صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

ثوار الأهوار ومزاجية السياسي

قبل أكثر من عام وحينما كنت أعد لكتاب عن الأهوار وألاحق تجربة الحركات الإسلامية وشخوصها الذين نشطوا في قصبات الأهوار، وخصوصا الأهوار الوسطى، في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، التقيت مجموعة من وجوه تلك المرحلة، ثوارا وقيادات، معظم الذين التقيتهم ورغم رضاهم ودعمهم للتجربة السياسية التي حصلت في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 إلا أن نغمة الاجحاف والألم كانت بادية على محيّاهم. عبروا عن امتعاضهم من صعود الكثير من القيادات السياسية على أكتافهم، وبعضهم عقد سلسلة مؤتمرات لإنصاف تلك الشريحة المضحية.

 

كانوا يرون المشاريع القانونية التي تنحاز إلى الأجهزة الأمنية السابقة، البعثيين، وأصحاب السوابق تقدّم على مرأى ومسمع الجميع للبرلمان. أقر الكثير منها، فيما بقيت المشاريع التي تنحاز لهم على الرفوف! الأدهى من ذلك شاهدوا بأم أعينهم أن بعض ما حصلوا عليه من حقوق تأتي من مؤسسات ترأسها تركة النظام السابق في الدولة العراقية.

 

مرت الأيام والسنوات وانهارت المؤسسة العسكرية في العراق بالحرب ضد داعش والحركات الإرهابية، بسبب التوازن والمحاصصة، وعدم تهيئة البديل المناسب، وفي تجوالي على المصادر الميدانية وجدت ثوار الأهوار موزعين على مختلف الجبهات. ذهبوا طوعا إلى هناك وفي المناطق الساخنة جدا. كلما أجريت اتصالا هاتفيا مع أحدهم وجدته في نقطة ساخنة يخوض المعارك من أجل أمن العراق والعراقيين ضد داعش. فضولي دفعني لتذكيرهم بما لحقهم من اجحاف، فكانت إجاباتهم أن المسؤولية تحتّم علينا نسيان تلك المطالب، والأولوية للسيطرة على الأمن في الوقت الحاضر.

 

مع تلك الاجابات المسؤولة أشعر بالألم الشديد لحالهم لأنني أعرف أنهم سيتعرضون مرات أخرى إلى اجحاف، كما تعرّضوا في المرات السابقة. إنهم أناس طيبون لا يجيدون مراوغات الساسة ومكرهم المعروف. يحملون احساسا مفعما بالمسؤولية. بدمائهم ودماء المتطوعين الآخرين من خيرة شباب العراق تنعم المدن العراقية بنعمة الأمان. محبة لكم جميعا واكراما أيها المضحّون ولكن… عليكم أن تعرفوا هذه المرة أن من يكرّر الخطأ لن يلوم إلا نفسه.

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا