ما تزال أزمة “القوانين الأربعة” قائمة داخل قبة البرلمان، دون توصل الكتل السياسية لحلول بشأنها، برغم الجدل والمشادات التي شهدتها خلال محاولات تمريرها، ففيما أكد نواب استمرار الخلافات، توقعوا أن يلعب رئيس البرلمان الجديد محمود المشهداني، دورا في تقريب وجهات النظر من أجل تمريرها قريبا.
يذكر أن الجدل يتصاعد داخل الأوساط النيابية حول تمرير أربعة قوانين جدلية وهي مشروع قانون اعادة العقارات المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، والتعديل الثاني لقانون العفو العام، وقانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي هيئة الحشد الشعبي، حيث أثار ربط القوانين وفق مبدأ السلة الواحدة انتقادات برلمانية واسعة، مؤكدين أن ذلك يعزز مصالح سياسية معينة.
ويقول عضو اللجنة القانونية البرلمانية عارف الحمامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخلافات بين الكتل والأحزاب ما زالت مستمرة بشأن مشاريع القوانين (المذكورة)، ولا توجد أي تفاهمات جديدة بشأن تمرير تلك القوانين”.
ويضيف الحمامي، “بعد انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، نأمل أن تتوصل القوى السياسية إلى حلول، كما نأمل من الرئيس الجديد محمود المشهداني، أن يلعب دورا مهما في تقريب وجهات النظر للوصول إلى تفاهمات يمكن أن تحسم الخلافات بما يرضي كل الأطراف السياسية، خاصة وأن كل قانون يخص مكون معين”.
ويعتقد النائب “ظهور صعوبة في تمرير أي من تلك القوانين بشكل منفرد، ولذا فإن هناك توجها لحسم القوانين والتصويت عليها في سلة واحدة، وبجلسة واحدة يمكن أن تحدد خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد تجدد الحوارات والنقاشات حول تلك القوانين التي تتضمن إشكاليات سياسية وقانونية”.
وانتخب أعضاء البرلمان، محمود المشهداني، رئيسا جديدا للمجلس، في 31 أكتوبر تشرين الأول أكتوبر الماضي، بعد حصوله على 153 صوتا من مجموع 271، متفوقا على منافسه النائب سالم العيساوي، الذي حاز على 95 صوتا فقط.
ومن المقرر أن ينتهي الفصل التشريعي الثاني في 9 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، فيما تنتهي الدورة البرلمانية الحالية في تشرين الأول أكتوبر 2025.
من جهته، يبين النائب المستقل كاظم الفياض، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الخلاف مستمر ما بين الكتل والأحزاب بشأن القوانين الخلافية، ولذا رفعت آخر جلسة إلى إشعار آخر، ولم تحدد أي جلسة جديدة، بسبب عدم الاتفاق على تمرير تلك القوانين”.
ويؤكد الفياض، أن “مجلس النواب يقترب جدا من دخوله في العطلة التشريعية وهذه العطلة هي لمدة شهرين، ولذا فإن هناك توجها لدى هيئة الرئاسة لتمديد الفصل التشريعي الحالي لمدة شهر واحد فقط، بهدف إيجاد حلول لهذه الخلافات والعمل على تمرير القوانين خلال هذا الشهر”.
ويلفت إلى أن “هناك إرادة سياسية بأن تمرر تلك القوانين بسلة واحدة، حسب اتفاق سياسي ما بين الكتل المتنفذة، خاصة وأن كل قانون يراد تشريعه من قبل مكون معين، فالقوانين الخلافية تخص القوى السنية والشيعية والكردية، وأي قانون يراد تمريره بشكل منفرد من قبل أي جهة يعرقل من الأطراف الأخرى”.
وواجه تعديل قانون الأحوال الشخصية اعتراضات كبيرة، إذ حذر خبراء قانونيون وناشطون مدنيون، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد” من التعديلات التي ينوي البرلمان وضعها على القانون، وفيما أكدوا أنها يمكن أن تنسف أحد أهم التشريعات العراقية، لفتوا إلى أن التعديلات تضع سلطة المذاهب ورجال الدين في مكانة أعلى من سلطة القضاء والقانون.
كما يواجه تعديل قانون العفو العام، اعتراضات ومخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم “داعش”، ويعد هذا التعديل من المطالب الرئيسية لمعظم القوى السنيّة، وكان من بين أبرز الشروط التي وضعتها في مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل التصويت عليها داخل البرلمان في تشرين الأول أكتوبر 2022.
أما بشأن إعادة العقارات لأصحابها، فقد أعلنت الكتل الكردية الخمس في مجلس النواب، في أيلول سبتمبر الماضي، توحيد موقفها لدعم مشروع قانون يهدف إلى إلغاء قرارات حزب البعث المتعلقة بالأراضي الزراعية في المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي.
إلى ذلك، يبين الباحث في الشأن السياسي والقانوني سالم حواس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القوانين في البرلمان العراقي لا تمر وفق الأطر القانونية، بل تمر عبر الصفقات السياسية والإرادات السياسية، ولهذا أي قانون عليه أي اعتراض سياسي لا يمرر إلا بعد وجود اتفاق حزبي على ذلك رغم قانونية تمريره داخل قبة المجلس”.
ويستطرد حواس، أن “هناك قوانين خلافية وجدلية بسبب القوى السياسية وليس مواد وثغرات قانونية أو فنية، وهناك من يريد بقاء تلك القوانين معطلة داخل المجلس حتى تكون أداة للمساومة أو اجبار البعض على التفاوض مقابل تمريرها”، مبينا أن “هناك قوانين على جدل وخلال سياسي منذ سنوات طويلة، وهذه القوانين ستبقى معطلة ومؤجلة لعدم وجود إرادة سياسية لتمريرها، حتى تبقى تستغل خاصة مع قرب أي انتخابات تجري في العراق”.
ويأتي هذا الحراك في إطار الجهود المستمرة للكتل الكردية لاستعادة الأراضي الزراعية التي صادرتها حكومة البعث في المناطق المشمولة بالمادة 140، والتي تشمل كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم دمج قانوني العفو والأحوال الشخصية في جلسة واحدة، ففي آب أغسطس الماضي أدرج مجلس النواب بشكل مفاجئ قانون الأحوال الشخصية في جلسة شهدت قراءة تعديل قانون العفو الذي تطالب به القوى السنية، وهو ما أثار الشكوك حول “مساومة” هذه القوى للتصويت على “الأحوال” مقابل إقرار “العفو”.