ثلاثة مسارات لإنهاء «آفة المخدرات» في العراق.. تعرف على التفاصيل

مع تزايد التشديد الحكومي على النوادي الليلية والاجتماعية ومحال بيع المشروبات الكحولية في العراق، في إطار حملة كانت قد انطلقت عام 2020 وما تزال مستمرة، تتصاعد المخاوف من انتشار المخدرات بشكل أكبر ، الأمر الذي بات “كابوساً” يقلق العوائل على أبنائها وبناتها وسط عجز الأجهزة الأمنية عن القضاء عليها.

وفي هذا السياق، قدم النائب برهان المعموري، اليوم الثلاثاء، خارطة طريق لإنهاء المخدرات في العراق تتمثل بثلاثة مسارات.

ويتضمن قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 عقوبات تصل إلى الإعدام، حيث تنص المادة 27 على عقوبات قاسية منها “يعاقب بالإعدام أو المؤبد كل من يتورط بزراعة المخدرات والصناعة والاستيراد والتصدير”، أما فيما يخص تجارة المخدرات محلياً ما بين النقل والترويج فتنطبق عليها أحكام المواد 28 من القانون والتي تتضمن “عقوبات السجن المؤبد أو المؤقت”.

وقال المعموري في تصريح  تابعته “العالم الجديد”، إن “المخدرات آفة خطيرة وهي تمثل تهديدا مباشرا للمجتمع العراقي نظرا لما تسببه من مشاكل معقدة تنعكس على الأمن والاستقرار وارتفاع معدلات الجريمة”.

وأضاف، أنه “التقى وزير الداخلية يوم أمس وبحث معه ملف المخدرات بشكل عام واهمية اعتماد خارطة طريق تبدأ من تشديد العقوبات بحق المتاجرين وضمان علاج المدمنين وزيادة وتيرة الوعي من خلال رسائل مؤثرة للمجتمع للتعاون والسعي الى كشف من يروج لهذه الافة”.

وأشار إلى أن “وزارة الداخلية نجحت في توجيه سلسلة ضربات كبيرة لشبكات المخدرات في عدة محافظات عراقية مؤخرا من خلال جهود استخبارية مميزة أسهمت في احباط ترويج مئات الكيلوغرامات من عدة انواع مخدرة وفق بيانات رسمية”.

وتابع، أن “الحرب على المخدرات لا تقل أهمية عن مكافحة الارهاب”، مؤكدا، “ضرورة تشديد العقوبات بحق التجار والمروجين”.

وبرغم مما حققته الحكومات العراقية من نتائج في مكافحة آفة المخدرات لكن هذا الملف وفق ما يرى مراقبون قد تجاوز أن يكون ظاهرة وتعدى إلى تجارة تدر أموالاً طائلة ومحمية سياسياً ما دفع لتوسع تعاملاتها لاسيما أن المخدرات كفيلة بتفكيك الأسرة وبالتالي تدمر أي مجتمع بالكامل.

وبين أن “انتشار المخدرات وتعاطيها يتركز في محافظات العراق الجنوبية وأكثرها محافظة البصرة تليها محافظة بغداد، فيما تنتشر تجارتها في وسط وجنوب العراق وأيضاً بعض المحافظات الغربية”.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، وثيقة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء عن حظر تصنيع وبيع المشروبات الكحولية في نادي العلوية وغيره من النوادي الاجتماعية، ما تسبب بحالة جدلٍ واسعة، تتعلق بالحريات الشخصية ووضع السياحة. هذه الوثيقة المؤرخة بـ 17 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، جرى تعميمها على جميع النوادي الاجتماعية، ما أدى إلى انتقادات واسعة بشأن القرار وأهميته، لا سيما أن العراق يعاني أصلاً من انتشار واضح في ملف المخدرات، ويؤكد معظم المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية أن معدلات الإدمان عليها مرتفعة.

يشار إلى أن أكثر أنواع المخدرات رواجا كما يؤكد مسؤولون أمنيون، هي مادة الكريستال التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 15 إلى 25 ألف دينار (11.5 إلى 19 دولارا)، والكبتاغون التي يصل سعر الحبة الواحدة منها إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.

