أطلقت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، نسخة جديدة من مسودة قانون اقترحته ليكون عقدا قانونيا يضمن الحقوق المهدورة للصحفيين في البلاد التي تسجل أعلى نسبة استهداف للعاملين في مهنة المتاعب والموت، وعلى الرغم من ان الصحافة توصف بأنها \”صاحبة الجلالة\”، فان الصحفيين يعيشون وضعا مأساوياً على صعيد الاعتراف بالحقوق، او الوصول الى المعلومة، والأمن الشخصي، وملاحقة السلطات.
المشروع الجديد، هو مسودة التعديل الأول لقانون حقوق الصحفيين.
وكان مجلس النواب أقر قانون حقوق الصحفيين العام 2011، بالرقم 21، غير ان القانون الذي أسهمت فيه الجمعية ونقابة الصحفيين ولجنة الثقافة والإعلام النيابية، لم يكن يلبي الطموح، وشابته مواطن ضعف كثيرة، فضلا عن مؤاخذات قانونية مهنية.
وفي استبيان للرأي بشأن القانون المقرّ اجري في الربع الأول من العام 2013، وأسهم فيه 250 صحفيا بواقع 160 صحفيا يعملون في الصحافة المقروءة، و33 في المسموعة، و57 في المرئية، تبين ان 85 % من العينة العشوائية ينظرون بسلبية الى القانون.
أمس الاحد، أعلنت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، مسودة تعديل أول للقانون، ترى انها تجاوزت الكثير من الاخطاء التي شابت القانون، وبينت في بيان تلقت \”العالم الجديد\” نسخة منه ان \”الجمعية اكملت مقترح التعديل بنسخته الاولى مطلع العام الحالي، وأرتأت عرضه على الغالبية العظمى من الصحفيين والاعلاميين قبل تقديمه بشكل رسمي الى مجلس النواب، بعد اخذ ملاحظات وآراء المئات من الصحفيين والاعلاميين والخبراء القانونيين فضلا عن الاستماع لاستشارات دولية متخصصة\”.
وفي التفاصيل، قال عدي حاتم رئيس الجمعية لـ\”العالم الجديد\”، أمس، عبر فيسبوك أنه \”بعد تشريع البرلمان لقانون حقوق الصحفيين في اب 2011، توجهت الجمعية الى المحكمة الاتحادية للطعن به، وفعلا رفعنا دعوى طعن لديها، لجهة ان القانون يعيد تفعيل 5 قوانين من القوانين الموروثة من الحقبة السابقة فضلا عن مخالفته لـ4 مواد دستورية\”.
ولفت الى ان \”المحكمة الاتحادية ردت الدعوة في تشرين الاول 2012، في سابقة خطيرة دون الاستناد الى اي مادة قانونية، لذا تشاورنا مع شريحة واسعة من الصحفيين والاعلاميين، وابلغناهم باللجوء الى خيارين؛ اللجوء الى محكمة حقوق الانسان الدولية والمحاكم الدولية الاخرى، وتقديم مقترح تعديل يزيل اي عراقيل في هذا القانون على حرية الصحافة ويضمن حقوق اوسع للصحفيين\”.
وتابع \”شَرَعنا في مطلع تشرين الثاني الماضي، في اعداد مقترح تعديل قانون حقوق الصحفيين، وشارك فيه العديد من الصحفيين والخبراء القانونيين فضلا عن الفريق القانوني والمستشارين الاعلاميين، ومع مطلع العام 2013 اكملنا اعداد المقترح، وطلب منا مجلس النواب ان نقدم له المقترح مباشرة، لكن الهيئة الادارية للجمعية كان لها رأي آخر، بأن نقدم المقترح الى البرلمان بعد عرضه على الوسط الصحفي ومعرفة رأيهم به\”.
وكشف حاتم ان \”مسودة القانون ستقدم الى مجلس النواب في ايلول المقبل\”، مبينا ان \”القانون بصيغته المقرّة، يمثل تحديا كبيرا وخطرا حقيقيا على حرية الصحافة بصورة خاصة وحرية التعبير بصورة عامة، لاسيما وانه يحتوي على 5 مواد ضارة، تستند الى قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969، وقانون المطبوعات رقم 206 لعام 1968، وقانون وزارة الاعلام لسنة 2001، وقانون الرقابة على المصنفات والافلام السينمائية رقم 64 لسنة 1973، وقانون نقابة الصحفيين لسنة 1969\”.
