحول مجالات التعاون مع الصين، عراقيا وعربيا، يقول الخبير الاقتصادي باسم أنطوان، في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، إن “طريق الحرير يمتد إلى تاريخ بعيد حيث كانت الصين تتطلع لغربها، وتكمن أهميته في أن أكثر من 120 دولة تسوق من خلاله منتجاتها نحو العالم”.
ويضيف أنطوان أن “الطريق الذي جرى إحياؤه بشكل جاد عام 2013 يعتبر نقطة حيوية اقتصادية، ويغطي حوالي 66 دولة وينقسم إلى قسمين، أحدهما يتجه نحو أوروبا عبر العراق الذي يعتبر ركيزة أساسية لكونه يفتح آفاق الاستثمار ويسمى أيضا حزام طريق الحرير الاقتصادي، وهنا يشكل جسرا بحريا وبريا يفتح التواصل من ميناء الفاو إلى أوروبا ويختصر نصف مدة طرق التصدير ويربط الصين بالعالم التي تحتاج إلى أسواق متعددة لتصريف بضائعها، وهذا ما دفعها لعقد مؤتمرات عربية لكي تضع موضع قدم بديل لأمريكا والغرب”.
ويتابع أن “الصين لا تحاول التوسع حربيا أو عسكريا بل اقتصاديا من خلال هذا الطريق الذي يحقق لها استثمارات كبيرة”، مشيرا إلى أن “الصين تريد بناء محطات طاقة شمسية، ولديها مشاريع أخرى كثيرة، إذ طورت البنى التحتية لعشرات البلدان وأثبتت كفاءتها في هذا المجال”.
وعن الفائدة التي تعود على العراق من خلال هذا الطريق، يؤكد أنطوان، أن “مراكز أساسية على الطرق وسكك حديد لنقل الحمولات ستكون في العراق وتتزامن معها خدمات على هذه الطرق لنقل ملايين الأطنان من السلع، لذلك سنشهد استثمارات وخدمات كبيرة ومطاعم وخدمات أخرى، من شأنها تشغيل العمالة وانتعاش المنطقة وتقليل نسب الفقر والبطالة”.
وردّا على سؤال بشأن التنافس الصيني الأمريكي في العراق، يرى أن “الصين تريد وضع موطئ قدم لها في العراق والمنطقة في ظل الفراغ الموجود حاليا، وعند معيار المقارنة، فإن المواطن يفضل الصين على أمريكا لأن يحمل خلفية سيئة عن الأخير، في حين أن الصين تمتلك تاريخا جيدا مع الشعوب العربية”.
وعقدت في وقت سابق، القمة العربية- الصينية، في العاصمة السعودية الرياض بمشاركة العراق، ممثلا برئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
وعلى هامش القمة، عقد السوداني جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وخلالها أكد السوداني على تطلع العراق لتعزيز مبدأ الشراكة مع الصين ضمن مبادرة الحزام والطريق، ومجالات البنى التحتية، فيما أكد الرئيس الصيني على أن موقع العراق الجغرافي يمكنه من لعب دور مهم في مشاريع التنمية المستدامة، وأن يكون جسراً ومنطقة تلاقٍ بين دول المنطقة والعالم.
وتعمل العديد من الشركات الصينية داخل العراق، في مجالات عدة، بينها الطاقة والخدمات وغيرها، في ظل تبادل تجاري بين البلدين يتخطى الـ30 مليار دولار.
وجرى لغط كبير حول الاتفاقية العراقية الصينية التي وقعها رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في العام 2019، حيث اختلفت الآراء حول جدواها للعراق، وتسببت بانقسام سياسي داخلي.