حذّر ضابط استخبارات عسكرية أمريكي سابق من “قوى مظلمة” داخل “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة، تسعى لدفعها نحو مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، متهما شخصيات أمريكية بالهجوم الأوكراني الأخير على القاذفات الاستراتيجية الروسية، ما شكل تصعيدا خطيرا يهدد الأمن الدولي.
وقال الجنرال مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس السابق لوكالة استخبارات البنتاغون، إن ترامب واجه في ولايته السابقة قيودا ممنهجة على تحركاته، خاصة في ملف العلاقات مع موسكو، عبر ما وصفه بـ”خدعة روسيا غيت”، داعيا إلى “تطهير مؤسسات الدولة من العناصر التي تتصرف خارج إرادة الشعب”.
تترجم “العالم الجديد” نص المقال الذي نشره فلين على حسابه في منصة إكس:
1- بينما تبقى الغالبية العظمى من الأمريكيين غافلة بفضل الإعلام المؤسسي، يتم التلاعب بأعظم قوتين في العالم – الولايات المتحدة وروسيا – من قبل قوى مظلمة داخل وخارج حكومتنا، نحو مواجهة عسكرية كبرى لا ترغب بها أي دولة، ولا يتمناها أي شخص عاقل.
2- ليس لي أي دور في إدارة ترامب، ولكن من خلال مسيرتي الطويلة في الخدمة العسكرية النظامية، وتحديدًا في الاستخبارات العسكرية، حرصت على بناء شبكة مصادر معلومات واسعة حول العالم. واستنادًا إلى ما توصلت إليه، أود أن أشارك مخاوفي العميقة بشأن من يقف خلف هذا الدفع نحو الحرب، وتوصياتي حول كيفية تجنب بلدنا والغرب مواجهة عسكرية كبرى مع روسيا.
3- أعتقد أن الدولة العميقة الأمريكية يهيمن عليها أفراد يحملون كراهية عميقة وغريزية وغير عقلانية لروسيا، وهؤلاء تآمروا لحصار خيارات الرئيس ترامب من خلال خدعة “روسيا غيت”. في زمن كان فيه الاتحاد السوفييتي يتمدد ويتسلل إلى مؤسساتنا، كنت معارضًا صريحًا للشيوعية. لكن، رغم أكاذيب الدولة العميقة، فإن روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفييتي، وبوتين ليس ستالين. وحتى بعد انكشاف كذبة “روسيا غيت”، لا تزال محاولات ترامب لتحقيق السلام تُقابل بالمقاومة. الإعلام المؤسسي، الذي يتأثر بل ويُدار أحيانًا من قبل الدولة العميقة، وصف ترامب ومن يعمل معه بأنهم “دمى بوتين” لدفعه نحو اتخاذ خطوات عدائية وغير مبررة ضد روسيا. هذه الأصوات لا تعكس إرادة الشعب الأمريكي، ولا حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا”، ويجب تجاهلها تمامًا، بل والسخرية منها.
4- على مدار معظم الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وخاصة منذ تأسيس وكالة الاستخبارات المركزية عام 1947، عملت هذه القوى الخفية وغير المنتخبة على زعزعة استقرار العالم، وجلبت الموت، والمجاعات، والاغتيالات، والعنف، والانقلابات، والاحتجاجات، والثورات، والدمار لكوكبنا. وهي اليوم تسعى لاستفزاز روسيا للدخول في صراع عسكري كبير – وربما نهائي – مع الغرب.
5- هذا الاستفزاز يأخذ أشكالًا عدة. وآخرها كان الهجوم المفاجئ بطائرات مسيرة على الترسانة الاستراتيجية الروسية، والذي قيل إنه طال 40 قاذفة قنابل – أي نحو ثلث أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسي. وبما أن القاذفات الروسية والأمريكية مكشوفة للأقمار الصناعية بموجب اتفاق، فإن استهدافها يعد سابقة خطيرة. فإذا كانت القاذفات الروسية عرضة للهجوم دون رد، فالأمريكية كذلك. بذلك، لم يُضعف الهجوم روسيا فقط، بل عرّض أمريكا للخطر. من أصدر هذه الأوامر في الحكومة الأوكرانية أصبح عدوًا ليس فقط لروسيا، بل للولايات المتحدة أيضًا. وما زاد الطين بلة هو استهداف جسر كيرتش الواصل بين روسيا والقرم بعد هذا الهجوم.
