صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

المحكمة الاتحادية تهدد قوانين «السلة الواحدة»

جلسة الثلاثاء العاصفة في مجلس النواب، والتي شهدت إقرار ثلاثة قوانين جدلية في “سلة واحدة” بدأت أصداؤها تتردد في أروقة المحكمة الاتحادية للطعن بقانونية التصويت، الأمر الذي إن حدث فإن من شأنه أن يعيد المخاض مجددا لتمرير تلك القوانين، ولكن بشكل منفرد.

يشار إلى أن مجلس النواب، عقد أمس الأول الثلاثاء، جلسة وأدرج على جدول أعمالها، القوانين الجدلية التي لم يتمكن من تمريرها خلال فصله التشريعي السابق، وجرى التصويت عليها دفعة واحدة، وبحسب بعض النواب، فإن رئيس البرلمان محمود المشهداني لم يقرأ القوانين ولم يطلب من النواب التصويت، بل مررها بشكل مباشر.

ويقول النائب عن كتلة إشراقة كانون مصطفى الكرعاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “جلسة (أمس الأول) الثلاثاء، تعد سابقة خطيرة في تاريخ البرلمان وتأسيس جديد للدكتاتورية”.

ويضيف الكرعاوي، وهو عضو اللجنة المالية النيابية، أن “التصويت على ثلاثة قوانين بالمجمل تقييد لحرية النائب ودليل على ذلك قيام رئيس المجلس برفع الجلسة مباشرة بالمطرقة، وترك القاعة دون احتساب النصاب المصوت على القوانين”، مؤكدا: “سنطعن بالجلسة أمام المحكمة الاتحادية بكل تأكيد، لأن رئاسة البرلمان لم تحتسب عدد الأصوات الرافضة والمؤيدة للقوانين”.

وبشأن قانون العفو، يشير النائب، إلى أن “دماء الأبرياء لم تجف حتى الآن حتى يمرر التعديل بهذا الشكل، مع عدم وجود مشكلة في إنصاف المظلومين بقانون العفو العام، لكن تكميم الأفواه وعدم الاكتراث لرأي النواب بذريعة الأغلبية كارثة”.

أما الخلاف حول تعديل قانون الموازنة، فيبين أن “عدم الالتزام بنصوص الموازنة أساس المشكلة بين بغداد وأربيل، لأن الإقليم لم يسلم شيئا إلى الحكومة الاتحادية”، موضحا أن “الإقليم لم يرسل بيانات توطين الرواتب إلى وزارة المالية وغير ملتزم بتسليم الإيرادات غير النفطية وتوطين الرواتب، كما أن حصة العراق في أوبك تناقصت بسبب تهريب النفط من الإقليم”.

وكان النائب هادي السلامي، أعلن أمس الأربعاء، تقديم طعن لدى المحكمة الاتحادية، في دستورية جلسة مجلس النواب، رفقة عدد من النواب.

وصوت البرلمان في هذه الجلسة، على تعديل قانون الأحوال الشخصية، وتعديل قانون العفو العام، وقانون إعادة العقارات لأصحابها في كركوك.

وعقب الجلسة، جمع العديد من النواب، تواقيع لإقالة المشهداني، بسبب اعتراضهم على آلية التصويت على القوانين.

من جانبها، تبين النائب عن كتلة صادقون، مديحة الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجلسة شهدت عدم تنظيم وشابتها الكثير من الشوائب، فرئيس البرلمان محمود المشهداني كان غير موفق في إدارة الجلسة”.

وتوضح أنه “تم التصويت على قانون العفو العام كما جاء من الحكومة ولم يحصل أي تغيير على فقراته، إضافة إلى قانون الحشد الشعبي لم يكن مدرجا على جدول أعمال الجلسة”، متابعة أن “هناك اختلافات كثيرة بشأن جلسة البرلمان الأخيرة، لأن التصويت على القوانين كان بطريقة غير واضحة ويمكن أن يتيح ذلك الطعن بها”.

يذكر أن جلسة البرلمان شهدت فوضى ومشادات بين عدداً من أعضاء مجلس النواب احتجوا على آلية التصويت على القوانين الثلاثة الجدلية، فيما لجأ البعض إلى الصعود فوق منصة المجلس، ما دفع النائب الثاني لرئيس المجلس شاخوان عبد الله إلى رفع الجلسة، وذلك بعد مغادرة المشهداني القاعة عقب إعلانه تمرير القوانين.

وبالانتقال إلى الكتل الكردستاني، فإن النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل، يؤكد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الفوضى في جلسة الثلاثاء لم ولن يشهدها أي برلمان”.

ويستطرد خليل، أن “قانون الأحوال الشخصية لا يرقى لمستوى العفو العام، لأن الأخير تم تسييسه لحساب كتلة معينة ولغايات انتخابية، فهو جاء من الحكومة بفقرة واحدة فقط”، مضيفا أن “تعديل قانون العفو العام منح البراءة لسراق المال العام والمتلطخة أيديهم بالدماء، والجلسة قاطعها نواب المكون الإيزيدي احتراما لدماء الشهداء”.

ويوضح أن “القوانين والحقوق الدستورية يجب منحها لاصحابها مهما طال الزمن، وعلى سبيل المثال كل المكونات مستفيدة من قانون العقارات الذي شهد خلافات كبيرة”.

يشار إلى أن موضوع تمرير القوانين الجدلية والخلافية بنظام ما يعرف بـ “السلة الواحدة” ليس جديدا على البرلمان العراقي، وهو إجراء يتم اللجوء إليه في حال وصول الخلافات بشأن قانون معين الى طريق مسدود، وبشكل يعزز مصلحة الكتل السياسية واستقطاباتها الطائفية والفئوية والجهوية.

ومن جهة أخرى، تلفت رئيس لجنة الأسرة والطفولة النيابية دنيا الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون الأحوال الشخصية واجه اتهامات كثيرة لكن في نهاية المطاف تم تمريره بتصويت أغلب اعضاء البرلمان”.

وتؤكد الشمري، أن “هناك اعتراضات رفعت للمحكمة الاتحادية على تمرير ثلاثة قوانين دفعة واحدة، وفي حال بتت المحكمة الاتحادية لصالح الطعون فإن القوانين سيتم تمريرها منفردة”.

وبشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، تبين أنه “سيتم تشكيل لجان خاصة بكتابة مدونة الأحوال الشخصية الجديدة”.

يشار إلى أن البرنامج الحكومي، تضمن وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم، منها هيئة المساءلة والعدالة، وهو ما نص عليه اتفاق إدارة الدولة، الذي تشكلت الحكومة بموجبه.

وتعقيبا على الجدل القائم حول جلسة البرلمان، يؤكد الخبير القانوني مصدق عادل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قراءة جميع القوانين خلال جلسة البرلمان، أمر مخالف للقانون الداخلي للبرلمان”.

ويشير إلى أن “طريقة المشهداني بعيدة عن الأطر الدستورية والقانونية خلال التصويت على القوانين الثلاثة بسلة واحدة”.

إقرأ أيضا