في قاعة البيت الثقافي بالبصرة أقامت جماعة المسرح المعاصر بالاشتراك مع البيت الثقافي جلسة تأبين مسائية للراحل الناقد المسرحي حميد عبد المجيد مال الله، رافقها معرض فوتوغرافي ضم صوراً عديدة للفقيد شابّاً ومتخرّجاً في دار المعلمين في العام 1959 ومشاركاً في مسرحيات وجلسات ثقافية متنوعة في البصرة أو محافظات غيرها. وتكفل بتهيئة مواد المعرض على نفقته الخاصة الفنان المسرحي هلال العطية وفاءً منه للراحل.
وحضر الجلسة عدد من الفنانين المسرحين والأدباء والكتاب فضلاً عن عائلة الفقيد. أدار الجلسة الكاتب جاسم العايف الذي قال: الراحل أحد مؤسسي جماعة \”كتابات مسرحية\” في أواخر الستينات في البصرة، والتف حولها بعض الشباب والشابات في المدينة واتخذت مقراً لها في نادي الفنون وقدمت بعض عروضها المسرحية على حدائق النادي، وأصدرت بيانها المعنون من (اجل مسرح عراقي متطور)، وفي بيان أصدرته مطلع السبعينات احتجت على منع الفرق المسرحية للهواة من العمل المسرحي، وقصْر نشاطه على الفرق الحكومية، متحدية ومنددة بقرار اتخذته السلطة الجائرة آنذاك، كما أصدر الفقيد بياناً ووقعه باسمه محتجاً فيه على غلق نادي الفنون الذي اتخذته السلطات المحلية في المحافظة.
وقدم العايف سيرة ثقافية مذكراً بمساهمات الراحل في المشهد الثقافي المسرحي في المدينة والعراق. وذكر: إن اتحاد أدباء البصرة طبع كتاب الفقيد الأول المعنون(التدوير الدرامي) دمشق-عام 2010.
وأضاف: إذا تم جمع مقالات الراحل المنشورة في الصحف والمجلات العراقية والعربية فإنها ستكون ضمن أكثر من كتاب في النقد التطبيقي المسرحي، ونوه إلى أن الشاعر عبد الكريم كاصد أهدى مجموعته الشعرية الثانية (النقر على أبواب الطفولة) التي صدرت نهاية عام 1977 إلى حميد عبد المجيد مال الله.وأضاف: أن رحيله المؤسف، بعد مرضه سنوات، بمثابة تتابع حزين ومرير لمسلسل موت المثقفين والمبدعين العراقيين من دون إشارة تقدير يستحقونها، خاصة المرضى منهم، وعدم تقديم الدولة لهم الرعاية المناسبة، بصفتها مستحقات لابد منها في عنقها ، وليس منة من احد مهما كان مركزه، في بلد لا حد لثرائه المادي حالياً.
وألقى الفنان المسرحي هلال العطية كلمة(جماعة المسرح المعاصر) مؤبناً الفقيد ومتحدثاً عن مساهماته ككاتب ومخرج وناقد مسرحي والزمالة العميقة التي ربطته بالراحل المسرحي الرائد جبار صبري العطية.
وتحدث في الجلسة د. عباس الجميلي، موضحاً المكانة المحترمة التي كان يحظى بها حميد فمع انه لم يكن مرتبطاً تنظيمياً بالحزب الشيوعي العراقي لكن محلية الحزب حينها قررت أن يكون احد أعضاء المكتب الصحفي لجريدة \” طريق الشعب\” في البصرة، وأنيط به مسؤولية الإشراف على حلقة من الأدباء والفنانين والكتاب الذين كانوا من المستقلين تنظيمياً، لكنهم من المرتبطين فكرياً بالحزب ويتمتعون بثقته ، وكان يشرف على نشاطاتهم لغرض تغطية النشاط الثقافي- الفني في المدينة وإرسالها إلى جريدتي الفكر الجديد وطريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة، كما إن الفقيد نشر بعض المواد والمتابعات الخاصة بالمسرح في مجلة (الثقافة) التي أصدرها استأذنا الرحل د. صلاح خالص.
وتحدث د. كريم عبود عن خطاب الحداثة المسرحي الذي كان يعتمده الراحل وعده من تفرعات نص النقد المسرحي .كما ساهم في الحديث بعض الحاضرين مستذكرين شخصية الراحل وإخلاصه وجديته لمتابعة الحركة المسرحية في البصرة خاصةً والعراق عموماً.
وتحدث الأستاذ القاص محمد خضير قبل نهاية الجلسة مشيداً بنشاط الراحل ودأبه على متابعة العروض المسرحية في المدينة والمحافظات العراقية التي كانت توجه له الدعوات لحضور مهرجاناتها.
وقد أقترح الأستاذ محمد خضير إقامة متحف يضم ما يمكن أن يتوفر من مخطوطات ومقتنيات لكل الراحلين من الأدباء والكتاب والفنانين في المدينة، وان تسهم بإنشائه مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص والشركات المدنية المتمكنة من خلال التبرع المادي لدعم هذا المشروع.
وقد لاقى مقترح الأستاذ خضير ارتياحاً وتأييداً من الحاضرين، على أمل التقدم به إلى الحكومة المحلية الجديدة في المحافظة والجهات الرسمية والمدنية والشخصيات المتمكنة مادياً. واختتمت الجلسة بكلمة العائلة قرأتها كبرى بناته ، و أشارت فيها إلى علاقته الحميمة بعائلته على رغم انشغالاته الثقافية المتعددة ومتابعاته الجادة الكثيرة للأعمال الفنية.
وأكدت: انه زرع فينا محبة العلم والفن لما لهما من قيم راقية إنسانياً، ثم تقدمت بالشكر لجميع السادة الحضور ولكل مَنْ شارك في الحديث عن والدها خلال الجلسة أو كتب عنه قبل رحيله أو بعده.