منذ أكثر من 18 شهرا بدأت باستخدام \”تويتر\” للتواصل مع العالم بشكل أوسع، كنت بين الحين والآخر أكتب \”تويتات\” سياسية وأخرى انقل فيها ما يجري معي من طرائف ووقائع في الشارع البغدادي، وعن حياتي الشخصية. لكن لم أتطرق بشكل مباشر لأميركا أو عملائها في الشرق الأوسط.
قبل يومين فقط، كتبت على تويتر: \”أنا ممتن لأميركا لأنها أزاحت الطاغية الذي كان جاثما على جثث الأطفال في العراق، لكن لا يعني هذا أن أكون تابعا للسيد الأميركي كضريبة لحياتي\”. وكتبت أيضا. \”لا يمكن لي بعد كل هذه المجازر في الشرق الأوسط أن أضع يدي بيد أميركا وابتسم وأقول ـ آآآه انه العم سام الرائع!\”. وكتبت أيضا \”مجاهدون يقتلون باسم الله وبسلاح أميركي. سيناريو وفيلم سخيف. عنوانه دماء الأبرياء\”. وكتبت أيضا \”إن من استخدم الكيمياوي في سوريا يريد أن يعطي مقدمات وينتقل بجهاده من السيارات المفخخة في بغداد إلى الكيمياوي وبحرب طائفية مفتوحة\”. وختمت بـ\”على العموم إذا لم يتوحد الأغبياء المسلمون بوجه المشروع السلفي الأميركي، سنشهد خارطة جديدة للشرق الأوسط).
فكانت النتيجة أن أغلق موقع تويتر حسابي بشكل رسمي من دون أي مبرر. تصورت أن هناك خطأ ما، أنشأت حسابا آخر جديدا وبنفس المعلومات، وتم إغلاقه أيضا، وعلى ما يبدو أن الشركة لا تحب أن يكون لي حساب هناك!.. كل هذا أمام مرأى ومسمع العديد من الأصدقاء، وحاول بعضهم أن يراسل الشركة للاستفسار عن سبب المشكلة فكانت النتيجة وجوب إقرار المشترك (@islam_kareem) على القوانين الخاصة بتويتر، وإذا لم يلتزم يغلق حسابه للأبد.
والمعروف لجميع العراقيين والعرب بصورة عامة أن قوانين تويتر لا تغلق حسابات أعضاء تنظيم القاعدة الذين ينشرون أخبارا وعمليات عسكرية وخطابات إعلامية في العراق وفي بقية بلدان الشرق الأوسط مباشرة للعالم الافتراضي، لكنهم وبكل سهولة وحسب الرصد الالكتروني يغلقون ويعطلون ويوقفون حسابات الذين يتكلمون على أميركا بسوء وعلى المجازر التي صنعتها وما زالت تصنعها في بلدان الشرق الأوسط، يغلقون حسابات الذين يتحدثون ويكشفون مؤامرات مشايخ وأمراء الخليج ضد شعوبهم، وتعطل حسابات الذين ينقلون للعالم قبح وبشاعة الراغبين بالحرية في سوريا (آكلي الأكباد)، ويوقفون حسابات الذين ينقلون ويوضحون للعالم ماذا يجري في العراق من إرهاب، وأخيرا وهو الأكيد والحاسم ولا نقاش حوله، من يذكر اسم (حزب الله ـ نصر الله) ولأي غرض كان يغلق حسابه ويعطل ويعتبر مشبوها!
تبادر إلى ذهني قانون المعلوماتية الذي من المؤمل أن تفعله الحكومة العراقية بالقريب العاجل، القانون الأميركي الذي استخدم لأول مرة هناك لمتابعة ومراقبة المشبوهين والمتورطين بأعمال عنف والذي توسع وأخذ منحى القمع وإلغاء الآراء وحسب توجهات السياسة الأميركية. القانون الذي إذا ما أخذنا أن فكرة مراقبة ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي جاءت من أميركا؛ فالفاعل والمطبق لهذا القانون ولا أقصد المشرع لأن البرلمان وأعضاءه والقانون (جاهز) بالدرج العراقي (البرلماني لا يكش ولا ينش). المطبق والأدوات للقانون هو أميركي وخدمة لمصالح أميركا وبحجة مكافحة الإرهاب والسيطرة على الأمن ومسك العالم الافتراضي!
على العموم ما أود قولة ختاما ان حسابي في تويتر عطل نتيجة خلل ما، والذي حدث هو مقصود خصوصا بعدما نشرت من تويتات سياسية تتعلق بمستقبل أميركا وبالشرق الأوسط الجديد. وأنا على يقين أن الأمر هو بداية والدور قادم على كل من يعارض أولا قانون المعلوماتية وثانيا من يسعى لكشف ونشر الحقائق للعالم. وقصة ان العالم الافتراضي هو مساحة حقيقية للتعبير بكل حرية وأمان عن مشاكلنا الحقيقة التي أساسها قمع الحريات والرأي والرأي الآخر لا تتعدى كونها شماعة إعلامية كبيرة لم يكتشفها الكثير من أصدقائي، وأنا كنت بينهم سابقا، أما الآن، فأشعر بأني قد ولدتُ من جديد.
* كاتب عراقي