تستعد جامعة كورنيل الأميركية للتنازل عن مجموعة كبيرة من ألواح الكتابة المسمارية القديمة لصالح العراق، والتي من المتوقع ان تكون واحدة من أكبر الممتلكات الأثرية التي تعيدها إحدى الجامعات الأميركية، حسب تقرير نشرته لوس انجلس تايمز، أمس الأحد.
وتوضح الصحيفة أن \”تلك الألواح الطينية المسجلة من الألفية الرابعة قبل الميلاد، تعد سجل معلومات لا مثيل له، يعرض للعلماء الحياة اليومية في بلاد ما بين النهرين القديمة، والتي تعد مهدا للحضارة\”.
وتضيف \”بدأ جوناثان روزين، جامع الآثار من نيويورك وعائلته بالتبرع بالألواح لجامعة كورنيل عام 2000، ما أثار اعتراض العديد من العلماء على هذه الاجراءات، ظنا منهم أن هذه الألواح قد نهبت من العراق بعد حرب الخليج عام 1991، ما أتاح الفرصة لموجة من النهب في بقعة غنية بالآثار جنوب العراق بين نهري دجلة والفرات\”.
وتتحدث الصحيفة، بحسب تقرير صحفيها جيسون فيلتج، عن \”تفاصيل هذه الالواح التي تمثل أرشيفا خاصا لحياة أميرة سومرية بالقرن الحادي والعشرين قبل الميلاد في مدينة جرسانه، ما حث العلماء على إعادة التفكير بدور المرأة في المملكة القديمة (أور)\”.
وتتابع بالقول إن \”السجلات الإدارية تظهر الأميرة (سمات اشتاران) وهي تحكم الممكلة بعد وفاة زوجها، كما تظهر صور اخرى، تجارة الذهب في العراق\”.
وخلال فترة حكم الاميرة السومرية (اشتاران) بلغت المرأة مكانة مرموقة بشكل ملحوظ، إذ تبين المعلومات على الالواح ان النساء كن يشرفن على الرجال ويتلقين الرواتب أسوة بالرجال ويعملن بالبناء\”.
وتنقل الصحيفة عن ديفيد اوين، الباحث بجامعة كورنيل، والذي قاد الصحفي فيلتج لدراسة الالواح قوله إنه \”اول اكتشاف ارشيفي حقيقي لنا، بخصوص مؤسسة تدار من قبل امرأة\”.
ويضيف أوين أن \”العلماء لايعرفون أين تم العثور على الالواح على وجه التحديد\”، مبينا \”على أية حال فانه لا يمكن الحفر في موقع جرسانه القديم للحصول على المزيد من المعلومات\”.
وتشير الصحيفة الى أن \”بقية الالواح تظهر السجلات الإدارية المفصلة عن الحياة القديمة، بما في ذلك إجراءات أو طقوس المعبد، وإعادة التوطين والإخراج من الاراضي الزراعية\”.
وتلفت الى أن \”مصدر ألواح جرسانه، كان موضوع التحقيق في العام 2001 من قبل قسم الامن الداخلي، وفقا للسجلات التي حصل عليها بنيامين ستودفينت هيكمان، الباحث في جامعة هارفرد، ووفقا لقانون حرية المعلومات فقد قام بشراء وحيازة آثار نقلت بشكل غير مشروع من دولة مثل العراق الذي يدعي أنها ممتلكات حكومية، والتي يمكن أن تشكل انتهاكا في القانون الاميركي\”.
ويضيف هيكمان ان \”الباحثين تناولوا ايضا بعض الالواح التي تكشف الانتهاكات المحتملة لقانون التجارة مع العدو، والذي منع ممارسة هذه التجارة في حينها، بالاضافة الى الاحتيال الضريبي\”.
وتذكر الصحيفة الأميركية أن \”السجلات تكشف عن أن الالواح المرقمة (1679) تم تقييمها بأقل من 50 الف دولار اميركي عندما تم استيرادها، لكن عندما منحت لجامعة كورنيل العام 2000، حصلت على خصم ضريبي يصل إلى 900 الف دولار اميركي\”، لافتة الى أنه \”في نهاية المطاف لم تكن هنالك مخالفات، لأن الباحثين لا يستطيعون ان يحددوا اين تم العثور على تلك الالواح، وهذا ما اظهرته سجلات القضية\”.
ويقول هارولد كرونفيلد، محامي جوناثان روزين ان \”هذه الالواح الطينية تم الحصول عليها قانونيا، ووجدت التحقيقات الاتحادية انه لا أدلة على ارتكاب مخالفات\”، مضيفا ان \”والدة رزوين قامت بالتبرع لابنها بها\”.
ويشير محامي روزين الى أن \”عائلة روزين كانت تنوي ان تعيد هذه الالواح الى المؤسسة العامة للبحوث العلمية وللصالح العام، كأداة إعلامية واسعة في تفسير الحياة في العالم القديم\”.
وطالبت الحكومة العراقية بعودة الالواح، العام الماضي، وقام مكتب المدعي العام الاميركي بدور الوسيط قائلا \”نحن لا نتهم أي شخص بارتكاب جريمة، لاعتقادنا بضرورة إعادتها\”.
ورفض مسؤولو جامعة كورنيل التعليق لصحيفة لوس انجلس تايمز، بانتظار اعلان رسمي، لكن الجامعة أصدرت بيانا قالت فيه بأنها \”تعرب عن تقديرها لهذه الفرصة بالاطلاع على الألواح والمشاركة بدراسة هذه التحف التاريخية، التي لا تقدر بثمن، وترحب بفرصة مواصلة هذا العمل، بالاشتراك مع الولايات المتحدة والحكومة العراقية\”.
وقد وافقت الجامعات الأميركية الأخرى مؤخرا على إعادة التحف الفنية القديمة بعد ظهور أدلة تبين أن هذه الالواح قد تم نهبها فعلا.
وتختم الصحيفة الأميركية تقريرها بالقول إن \”مثل هذه الحالات غالبا ما تلعب فيها الجامعات دورا مهما، حيث تقبل بالتبرعات من تجار الآثار، ما يثير تساؤلات معقدة حول الدور الذي تلعبه المؤسسات الأكاديمية في السوق التي تعج بالحاجات التي نهبت مؤخرا\”.