قبل أيام، صرخ الدكتور الفنان العراقي المعروف بلاسم محمد بأعلى صوته غاضبا على نصب لأسد من البلاستك -على ما اعتقد مستورد من الصين- وضع في احدى ساحات بغداد المهمة. حصلت جلبة في موقع الفيس بك بسبب هذا الأسد، هنالك من سخر وآخر استغفر، وثالث نقم ورابع وجدها فرصة للنيل من العملية السياسية والحكومة الخ.
هذا الأسبوع، شاهدت أيضا، تمثالا يثير الشفقة، لشاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري في المركز الثقافي لمحافظة بغداد في المتنبي، محاطا بدلال القهوة العربية، وتساءلت، هل الجواهري بهذه النسب النحتية المشوهة كان عاملا في مقهى؟.
وأيضا، شاهدت اليوم، صورة لنصب أقيم في مكان ما في ارض العراق الواسعة، يمثل رمزا مهما من رموز التاريخ الاسلامي والانساني، رمزا يمثل علي بن ابي طالب عن طريق سيفه، ترى السيف معلقا فوق قائمتين على عرض الشارع، وأيضا، تأتي الدلال لتقف بشكلها الضخم قرب مقبض السيف.
عندما تسير في بغداد وتصل الى مداخل الانفاق، تشاهد قلادة من المصابيح الملونة بالوان قبيحة جدا، تذكرك على الفوز بباصات نقل الركاب في باكستان، تلك المكتظة بالراكبين والبؤس، هذا البؤس والفقر امتد ليصل الى شوارع بغداد الجميلة، ترى ماذا حصل؟
لا احد يعرف من المسؤول عن الذوق في مدينة بغداد. حاولت الوصول الى الإجابة، مرة سمعت ان امانة بغداد هي المسؤولة، ومرة سمعت ان محافظة بغداد هي صاحبة اللجنة الاصلية التي تجمّل مدينتنا. اذكر اني قدمت عدة مشاريع لامين بغداد السابق الاستاذ عبد الحسين المرشدي، وكان معي الأستاذ الدكتور بلاسم محمد بافكاره الجميلة، والشاعر حميد قاسم باحلام مدينة تشبه مدينة دبي التي عاش بها فترة، والشاعر والكاتب الساخر وجيه عباس وهو يلطف أجواء اجتماعاتنا الليلية المتأخرة، الرجل وافق على كل ما اقترحناه، بل وصدرت أوامر إدارية عظيمة لم تصدر من قبل في امانة بغداد، مثلا، بناء اربع قاعات عرض تشكيلي في بغداد وإقامة الجداريات الملونة المستوحاة من اسم مدينة بغداد تاريخيا، وكذلك انشاء نافورات ماء في كل ساحة من ساحات بغداد لتلطيف صيف بغداد على أهلها، والكثير من المشاريع المهمة، وفي وقتها أعلنت هذه الأشياء في الاعلام ونشرتُ الأوامر الادراية الصادرة من مكتب امين بغداد السيد المرشدي، ماذا حصل بعد ذلك؟ لا شيء!.
اعتدنا في العراق على ان كل امة تأتي تلعن الامة التي قبلها. هكذا ضاعت الكثير من ملامح هذه المدينة التي قدر لها ان تبقى رهينة امزجة حاكميها الجهلة بالغالب جماليا، فكل رئيس يلغي خطوات من سبقه وكل وزير يفعل الشيء ذاته، وكل مدير عام يبدأ عمله بالبحث عن أخطاء من سبقه، لفضحه دون ان يدري ان هذا القدر الاعوج، سيأتي ببديل عنه يبحث في ملفاته ذات يوم لينسف كل ما قام به هذا المدير العام.
رسالتي الى السيد امين بغداد وكالة الأستاذ نعيم عبعوب المحترم، هل سأجد باب مكتبك مفتوحا لاكمال ما خططنا له مع السيد الأمين السابق، من اجل بغداد اجمل، ام ستلغي كل تلك الأوامر الإدارية التي قضينا الساعات والساعات لمناقشتها والتخطيط لها (بدون أي مقابل) وتلعننا ومشاريعنا لأننا من امة سبقتك؟