وبحسب مرصد الحريات في العراق، تعرض الصحفيون والعاملون معهم في العراق لهجمات متتالية منذ الغزو الاميركي العام 2003، حيث قتل 261 صحفيا عراقيا واجنبيا من العاملين في المجال الإعلامي، منهم 145 صحفيا قتلوا بسبب عملهم الصحفي وكذلك 52 فنيا ومساعدا اعلاميا، فيما لف الغموض العمليات الاجرامية الاخرى التي استهدفت بطريقة غير مباشرة صحفيين وفنيين لم يكن استهدافهم بسبب العمل الصحفي، واختطف 64 صحفياً ومساعدا اعلاميا قتل اغلبهم ومازال 14 منهم في عداد المفقودين.
ويرى الكاتب والاعلامي أثير محمد شهاب في حديث مع \”العالم الجديد\”، ان \”الصحفي في العراق يتعرض الى اخطر هجمة بتضييق الحريات، بعد الضريبة الكبيرة التي دفعها إبان حقبة الدكتاتور، اذ لا وجود لمؤسسات صحفية عراقية تؤمن بالخطاب الديمقراطي الذي يوفر للصحفي انتقاد من يرغب بانتقاده بموضوعية، لذا لا وجود لمؤسسات صحفية ديمقراطية، انما هناك أديولوجيا محكومة بالفكر المغلف بالعقائد الميتة\”.
ويجد شهاب في تعديل قانون حماية حقوق الصحفيين \”ضرورة\”، مشددا على انه \”لابد من إجتراح قانون يضمن للصحفي الحديث بحرية، والعيش بكرامة في وطن يقدس الاهانة ولا يرغب بالإنسان النبيل\”.
وينبه الى ان \”الصحفي العراقي يتعرض الى انتهاك جائر من قبل الدولة والمؤسسات الاهلية التي يعمل فيها، لجهة عدم ضمان حقوقه في ظل عدم وجود عقود للعمل، وممارسات التسريح التعسفي، ولا يجد من يقف معه. في حين نجد في دول اخرى ان الصحفي مع انتقاله الى مؤسسات اخرى يأخذ معه شهادة عمل وراتب نهاية الخدمة بمعنى ان هناك قانونا يحميه\”.
ويجد الكاتب والصحفي واثق صادق، ان \”نصوصا كثيرة في القانون المقرّ غير واضحة ومبهمة، وبالامكان ان تفسر عبر اجتهادات يكون الضحية فيها الاعلامي نفسه. وخير دليل، الارتفاع غير المسبوق في عدد الشكاوى المرفوعة على الصحفيين والاعلاميين خلال العام الماضي\”.
ويلفت صادق في حديث لـ\”العالم الجديد\”، ان \”القانون بصيغته الحالية لا يعترف سوى بالمنتمين الى نقابة الصحفيين، فضلا عن الضبابية التي تكتنف نصوصه بدءا من تعريف الصحفي، لذا لابد من اعادة النظر فيه وانصاف شريحة كبيرة من الاعلاميين غير المنتمين الى النقابة، فضلا عن نوعية الحقوق التي نص عليها القانون\”.
وانتقد القانون بوصفه \”لا يوفر ضمانات وظيفية حقيقية، ومتساهلا مع اصحاب المؤسسات والادارات، بمعنى ان لا وجود لضوابط تخضع إدارات المؤسسات لتنظيم علاقتها مع العاملين فيها، خاصة من الاعلاميين والصحفيين المحترفين، ناهيك عما يتعلق بحرية الوصول الى المعلومات وسهولة تدفقها الذي بقي هو الآخر محل جذب ورد من قبل المتخصصين في الشأن الاعلامي والقانوني\”.
ويشير صادق الى ان \”الفترة الماضية حفلت بالعديد من الشواهد الخاصة باحتكار المعلومات، وعدم القدرة على الوصول اليها من جهة، والتضييق الكبير الذي يعانيه الصحفيون في نقاط حساسة ومفصلية من عملهم، الى جانب تعرض بعضهم الى التسريح التعسفي المرتبط بأمزجة وميول اصحاب المؤسسات او المتنفذين فيها\”.
ويرى الصحفي احمد حسن الياسري في تصريح لـ\”العالم الجديد\”، ان \”ما يسمى بــ(قانون حقوق الصحفيين) الذي شرعه البرلمان، كرس تكميم الافواه وسمح لأي جهة بالاعتداء على الصحفيين، بالتالي الخطوة التي تبنتها جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، من خلال اعادة الصيغة الاول من القانون، ايجابية وتصب لصالح المحافظة على الديمقراطية وممارسة الحريات\”.
ويوضح ان \”الجمعية بتعديلها لفقرات القانون، قامت بإيجاد ضمان وظيفي حقيقي للصحفيين والمحافظة على حقوقهم، فنحن نعلم بان كثيرا من الصحفيين يعملون في مؤسسات اهلية وهم مهددون في اي وقت بالتسريح، وهذا ما حدث مؤخرا مع كادر جريدة العالم السابق، ورأينا جميعا ان حقوقهم قد سلبت\”.