وكان مجلس النواب العراقي قد شرع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، وضم 51 مادة، إثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الارتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض أنواعها.

ونصت المادة الثالثة من القانون، على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لاستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.

وبلغ عدد الملقى عليهم القبض في تجارة وحيازة المخدرات 43 ألف تاجر وحائز مخدرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة بينهم 150 تاجراً أجنبياً، كما تم ضبط أكثر من 28 طناً من المخدرات والمؤثرات العقلية إضافة إلى ملايين الحبوب المخدرة والمهلوسة، فيما بلغت نسبة التعاطي في المناطق الفقيرة بلغت 17% وأعلى نسب لأعمار المتعاطين كانت من 15-30 سنة، وأكثر المواد تعاطياً في العراق هي الكريستال حيث بلغت 37.3%، والكبتاغون 34.35%، والأنواع الأخرى بلغت 28.35%، بحسب الإحصائيات الحكومية.

وفي 12 آب أغسطس الماضي، اعلن مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، عن حرمة تجارة وتعاطي المخدرات، داعيا إلى العمل على تطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين.

ودعت لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، في 10 آب أغسطس الماضي إلى اتخاذ إجراءات مشددة للحد من تهريب المخدرات إلى العراق، مؤكدة أن موظفين وعناصر أمن يسهلون دخول المخدرات عبر المنافذ الرسمية.

وفي أيار مايو الماضي، كان قد أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن حكومته ستتعامل مع قضايا المخدرات على أنها “تهديد إرهابي”، مؤكدا أنها “وضعت إستراتيجية وطنية مكثفة لمكافحة المخدرات للسنوات 2023-2025 ضمن خطة موسعة نحو عراق خال من المخدرات”.

وكان جهاز الأمن الوطني قد أعلن في 14 كانون الأول ديسمبر 2023، عن تفكيك شبكة دولية لتجارة المخدرات بحوزتهم 12 كيلوغراما من الكرستال في البصرة، مكونة من 10 أشخاص، المتهم الرئيس فيها كان يعمل على إدخال المخدرات من خارج الحدود إلى المحافظة.

وورد ضمن ملف المخدرات الذي أعدته “العالم الجديد” وشمل محافظات عديدة، أن نسبة تعاطي المخدرات في محافظة كربلاء، ذات الطابع الديني، تراوحت بين الشباب بين 3-5 بالمئة خُمسهم نساء، وسط تعكز كبير على مركز واحد لمعالجة الإدمان من المؤمل أن يفتتح قريبا داخل “المستشفى التركي”، فيما كشف الملف عن تفاصيل وأرقام صادمة بشأن تعاطي المخدرات في واسط وذي قار، حيث بلغت نسبة التعاطي بين شباب ذي قار 20 بالمئة، بينهم 5 بالمئة إناث، فيما استفحل التعاطي بين الإناث والذكور أيضا في واسط، وبنسبة مرتفعة بحسب المتخصصين، من دون تحديد الأرقام لافتقار المحافظة إلى مراكز متخصصة.

ووفقا للإحصائيات الدولية، يشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، إلى أن السلطات العراقية صادرت عام 2023 رقما قياسيا بلغ 24 مليون قرص كبتاغون تقدر قيمتها بين 84 مليون دولار و144 مليونا، مضيفا أن مضبوطات هذه المادة زادت بنحو ثلاثة أضعاف بين سنتي 2022 و2023.

وتعد المخدرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، لاسيما أن تجارتها توسعت بشكل خطير في الفترة الأخيرة، فيما توجد تحركات نيابية لتعديل قانون المخدرات، حيث سيتضمن القانون الجديد إجراءات مهمة على مستويات مختلفة تسعى لتشديد العقوبات على المتاجرين، وتعزيز البرامج العلاجية للمدمنين، إضافة لتحويله صفة المتعاطي من “مجرم ” إلى “مريض” لأول مرة في تاريخ العراق.

إقرأ أيضا