6- لا أعتقد أن هذا التصعيد الأخير ضد الأسطول الروسي تم بتفويض من الرئيس ترامب أو بالتنسيق معه. بل أرى أن الدولة العميقة باتت تتصرف خارج سلطة القيادة المنتخبة. هؤلاء الأشخاص داخل الدولة العميقة يسعون عمدًا لاستفزاز روسيا نحو مواجهة شاملة مع الغرب، بما في ذلك أمريكا. وقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد أولئك الذين يسيئون استخدام سلطتهم داخل مؤسسات الدولة للتلاعب بقيادتنا المنتخبة.
7- نشأت في عائلة ديمقراطية أيرلندية في رود آيلاند، وكنت في الخامسة حين اغتيل جون كينيدي، وكان بطلًا في نظر عائلتنا. لم تكن تلك النظرة حكرًا علينا، فقد كان أحد أكثر الرؤساء محبة لدى الشعب الأمريكي. في عام 1961، تعرض كينيدي لمحاولات تلاعب من قِبل الدولة العميقة آنذاك، لدفعه لإرسال الطائرات لضرب كوبا بعد فشل غزوها، مما كاد أن يشعل حربًا مع الاتحاد السوفييتي. وفي خطابه الشهير بجامعة أمريكا عام 1963، أعلن رؤيته للسلام مع الاتحاد السوفييتي، وأعلن عداوته للدولة العميقة، والتي تشير كل الأدلة إلى أنها انتقمت منه بعد خمسة أشهر في دالاس. الدولة العميقة الأمريكية لا تهدد السلام فقط، بل تهدد رئيس الجمهورية نفسه.
8- لقد واجه الرئيس ترامب بالفعل محاولتي اغتيال على الأقل. وإذا كان ثمة شخص واحد يمتلك الشجاعة وحب الوطن لتطهير الحكومة من هذه القوى، فهو دونالد ترامب. بعد حادثة إطلاق النار في بتلر، بنسلفانيا، أظهر ترامب شجاعة شخصية يحترمها كل من خدم في الجيش. ومن منطلق محبتي للرئيس، أناشدُه أن يخاطر مرة أخرى بمواجهة الدولة العميقة ويتخذ خطوات لطرد أعداء الأمة من داخل الوكالات والمؤسسات الحكومية. هذا الإجراء ضروري لتحقيق السلام الذي وعد به خلال حملته وفي بداية رئاسته.
9- عندما أدرك الرئيس كينيدي أنه يُستغل ويُعارض بسبب سعيه للسلام، أقال ألين دالاس من منصب مدير الاستخبارات المركزية وعددًا من مساعديه. وأنا أناشد الرئيس ترامب أن يطهر الحكومة فورًا من كل من كان لديه علم مسبق أو شارك بأي شكل في الهجوم الأوكراني على القاذفات الروسية، وأن يعلن في الوقت نفسه وقف كل أشكال الدعم للحرب في أوكرانيا. ترامب محق: هذه ليست “حربه”. وأناشدُه بسحب جميع الأفراد العسكريين والحكوميين، العلنيين والسريين، من أوكرانيا، والتحقيق معهم من قبل الـFBI أو الجيش بشأن احتمال مشاركتهم في أنشطة عسكرية غير مصرّح بها. ويجب التحقيق مع أي أمريكي ساعد أوكرانيا في هذه الهجمات، ومقاضاته إذا لزم الأمر.
10- أعتقد أيضًا أن على الرئيس ترامب أن ينأى بنفسه عن بعض القادة الغربيين، مثل المستشار الألماني فريد ميرتس، الذين تصرفوا وتحدثوا بشكل غير مسؤول بخصوص الحرب في أوكرانيا. إذا كانت هناك دول أوروبية ترغب في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، فهذا شأنها، ويجب ألا تتفاجأ برد فعل الرئيس بوتين على ذلك. وإذا قرر هؤلاء القادة أن يقودوا بلادهم إلى الحرب، فليفعلوا ذلك وحدهم.
11- كما أناشد الرئيس ترامب أن يبتعد عن دعاة الحرب في حكومتنا، وعلى رأسهم السيناتور ليندسي غراهام. من يحبون الحروب التي يقاتلها الآخرون ليسوا أصدقاء لأمريكا، ولا يستحقون أن يكونوا أصدقاء للرئيس.
12- وأخيرًا، أناشد الشعب الأمريكي أن يقف بثبات وبصلاة مع الرئيس ترامب بينما يقوم بتطهير المؤسسات ويتحرك نحو السلام الذي تبناه الرئيس كينيدي. السلام ليس الوضع الطبيعي للبشر. والحرية لها ثمن يجب أن تدفعه كل جيل. وقد حان وقت تجديد التزامنا بالسلام والحرية معًا.